بغداد - أ ف ب - يرى محللون أن رفض العراق تأييد موقف الجامعة العربية تجاه تعامل سورية مع الحركة الاحتجاجية فيها، خطوة تحكمها دوافع طائفية، إذ أن الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة تفضل بقاء العلويين على رأس النظام السوري، بدل السُنّة. ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حميد فاضل إن «العراق منقسم طائفياً، والشيعة يؤيدون الرئيس السوري بشار الأسد» انطلاقاً من العامل الديني بعد ثمانين عاماً من الهيمنة السُنّية على مقاليد الحكم في العراق. وتولى الشيعة الذي يشكلون الغالبية السلطة، إثر غزو العراق العام 2003، وإسقاط نظام صدام حسين. وتشعر التيارات التي تحكم العراق بتقارب أكبر تجاه بشار الأسد، ممثل الأقلية العلوية في سورية والتي تعد أحد فروع المذهب الشيعي، منه إلى الغالبية السُنّية هناك التي تستطيع في حال توليها الحكم، أن تدعم العراقيين السُنّة ما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الأوضاع في العراق. ويرى فاضل أن «التقسيم الطائفي أصبح حقيقة في العراق عبر مطالبة السياسيين بتشكيل أقاليم سُنّية وشيعية، وسيحدث الأمر ذاته في سورية، وسيكون النظام فيها مثل النظامين القائمين في العراق ولبنان». وتشهد سورية حركة احتجاجية غير مسبوقة منذ منتصف آذار (مارس) الماضي أسفر قمعها عن سقوط 3500 قتيل، وفقاً لآخر حصيلة نشرتها الأممالمتحدة في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. وتتهم السلطات السورية «عصابات إرهابية مسلحة» بارتكاب أعمال عنف في البلاد. وامتنع العراق عن التصويت على قرار الجامعة العربية الأسبوع الماضي تعليق عضوية سورية فيها لحين قبول الأسد تطبيق المبادرة العربية لإنهاء العنف ضد المتظاهرين. ورغم أن جميع القادة الشيعة في العراق أكدوا دعمهم لتطلعات الشعب السوري إلى الحرية، إلا أنهم في الوقت ذاته دانوا الخطوات التي اتخذتها الدول العربية بحق سورية. وكان الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ اعتبر أن قرار «تعليق عضوية سورية غير مقبول، خصوصاً أن الجامعة العربية لم تفعل ذلك تجاه بلدان أخرى تواجه أزمات أكبر من سورية»، في إشارة خصوصاً إلى البحرين حيث تجري منذ آذار (مارس) الماضي عمليات قمع دموي للشيعة الذين يشكلون الغالبية هناك، من قبل النظام السُنّي الذي يحكم البلاد. بدوره، أبدى الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر رد فعل مماثلاً، وقال في رسالة موجهة إلى «الثوار في سورية الحبيبة» الخميس الماضي: «كونوا مطمئنين بأنني مؤمن تماماً بقضيتكم». لكنه لم يدع إلى إسقاط نظام الأسد. وأشار إلى «الفارق الكبير» بين الأحداث في سورية و «الثورات الكبيرة في تونس ومصر وليبيا والبحرين او اليمن» التي جرت هذا العام. ولفت إلى أن «أحد الأسباب هي أن بشار الأسد معارض للوجود الأميركي والإسرائيلي ومواقفه واضحة، ليس مثل من سقط من قبله أو سيسقط» بعده. ويرى المحلل في «وحدة الاستخبارات الاقتصادية» في لندن علي الصفار أن بغداد تفضل المحافظة على الوضع الحالي لأنها «تخشى أن يؤدي سقوط الأسد إلى دعم الغالبية السُنّية في سورية ما قد يؤدي إلى عدم استقرار، ينسحب على العراق أيضاً». ويشترك العراق مع سورية بحدود تمتد إلى 605 كليومترات، حيث تقع محافظات عراقية ذات غالبية سُنّية كانت ينظر إليها خلال الأعوام الماضية على أنها معاقل للتمرد ضد الولاياتالمتحدة والحكومة العراقية. ويلفت الصفار أن «الحكومة العراقية اتخذت موقفاً حازماً ضد العنف في البحرين»، معاكساً لموقفها تجاه الأوضاع في سورية. وتابع أن «هذا الأمر يصعب شرحه (للسُنّة) وتبريره بدوافع أمنية، وليس طائفية». ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد احسان الشمري، أن العراق قلق من تصرفات دول الخليج. ويوضح أن «هناك خشية في العراق من صعود بعض التيارات المعادية للعملية السياسية في الداخل السوري، ولها امتدادات مع المنظومة الخليجية... العراق يريد أن يوصل رسالة إلى المنظومة الخليجية مفادها أنه لا يمكن أن يركع أمام مشيئة هذه المنظومة، التي تدفع نحو تصيعد الأزمة في سورية».