تخوض أجهزة الأمن اليمنية عمليات كر وفر مع عناصر في تنظيم «القاعدة» تنفذ عمليات اغتيال تستهدف ضباط أمن في أجهزة الأمن السياسي (الاستخبارات) اليمنية في محافظة عدن (جنوب) وعدد من المحافظات الجنوبية والشرقية انتقاماً لمقتل الزعيم الروحي للتنظيم في اليمن أنور العولقي وعدد من قادته وعناصره في غارات شنتها طائرات أميركية من دون طيار الشهر الماضي في صحراء محافظة الجوف (شمال غربي البلاد)، بالإضافة إلى مقتل وجرح العشرات من قادة التنظيم ومسلحيه في محافظة أبين واعتقال العشرات في مواجهات مع قوات الجيش خلال الأشهر الماضية. وقالت ل «الحياة» مصادر مطلعة في عدن إن أجهزة الأمن حصلت على معلومات خطيرة تفيد بأن العشرات من عناصر «القاعدة» تمكنوا من التسلل إلى عدن من محافظة أبين المجاورة خلال الأشهر والأسابيع الماضية بهدف تنفيذ عمليات «إرهابية» انتحارية تستهدف منشآت ومصالح حكومية وأجنبية ومعسكرات للجيش، بالإضافة إلى مخطط اغتيالات منتقاة في لائحة تتضمن قياديين في أجهزة الأمن على علاقة مباشرة بمكافحة الإرهاب في عدد من المدن والمحافظات. وأشارت هذه المصادر إلى أن أجهزة الأمن تمكنت من اعتقال تسعة من عناصر «القاعدة» في عدن خلال أسبوعين، بينهم أربعة على الأقل ضمن لائحة مطلوبين لديها تشمل أكثر من 250 شخصاً. وأضافت بأن نحو 20 من هؤلاء المطلوبين غير يمنيين من صوماليين وآسيويين ومن جنسيات عربية وخليجية. وفي هذا السياق فشلت قوات تابعة للجيش في اقتحام وسط مدينة زنجبار عاصمة أبين للمرة الخامسة خلال شهرين، حيث لا يزال مسلحو «القاعدة» ومتشددين مرتبطين بالتنظيم يسيطرون على معظم أحياء المدينة ويتخذون من مبنى المحافظة والمجمع الحكومي مركزاً لقيادة عملياتهم ضد القوات الحكومية منذ أواخر أيار (مايو) الماضي. وقالت المصادر إن وحدات من الجيش انسحبت من أماكن تمركزها على مشارف المدينة، فيما قامت قوات أمنية متخصصة في مكافحة الإرهاب بتطويق المدينة من جهة الغرب على حدود مدينة عدن المجاورة، وأقامت خنادق وتحصينات وحواجز اسمنتية لمحاصرة المسلحين داخل زنجبار ومنعهم من أي محاولات تقدم باتجاه عدن ذات الأهمية الاستراتيجية. وأكدت ل «الحياة» مصادر محلية في زنجبار أن القوات الحكومية تستعين بالطيران الحربي لمهاجمة مواقع «القاعدة» في المدينة والمناطق المحيطة بها، وقالت إن قصفاً عنيفاً نفذته وحدات الجيش يومي الاثنين والثلثاء على مواقع في زنجبار ومنطقة باجدار أسفر عن مقتل وجرح عشرات المسلحين المتشددين هم 9 يمنيين وخمسة من جنسيات غير يمنية. وأضافت إن معلومات سربتها وحدات الجيش تفيد بأن من بين القتلى موريتانياً وجزائرياً يدعى «سمير بومدين» وسعودياً يدعى «الصيادي» وصوماليين اثنين. وكانت السلطات اليمنية أعلنت الاثنين القبض على قيادي بارز في «القاعدة» يدعى عبد الإله الظاهري، «أمير» التنظيم في مديرية مودية (شمال غربي زنجبار)، على يد مسلحي القبائل الموالية للحكومة، بعد اشتباكات عنيفة بين رجال القبائل والمسلحين أسفرت عن مقتل شخصين وجرح خمسة آخرين من القبليين في منطقة تعرف باسم نقطة اللجان الشعبية ومصرع عنصرين من حزب «التجمع اليمني للإصلاح» المعارض، في