دمشق، نيقوسيا، عمان - «الحياة»، أ ف ب - رويترز - خرج عشرات الآلاف في سورية أمس في تظاهرات في مدن عدة، مطالبين الدول العربية بطرد سفراء سورية في عواصمها احتجاجاً على استمرار الحملة الامنية العنيفة ضد المتظاهرين، بالرغم من مساعٍ للحل السياسي تقودها الجامعة العربية وتستهدف اولاً وقف العنف ضد المدنيين. وقال ناشطون ومراكز حقوقية إن العشرات سقطوا امس بين قتيل وجريح، خاصة في درعا وريف دمشق وحمص وحماة، التي شهدت تظاهرات كبيرة وسط هتافات «يا بشار اسمع اسمع ولا تتحدى هذه الثورة مانك قدها (لن تستطيع مقاومتها)». وأوضح الناشطون ان قوات الامن اطلقت الرصاص الحي لتفريق التظاهرات في ريف دمشق ودرعا ودير الزور، كما قطعت الاتصالات الارضية والخلوية عن معرة النعمان في ادلب، مشيرين إلى أن الانتشار الأمني كان كثيفاً في غالبية المدن. في موازاة ذلك، خرجت تظاهرات مؤيدة للنظام في عدة مدن تهتف: «شبيحة للأبد كرمال عيونك يا أسد»، فيما قتل عنصران من قوات حفظ النظام بانفجار عبوة ناسفة في حماة وسط سورية. وأفادت لجان تنسيق الثورة السورية، ان ما لا يقل عن سبعة عشر مدنياً بينهم اربعة اطفال قتلوا امس، هم «ثمانية شهداء في درعا وأربعة في حماة وثلاثة في ريف دمشق وشهيدان في حمص». وأوضح المرصد السوري لحقوق الانسان، أن طفلاً أُصيب بإطلاق رصاص من حاجز في حي البياضة في حمص، مشيراً الى انه «لا يستطيع احد الاقتراب منه خوفاً من ان يطلق عليه الرصاص، مثلما حصل في حالات سابقة». وفي ريف دمشق، ذكر المرصد ان «قوات الأمن أطلقت النار بكثافة لتفريق التظاهرات التي خرجت في مدينة حرستا، مما أدى إلى إصابة أربعة متظاهرين بجراح». وأضاف المرصد أن الاتصالات الأرضية والخليوية قطعت عن مدينة معرة النعمان في ريف إدلب التي خرجت فيها تظاهرة حاشدة «رغم اطلاق الرصاص، الذي أسفر عن إصابة 17 متظاهراً». وأفاد المرصد انه تم «إطلاق رصاص من قبل قوات الامن السورية لتفريق تظاهرة خرجت في درعا (جنوب) كما استخدم الرصاص الحي لتفريق تظاهرات خرجت في دير الزور (شرق)»، مشيراً الى «خروج تظاهرة حاشدة في بلدة القورية (ريف دير الزور). اما في ريف درعا (جنوب)، فذكر المرصد ان «مدن جاسم وأنخل ونوى والحارة شهدت انتشاراً أمنياً وعسكرياً كثيفاً وحصاراً للمساجد لمنع خروج التظاهرات بعد صلاة الجمعة»، مضيفاً: «نفّذت قوات الامن حملة اعتقالات استباقية في بلدة حسم الجولان طالت سبعة اشخاص». وفي محافظة ادلب (شمال غرب) قال المرصد: «خرجت تظاهرة في بلدة التح تنادي بإسقاط النظام هاتفة: حرية للأبد غصبا عنك يا اسد»، فيما افادت لجان التنسيق المحلية التي تشرف على متابعة أحداث الثورة، ان «عصابات الامن والجيش والشبيحة تقوم بمحاصرة مساجد كفرنبل (ريف ادلب) وجميع مداخل المدينة ومخارجها لمنع المصلين من الخروج في تظاهرة». وأشارت لجان التنسيق المحلية، إلى أن تظاهرات خرجت في ريف دمشق وبعض احيائها وريف إدلب وحماة وفي ريف حلب وريف درعا وفي شرق سورية كدير الزور والحسكة والقامشلي. ففي دمشق، ذكرت اللجان على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي: «خرجت تظاهرة قبيل صلاة الجمعة في حي الميدان»، مضيفة أن «الأحرار في حي القابون كانوا على الموعد رغم الحصار والتهديد، ورغم الكثافه الكبيره» لقوات الامن. وبيَّنت شرائط فيديو بثتها مواقع معارضة، خروجَ متظاهرين في حي العسالي في دمشق وهم يهتفون: «يا بشار اسمع اسمع ولا تتحدى هذه الثورة مانك قدها (لن تستطيع مقاومتها)». كما بينت هذه الشرائط تظاهرات في احياء من حمص يهتف المشاركون فيها «إسلام ومسيحية بدنا كرامة وحرية». وأظهر أحد الأشرطة التي بثتها هذه المواقع، تظاهرة مناهضة للنظام في الزبداني (ريف دمشق) شارك فيها المعارض البارز كمال اللبواني الذي أفرجت عنه السلطات السورية مؤخراً وهو يرفع إشارة النصر. وذكر ناشطون أن متظاهرين في مدن سورية عدة خرجوا في يوم «جمعة طرد السفراء» السوريين المعتمدين في الخارج للمطالبة بإسقاط النظام السوري الذي تزداد عزلته. وكتب الناشطون على موقع الثورة السورية: «انهم سفراء الإجرام، اطردوهم أيها الأحرار». ودعت الهيئة الى «التعبئة الثورية» في