أكد الدكتور معجب الزهراني أن ما حدث للدكتورة سعاد المانع في نادي الباحة الأدبي الأسبوع الماضي خلال انتخابات النادي، ومحاولة بعض المتشددين إنزالها من على المنصة إذ كانت تجلس مواجهة للجمهور من الرجال، «أمر مثير»، ولا مجال «للجدل أو الحوار مع شخص لا يسمع إلا ما يقول ولا يثمّن غير ما يفعل»، متمنياً «من جهة ما أن تبادر ولو بشكل سري، إلى إرسال فريق مناصحة لهؤلاء النفر الذين ورطوا المئات من شبابنا في التشدد والتزمت والتطرف، ولا يزالون مصرّين على العمى والغفلة ذاتها»، مقترحاً الشيخ عائض القرني «ليعلمهم شيئاً من فنون المرح والابتسام والهشاشة والبشاشة، والشيخ سلمان العودة ليدربهم على طرق التفكير الشرعي المتعقل الرصين، والشيخ أحمد الغامدي ليبين لهم أن وجه المرأة ليس عورة وصوتها ليس فتنة ومشاركتها في الحياة ليست محظوراً بل هو الواجب عينه وذاته. ولو سمح لي وشاركت في مهمة نبيلة كهذه، فالمؤكد أن لديّ ما أقوله عن فنون الأدب والعمارة والنقش والغناء والرقصات الشعبية في منطقة أسلم أهلها قبل أربعة عشر قرناً وحسن إسلامهم، وظل أهلها يحسنون العمل ويحبون الترويح عن النفس في كل عرس أو عيد». وقال معجب الزهراني ل «الحياة» إن الشخص المتعصب «يتمنى أن يصحو من نومه فلا يجد في العالم من حوله سوى نفسه ومن يشبهه. والسبب في ذلك أنه يعاني أزمات ذهنية ونفسية تجعله يتوهم ويصدق أنه الوحيد الذي يمثل الحق وينطق بالحقيقة، ومن يخالفه أو يختلف عنه يمثل خطراً أو شذوذاً لا بد من إصلاحه أو الخلاص منه. ونظراً لكون الخالق جل وعلا فطر الحياة كلها على التنوع والاختلاف والتناقض، عادة ما يقنع المتعصبون بكل فئاتهم وانتماءاتهم الدينية والعرقية والأيديولوجية إلى الحل الأسهل. وأعني بذلك الحرص على التميز عن الآخرين في الزي والخطاب والتصرف، حتى لكأن الشخص يتحول إلى أيقونة جامدة يدل مظهرها على فرادتها. ونحن نعرف اليوم أن الباحة عرفت مثل غيرها هؤلاء النفر الذين يعيشون ويتصرفون كما لو أنهم أوصياء على عقول الناس وأخلاقهم وضمائرهم. لكن الشيء المؤكد اليوم أن عددهم في انحسار وشوكتهم إلى انكسار». وأضاف: «قبيل سنوات لم يكن لنادي الباحة في الوسط الثقافي حضور يذكر، لأنه خضع لهذه الفئة سواء من باب القناعة أو من باب المسايرة ودرء الفتنة. لأكثر من عشر سنوات لم يحدث شيء يستحق الاهتمام، وفي منطقة يشكل النادي مؤسستها الثقافية الأهم. بل إن المفارقة بلغت حداً مضحكاً، إذ اشتكت بعض المؤسسات الدينية في المنطقة، من تعدي النادي الأدبي على مجال عملها واختصاصها لكثرة الأنشطة الوعظية التي يتضمنها»، معتبراً أنه «لا غرابة إذاً أن يحن أحمد العماري ومن على شاكلته إلى تلك السنوات العجاف، لأنهم لم يتقبلوا حقيقة التغيرات التي طرأت على النادي بل وعلى المجتمع كله في السنوات الأخيرة. وحرصهم على عضوية النادي والمشاركة في الانتخابات - وكم يكرهونها بما أنها لعبة ديموقراطية غربية - هو نشاط أيديولوجي في العمق»، مشدداً على أنهم «غير معنيين بشيء اسمه الأدب والثقافة بالمفهوم الذي يتداوله الناس خاصتهم وعامتهم. \ وحينما لاحظوا أثراً قوياً لمسيرة الإصلاح وسيرورة التغير، وأنهم لن يفرضوا على الآخرين توجههم الضيق والخطر، كان لا بد أن يحدث شيء مما حدث». ولفت إلى أن حضور الدكتورة سعاد المانع، كان «مجرد ذريعة لإعلان الموقف وبأكبر قدر ممكن من صخب القوة والعنف. لا ألوم ولا أدين. أشير فقط إلى أنني ضحكت كثيراً من حجتهم وهم يعلنون أن من خصوصية الباحة ألا تشارك المرأة في الحياة كاشفة وجهها. فكل من عاش في هذه المنطقة الزراعية الخصيبة في ما مضى، يدرك أن جداتنا وعماتنا وأمهاتنا وأخواتنا كن وإلى وقت قريب جداً، يملأن الساحات والطرقات والمزارع والوديان والجبال، وكل واحدة منهن تعمل وتنتج وتشارك في كل أنشطة الحياة اليومية السعيدة والشقية. طبعاً لم يقرأوا روايات المشري، ولن يقرأوها ليتذكروا ويدركوا خصوصية الباحة هذه. ولو ذكرهم أحد من الناس بهذا الواقع لقالوا إن تلك الحياة البسيطة السوية جاهلية خرجنا منها ولن نعود إليها».