مقابل مقتل ثلاثة من «القاعدة». وكان تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» بثّ في تقرير على شبكة الإنترنت، صوراً تنشر للمرة الأولى للعولقي ورفيقه الأميركي من أصل باكستاني سمير خان، واللذين قتلا في هجوم بطائرة أميركية من دون طيار، الجمعة 30 أيلول (سبتمبر) الماضي في منطقة صحراوية بين محافظتي مأرب والجوف. وتظهر الصور كلاً من العولقي وخان وهما يحملان أسلحة، بالإضافة إلى صور شخصين يمنيين قضيا في الهجوم ذاته، هما محمد بن محسن من قبيلة عبيدة بمحافظة مأرب وسالم بن عرفج من قبيلة دهم بمحافظة الجوف. وانتقد التقرير، وهو الثاني من وكالة «مدد» الإخبارية التي أنشئت حديثاً، الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي قال إنه «بدا متناقضاً في حديثه (عن مقتل العولقي) عندما زعم بأن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية يبدو ضعيفاً (...) ثم قال إن القاعدة في الجزيرة العربية ما زالت تشكل خطراً». كما انتقد موقف حزب «التجمع اليمني للإصلاح» الإسلامي المعارض في اليمن من قتل العولقي، مستشهداً بما جاء على لسان أمينه العام محمد السعيدي عندما قال: «إن حزب الإصلاح لا يستنكر ولا يؤيد مقتل العولقي، على رغم أن منظمات حقوقية أميركية دانت الحادث واعتبرته عملاً خارجاً على القانون». ونقل التقرير عن أحد قادة المجاهدين قوله إن «المعركة لن تتوقف باستشهاد الشيخ، بل إن دماءه حية لمبادئه، وسوف تكون محرضة للمؤمنين، في كل مكان ليسلكوا طريق الجهاد الذي سلكه الشيخ»، متوعداً بالثأر لمقتله. بالإضافة إلى ذلك، تضمن التقرير صورة الانتحاري عبدالرحمن العدني الذي فجر نفسه بسيارة مفخخة في موكب وزير الدفاع اليمني في عدن، الثلثاء 27 أيلول (سبتمبر) الماضي، بينما كان الوزير ومعه رئيس هيئة الأركان في طريق عودتهما من محافظة أبين حيث كانا يشرفان على المعركة الدائرة مع مسلحي «أنصار الشريعة». وأدى الانفجار إلى إصابة الوزير إصابة بالغة بينما قتل وجرح عدد من مرافقيه. وتطرق التقرير إلى العديد من العمليات العسكرية التي تبناها التنظيم خلال الشهرين الماضيين، وبينها صد محاولة توغل لقوات تابعة للواء 25 ميكانيكي في أبين باتجاه زنجبار ما أسفر بحسب قوله عن مقتل 30 جندياً وتدمير أربع دبابات، بالإضافة إلى اغتيال أحد عناصر الأمن السياسي بمحافظة حضرموت، ومحاولة اغتيال أحد الطيارين في سلاح الجو اليمني في عدن بعبوة ناسفة زرعت في سيارته، وتم اكتشافها قبل انفجارها. وفي السياق ذاته، أكد التقرير ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن قيام جماعة «أنصار الشريعة» بتنفيذ أحكام القصاص بحق متهمين بارتكاب جرائم جنائية في مدينة جعار الواقعة تحت سيطرة «القاعدة» منذ آذار (مارس) الماضي، ومن بينها إقامة «حد السرقة على ثلاثة أشخاص، وحد القتل على اثنين من القتلة بعد أن عرض أنصار الشريعة الدية على أولياء الدم فرفضوها وطالبوا بالقصاص، كما قاموا بتطبيق حد الخمر على شارب للخمر في جعار». ونقل التقرير عن أهالي مدينة جعار «ارتياحهم لإقامة الحدود الشرعية في مدينتهم» و «تأكيدهم أنها قللت من انتشار جرائم السرقة والقتل».