لم يتوقع المواطن إبراهيم فرحان أن تهطل الأرواح عليه مثل هطول المطر من السماء، حيث تحدث بحزن عن نفوسٍ وقعت بين يديه، فبسطها لاستقبال مزيدٍ من الأرواح الهابطة إلى الأرض والهاربة من لهيب النار. يتحدث فرحان إلى «الحياة» من دون أن يحرك يديه التي أُبرحت ألماً بعد ساعات من إنقاذه العشرات من طالبات المرحلتين الابتدائية والمتوسطة اللائي بدأن في التساقط من الطوابق العلوية، فيقول: «أشعر بحزنٍ وأسى شديدين لما رأته عيناي لفتيات يهربن من الموت بفزع». وقال: «عندما رأيت رؤوس الفتيات والمعلمات تتبدى من وراء نوافذ الطوابق العلوية فزعةً مضطربة، هرعت أنا ومن حولي من الجمهور في مناداة المعلمات والطالبات بأن يبقين في الأسطح، ولا يرمين بأنفسهن على الأرض والحديد، إلا أن البعض منهن لم يسمعن النداءات وبدأن في السقوط واحدةً تلو الأخرى بدافع الهلع والخوف من مصير الاحتراق».br / وأضاف قائلاً: «شاهدت خمس طالباتٍ يخرجن من الشبابيك بعد كسرها، وبدأت في رش جسمي بالماء في محاولة مني للدخول إلى المدرسة وإنقاذ أعدادٍ كبيرة، لكن الدخان الكثيف ذا اللون الأسود والحرارة العالية، منعني من الدخول». وأوضح أنه «عندما لم أستطع الدخول إلى المدرسة، عدت إلى مشاهدة النوافذ والصرخات تعلو المكان، ورأيت فتياتٍ يتساقطن على الأرض، فمددت ذراعي لاستقبال المزيد من الأرواح التي همت بالتساقط، حتى أصبحت غير قادر على الحركة بسبب العدد الكبير للطالبات المتساقطات على الأرض». وأشار إلى أن الكثير من المتطوعين ساعدوه في استقبال الحالات الكثيرة التي كانت تتساقط، فيما استعان مجموعة من الأشخاص ببطانيات لاستقبال الطالبات ممن يقمن برمي أنفسهن على الأرض، ومن ثم نقلهن إلى سيارات الإسعاف. ويعود بالحديث إلى الوضع الذي عاشته تلك الحالات المتساقطة من الطوابق العلوية، ويؤكد أن الكثير منهن أصبن بالاختناق ولم يعدن يستطعن الحركة أو الكلام، بل إن بعضهن فقدن الوعي من شدة حرارة النيران التي بدأت في الصعود إلى الطوابق العلوية. ووجد فرحان صعوبة في أن يتمالك نفسه من شدة الفاجعة، ومشاهدة ذلك المنظر أمامه في ساحة المدرسة، وعلى الغطاء الخاص بساحة المدرسة، مشيراً إلى أن الموقف كان غايةً في الصعوبة، خصوصاً وأن هناك العشرات من الطالبات الصغيرات اللائي يدرسن في المراحل الإبتدائية، ولم يستطعن إنقاذ أنفسهن من الحريق. ويضيف أن بعض هؤلاء الطالبات تعرضن للاختناق بسبب كثافة الدخان الذي تدفق من البوابة الرئيسة للمدرسة، وهو ما أسهم في إعاقة خروج أعدادٍ كبيرة من الطالبات والمعلمات، حيث لجأن الى الأسطح والطوابق العلوية للمدرسة، ما أدى إلى تساقط حالات كبيرة على الأرض بعد شعورهن بالإعياء نتيجة الدخان الكثيف.