لتحديد مواقع النجوم، اعتمد العالِم جوهانز هيفيلياس على ملاحظاته الشخصية، إضافة إلى بيانات جمعها من تافولي رادولفين الذي وضع مؤلّفاً سماه «برودورماس أسترونوميا»، وهو فهرس يضم 1564 نجمًا. ولرسم النجوم في نصف الكرة الجنوبي، لم ينسخ هيفيلياس الرسوم السابقة، المبنية على ملاحظات يبلغ عمرها قرنًا، ولكنه أشار إلى القياسات الأكثر حداثة التي سجلها العالِم إدموند هالي عام 1676، خلال بعثة علمية إلى جزيرة «سانت هيلانة» في جنوب المحيط الأطلسي. وذكرت ماندرينو أن أطلس هيفيلياس أظهر إحدى عشرة مجموعة نجمية جديدة للمرة الأولى، حينها، وسبع منها تستخدم حتى الآن وهي: الترس والسلوقيان والأسد الأصغر والوَشَق والسُدس والعظاءة والثعلب. وأخيرًا، لكي يقوم بتمثيل تلك المجموعات النجمية على الورق، تخلى هيفيلياس عن النظرية التي تبنَّاها أسلافه الذين رسموا القبة السماوية كما نراها عندما نرفع أعيننا إلى السماء. ولكنه عرض مجموعات النجوم، كما ستبدو إن استطعنا أن ننظر إلى القبة الزرقاء من الخارج. وهذا الخيار من شأنه أن يعكس مواقع النجوم، كما لو كانت تُرى من خلال مرآة. كان جوهانز هيفيلياس عالم فلك وبائع خمر. وقد وُلِد جوهانز هيفيلياس، أو جان هيويلياس بلغة بولندا بلده، في 28 كانون الثاني (يناير) 1611 في مدينة «دانزيغ»، التي تعرف الآن باسم «غدانسك». وكان والداه، أبراهام هويلكي وكوردولا هيكر، من منتجي الخمر الأثرياء. بعد انتهائه من المرحلة الثانوية، درس القانون في مدينة ليدن. وسافر إلى إنكلترا وفرنسا، حيث التقى علماء كباراً مثل بيار جاسيندي ومارين ميرسين وأثاناسيوس كيرتشر. وفي عام 1634، عاد إلى دانزيغ مرة أخرى، حيث شغل الكثير من المناصب الحكومية (رئيس بلدية في عام 1651). ومثل والديه، أصبح ناجحاً في إنتاج الجعة وبيعها. بدأ هيفيلياس الاهتمام بعلم الفلك عام 1639. وسرعان ما أصبح هذا العلم محور اهتمامه. وفي عام 1641، قام ببناء مرصد خاص على سطح منزله في دانزيغ، وتكون من ثلاثة منازل متجاورة. وكان المرصد مجهَّزاً بمعدَّات رائعة، تحتوي على تلسكوب بلا إطار داخلي، يبلغ طوله 45 مترًا، وهو عبارة عن سلسلة من العدسات مُثبَّتة على هيكل خشبي. وزار المرصد أفراد من العائلة المالكة في بولندا. وفي العام 1679 قصده إدموند هالي ممثلاً ل «الجمعية الملكية» في لندن، التي انضم إليها هيفيلياس عام 1664. ورصد هيفيلياس بعض البقع الشمسية. ورسم سطح القمر، ما جعله مؤسساً لدراسة تضاريس القمر. واكتشف 4 مذنبات. وفي عام 1679، نشب حريق في المدينة، وهو ما كان معتاداً في ذلك الوقت، فدُمّر المرصد، بما فيه من مُعِدَّات، إضافة إلى المكتبة والمطبعة.