أثارت محاضرة قدمها الدكتور سلطان القحطاني، في مركز حمد الجاسر الثقافي صباح الخميس الماضي حول الموسوعة العربية العالمية التي تبنى مشروعها الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وأدارها الدكتور عبدالعزيز المقوشي وسط حضور أدباء ومثقفين وناشرين جدلاً حول التأليف في الموسوعة، فاستعرض الدكتور أحمد الضبيب جانباً من التاريخ العربي للموسوعات، قبل أن يشير إلى أن الموسوعة العربية العالمية لا تغني عن التفكير في موسوعة عربية شاملة. وطالب الدكتور عز الدين موسى بتطويرها. وأجاب القحطاني على مداخلة حول اختيار الموسوعة العالمية، مؤكداً أنها لم تكن الخيار الأفضل، لوجود أفضل مثل دائرة المعارف البريطانية والموسوعة الفرنسية واليابانية، لكن ربما كانت لإدارة الموسوعة اعتبارات ووجهات نظر أخرى. وحول تساؤلات عن قلة الإضافات فيها على رغم امتلاك حقوق الملكية الفكرية إضافةً وتعديلاً، أكد القحطاني أن الأصل في العمل أن تكون الموسوعة ترجمة للنسخة العالمية، وهو ما حدا بالدكتور صالح الغامدي أن يطلب المداخلة ليؤكد أن مداخل كثيرة تمت إضافتها وأخرى عدلت بطريقة علمية، موضحاً أنها موسوعة جمعت الحسنيين. بدوره، عارض الدكتور محمد الهدلق طرح القحطاني المصرّ على عدم وجود تأليف، مستشهداً بمشاركته في كتابة 11 مدخلاً منها بشكل كامل، من بينها مدخل اجتهدت فيه عن عمود الشعر العربي، وتساءل ألا يعتبر ذلك تأليفاً؟ فيما عقب عليه القحطاني بأنني لا أستطيع أن أقول ان ما تم من إضافة وتعديلات يعتبر تأليفاً، مشيراً إلى أن تعديل بعض الجمل والفقرات، أو حتى الاستغناء عن بعض المداخل من دون تعديلها أو الحذف منها يعود لأنها لا تتفق مع ثقافة الموسوعة العربية، قبل أن يتراجع ويقر بالتأليف، مشدداً عللى أنه لم يكن القضية الأساسية. من جهته، وعد مساعد المدير العام لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية للشؤون الثقافية والإعلامية الدكتور عبدالعزيز المقوشي بالعمل على تطوير الموسوعة. وقال في نهاية المحاضرة ان التطوير حاضر في اعتبار المؤسسة، خصوصاً أننا تلقينا الكثير من الملاحظات والإضافات والاقتراحات. وكان عرض خلال تقديمه المحاضرة جانباً من دور المؤسسة في الشأن الثقافي وإسهامات الأمير سلطان رحمه الله في تأسيس أول مركز للدراسات الإسلامية بجامعة كاليفورنيا، وتأسيس مركز الملك عبدالعزيز للدراسات في بولوينا، إضافة لدعمه الكبير للثقافة الإسلامية والعربية في منظمات ثقافية مثل الايسيسكو واليويسكو. وكان الدكتور سلطان القحطاني كشف أن الموسوعة العربية العالمية التي تكفل بمشروعها الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ضمن أعمال مؤسسته الخيرية، أسهمت وبشكل ريادي في تأسيس تجربة علمية حضارية جديدة في مجال إنتاج الموسوعات. وقال إنها كانت بداية حقيقية لصناعة موسوعات عربية، إذ فتحت الطريق لموسوعات عربية ومحلية في وقت كان المشهد العربي في فقر شديد إليها سواء كان منهجياً أو ثقافياً، مشيراً إلى أن ذلك كان أحد أهداف الموسوعة السامية. ولفت القحطاني إلى أن عمل الموسوعات عمل مؤسسي وعلمي ضخم، «كنا نفتقده في مدارسنا ومناهجنا بشكل عام، قبل إصدار هذه الموسوعة، فلم يكن هناك أي منهج يتحدث ولو حتى بالإشارة لكيفية عمل الموسوعات كعمل علمي»، مسلطاً الضوء على أهداف الموسوعة وقال ناهيك عن سد ثغرة في المكتبة العربية، وتوفير مادة متنوعة متكاملة على هيئة ملخصات ومداخل تشمل جميع أنواع المعرفة، فثمة أهداف أخرى تفوق ذلك، أهمها توحيد مواد الموسوعة عبر لغة سهلة وغير متكلفة، تتم من خلالها معالجة المواضيع بكل مرونة لكل شرائح المجتمع، حتى يفهمها الجميع على اختلاف مستويات تعليمهم التخصصية، قبل أن يلفت إلى ما تحلت به الموسوعة من تحري الإنصاف في نقل معلوماتها في ما يتعلق بالعرب والمسلمين وثقافات العالم الآخر، فلم يكن هناك ميل لتوجهات من دون غيرها، ولا تجن على أديان أخرى. وأشار القحطاني إلى اهتمام إدارة الموسوعة بمسألة التوثيق قبل أن تخرج طبعتها الأولى وفق منظور علمي ومركز وإن شابه بعض القصور والذي أمكن تلافيه بكل سهولة في الطبعات التالية.