جميع المدن والمحافظات والمناطق السورية، مؤكدة على التظاهر «بشكل سلمي وحضاري، معلنين اعتصامات وعصيانات مدنية لا تنتهي الا بالانتصار الكامل للثورة، وبإسقاط النظام ومحاسبة أركانه أمام قضاء وطني نزيه». من جهة ثانية، شهدت عدة ساحات عامة في العاصمة دمشق تظاهرات شاركت فيها عدة آلاف للتعبير عن تأييدهم للرئيس السوري بشار الاسد، حاملين الأعلام السورية وصور الاسد وهم يهتفون: «شبيحة للأبد كرمال عيونك يا أسد». كما أقسم مؤيدو النظام خلال تظاهراتهم على الخروج في كل يوم جمعة الى الساحات العامة للتعبير عن موقفهم، وردّدوا: «الساحات لنا، الساحات لنا». في موازاة ذلك، نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر رسمي «استشهاد عنصرين من قوات حفظ النظام واصابة ضابط بجروح خطيرة جراء انفجار عبوة ناسفة في حي القصور بحماة»، كما أصيب اثنان من عناصر حفظ النظام برصاص مجموعات مسلحة استهدفتهم بالقرب من الجامع العمري في درعا. وتابعت «سانا» أن «وحدات الهندسة فككت عبوة ناسفة بوزن 7 كيلوغرامات في درعا معَدّة للتفجير من بُعد بواسطة جهاز لاسلكي مقابل حديقة الباسل المجاورة لدوار الحمامة على محور تحرك عناصر حفظ النظام، وتمكنت الجهات المختصة في درعا من تحرير شرطيين اثنين كانت المجموعات المسلحة قد اختطفتهم من مخفر الكرك اليوم. كما تم إلقاء القبض على أحد المسلحين في بلدة تسيل». وفي إدلب، افادت الوكالة الرسمية: «في إطار تعقب الجهات المختصة للمجموعات الإرهابية المسلحة في محافظة إدلب، تم فجر اليوم إلقاء القبض على 10 إرهابيين مطلوبين داخل قبو مهجور في معرة النعمان. وتمت العملية بناء على تحريات قامت بها الجهات المختصة، بيّنت أن عدداً من الإرهابيين فروا من بلدة كفرومة إلى المعرة. وتمت مداهمة المكان بشكل مفاجئ وعثر بداخله على عدد من الدراجات النارية بالإضافة إلى كميات من مادة الحشيش». ونفت «سانا» خروج تظاهرات في القابون والقدم عسالي. وقالت: «هذه الأخبار غير صحيحة إطلاقاً، والمواطنون أدوا صلاة الجمعة بهدوء وتوجهوا عقبها إلى منازلهم وأشغالهم من دون أي إشكالات». كما نفت مراسلو «سانا» في إدلب وحماة وريف دمشق «الأخبار التي بثت حول إطلاق نار على المواطنين، مؤكدين أن هذه الأخبار عارية عن الصحة ولم يحدث أي شيء من هذا القبيل إطلاقاً». واشارت الوكالة الرسمية الى انه «لا صحة إطلاقاً لما قيل حول اقتحام جامع الغزي في مدينة جبلة»، مشيرة إلى أن محافظة اللاذقية «عموماً تشهد حالة من الهدوء ولم تسجل فيها أيُّ إشكالات، كما أنها لم تشهد أي تجمعات، داعية المواطنين للتنبه إلى خطورة هذه الأخبار التي يراد منها إثارة الفوضى وتشويه صورة سورية في سياق الحملة التحريضية التي تنفذها المحطات المغرضة خدمة لأجندات خارجية تريد النيل من سورية». وكان عشرات المتظاهرين اصيبوا ليلَ الخميس الجمعة برصاص قوات الامن السورية خلال تفريقها اعتصاماً في احدى بلدات ريف دمشق أحرق خلاله المتظاهرون مخفر البلدة احتجاجاً على اعتقال امرأة في تظاهرة مناهضة للنظام، كما افاد المرصد السوري. وقال المرصد: «أُصيب عشرات المواطنين بجراح في بلدة يبرود في ريف دمشق اثر اطلاق قوات الامن السورية الرصاص الحي لتفريق المواطنين الذين اعتصموا في البلدة وأضرموا النار في مخفر للشرطة». وأوضح المرصد ان الاعتصام جرى «احتجاجاً على اعتقال عناصر من الشرطة لسيدة خلال تظاهرة خرجت مساء امس الخميس في البلدة». من جهة ثانية، اعلن المرصد ان مسلحين يُعتقد انهم تابعون لجهاز امني، اغتالوا في مدينة حمص استاذاً جامعياً. وقال المرصد في بيان ثان: «اغتيل مساء الخميس الدكتور محمد فرحان ابو الخير الاستاذ في كلية الحقوق بجامعة البعث، بإطلاق رصاص عليه امام منزله قرب المركز الثقافي في حي المحطة في مدينة حمص». وأضاف المرصد نقلاً عن شهود عيان، أن ثلاثة مسلحين كانوا على متن سيارة بيك أب اطلقوا الرصاص على الاستاذ الجامعي ولاذوا بالفرار، مشيراً الى انه «بحسب الشهود، فإن العناصر الذين كانوا في داخل السيارة يُعتقد انهم تابعون لأحد الأجهزة الامنية في المدينة». وكانت حصيلة سابقة اوردها المرصد أكدت مقتل 16 مدنياً في سورية اول من امس.