الأرجح أن ظهور حياة ذكيّة في سياق تشكّل الكون بعد ال «بيغ بانغ»، يشكّل حدثاً يتحدى قوانين علم الاحتمالات. إذ أجرى باحث حساباً عن ذلك الاحتمال فوجد أن أقل من واحد على تريليون مرفوع إلى قوة تريليون، أي واحداً على رقم يتألف من واحد إلى يمينه 144 صفراً! عبّر باحث آخر عن الأمر نفسه بالقول: «إن احتمال انبثاق الحياة من ال «بيغ بانغ» يشبه احتمال أن يربح الشخص نفسه جائزة يانصيب كبرى في ألف سحب متتالٍ مع استخدام الأرقام نفسها في كل سحب! يبدو الأمر مستحيلاً، إلا إذا كان هناك من يهيمن على تلك العملية كلها. وبدأ كثير من العلماء باستنتاج أن هناك من يهندس ويصمم خلق الكون». دفع الفهم المتجدد لأعجوبة الحياة البشرية في الكون بجورج غرينشتاين، وهو عالم فلك بريطاني ملحد، إلى القول إنه «أمر غير معقول. إننا فجأة، ومن دون تخطيط، وقعنا على البرهان العلمي لوجود مصمّم أعلى». ويشرح جاسترو حال التردّد لدى العلميين إزاء قبول حقيقة الخالق الأعلى. وقال: «هناك ديانة علمية. إنها ديانة الأشخاص الذين يؤمنون بوجود حال من النظام والتناغم في الكون مستمرة منذ الأزل. لكن الإيمان الديني لدى العلماء اصطدم باكتشاف أن للكون بداية حدثت في شروط لا تنطبق عليها قوانين الفيزياء المعروفة، وهي نتيجة لقوى أقوى من أن نستطيع تخيّلها». في المقابل، يبدو أمراً مفهوماً أن يبحث علماء عن تفسيرات أخرى لا تعيد الهندسة الدقيقة للكون إلى خالق أعلى. يذهب هوكينغ إلى افتراض إمكان وجود أكوان أخرى غير مرئيّة وغير خاضعة للبرهان العلمي، مع احتمال أن يكون كوننا قابلاً لنشوء الحياة. في المقابل، يصعب إخضاع تلك الفرضية للتمحيص بالطرق العلميّة، باعتراف هوكينغ نفسه، أقرب إلى الميتافيزيقا. ولأن الأمر يتعلّق بوصف غير علمي بتاتاً، رفض عالِم الفيزياء الفلكيّة البريطاني الملحد بول دافيس، فكرة هوكينغ، بل اعتبرها مبالغة في الخيال. ووفق السير فريد هويل، يستمرّ هوكينغ في حملة البحث عن شروحات علمية حول أصل الكون، فيما يعترف علماء آخرون بحتمية وجود خالق. وعلى رغم أن آينشتاين لم يكن مؤمناً، فإنّه وصف العبقرية التي ترعى الكون بأنها «ذكاء أسطوري التفوّق، لا يشكل تفكير البشر وإنجازهم سوى انعكاس ضئيل يكاد يكون بلا معنى، بالمقارنة مع الذكاء الأعلى». وأمضى العالِم الملحد كريستوفر هيتشينز معظم حياته يكتب ويحاضر ضد «فكرة الله»، لكنه أصيب بإحراج شديد عندما لاحظ أن الحياة برمتها «لم تكن لتوجد لو كانت الأمور اختلفت عما هي عليه بدرجة طفيفة، بل بشعرة واحدة»!