في أولى رحلاته الخارجية منذ وصوله الى البيت الأبيض في كانون الثاني (يناير) الماضي، ينطلق الرئيس الأميركي باراك أوباما بجولة أوروبية غداً، لتسويق أجندته الاقتصادية في قمة مجموعة العشرين وسياساته الخارجية في شأن حرب أفغانستان والمنظومة الأمنية، في قمتي حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. ويلتقي اوباما خلال رحلته خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في أول اجتماع له مع زعيم عربي، كما ستكون تركيا إحدى محطات الجولة. وعلى عكس سلفه جورج بوش، يستفيد أوباما من نجومية أقرب الى جون كينيدي في الخارج، ونهج سياسي أكثر قبولاً لدى الأوروبيين يسعى من خلاله الى بناء تحالفات، خصوصاً في أوروبا. وتستمر رحلة اوباما الى نهاية هذا الأسبوع، وتشمل الحلفاء التقليديين لأميركا في القارة الأوروبية، أي بريطانيا وفرنسا وألمانيا الى جانب تشيخيا. وستكون تركيا المحطة الختامية للجولة. وتحيط بزيارة الرئيس الأميركي التحديات الاقتصادية والأمنية وتجاذبات مع بعض الحكومات المشاركة في قمة العشرين، خصوصاً لندن وموسكو، بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية والإرث الثقيل لإدارة بوش. وسيشارك أوباما في قمة العشرين في لندن الخميس المقبل. كما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس سيلتقي في العاصمة البريطانية خادم الحرمين الشريفين، في أول لقاء من نوعه. وقال نائب مستشار الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية دينيس ماكدونو ان المحادثات ستتناول الاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفغانستانوباكستان، في ظل سعي واشنطن الى «فهم أفضل» للآلية التي تمكّن دول الخليج من مساعدة هاتين الدولتين. كما سيكون على طاولة المحادثات البرنامج النووي الإيراني والتطورات في المنطقة. وكان لافتاً تشديد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس امس على ان إيران «تفهم لغة العقوبات اكثر من الديبلوماسية». وأبلغ مسؤول أميركي «الحياة» ان لقاء أوباما بالملك عبدالله يهدف الى تأكيد «العلاقة المميزة بين الجانبين وتقدير واشنطن لدور السعودية على الساحتين الإقليمية والدولية». وسبق أن أجرى الزعيمان اتصالين هاتفيين منذ انتخاب أوباما، كما وجه الرئيس الأميركي ونائبه جوزيف بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون برقيات خاصة الى القيادة السعودية لتأكيد عمق هذه العلاقات. وسيكون الشأن الاقتصادي والتعاون الدولي، خصوصاً مع دول آسيا، العنوان الأساسي لمشاركة أوباما في قمة العشرين، اذ حدد الناطق باسم البيت الأبيض روبرت جيبس أهدافها باتخاذ إجراءات عالمية «متضافرة» لإطلاق النمو الاقتصادي العالمي ووضع «خطة إصلاح لمنع تكرار الأزمات الاقتصادية العالمية». وتتطلع واشنطن الى دور فاعل للصين في هذا المجال، وسيكون لأوباما لقاء مع رئيسها هوجنتاو، كما سيجتمع الرئيس الأميركي برئيس الوزراء البريطاني غوردون براون والرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ورئيس وزراء الهند مانموهان سنغ ورئيس كوريا الجنوبية لي ميونغ باك. وسيتوجه أوباما بعد لندن الى فرنسا وألمانيا للمشاركة في القمة الستين لحلف شمال الأطلسي، وسيلقي خطاباً في ستراسبورغ حول العلاقات بين ضفتي الأطلسي، كما سيلتقي المستشارة الألمانية أنغيلا مركل ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي. ويتوقع أن تطغى على محادثات أوباما الحرب في أفغانستان، ومحاولة واشنطن ضمان تعاون ومساعدات مدنية وأمنية من الحلف لكابول، كما سيتخللها البحث في مسألة أمن القارة وبرنامج الدرع الصاروخية. وفي تشيخيا، يشارك اوباما قي قمة الاتحاد الأوروبي ويلقي خطاباً حول مكافحة الانتشار النووي، يتطرق فيه الى الملف الإيراني ومشروع الدرع الصاروخية. وينطلق الرئيس الجديد من خلفية سياسية أكثر براغماتية وانفتاحاً على الأوروبيين من سلفه جورج بوش، خصوصاً بسبب حاجة واشنطن الماسة الى تعاونهم في ملفي أفغانستانوإيران وفي القارة الأفريقية. وفي أنقرة، يلتقي اوباما الرئيس عبد الله غل ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ثم يتوجه الى اسطنبول حيث يعقد طاولة حوار مع طلاب مدارس وجامعات، في محاولة للتواصل مع شريحة الشباب في الشرق الأوسط وجنوب آسيا. وأكد البيت الأبيض ان واشنطن تعتبر تركيا عنصراً أساسياً وحيوياً في حلف شمال الأطلسي وهي «قامت بدور رائد في المفاوضات السورية - الإسرائيلية» غير المباشرة، كما أنها «بمثابة الجسر الحقيقي بين آسيا وأوروبا». وعشية مغادرته واشنطن، قال اوباما أمس، ان القوات الأميركية ستنفذ ضربات تطاول أهدافاً لمسلحين داخل باكستان اذا لزم الأمر، لكنه أكد ان هذه القوات لن تطارد المسلحين عبر الحدود الأفغانية. كذلك أكد الرئيس الأميركي انه لا ينوي تسريع انسحاب قوات بلاده من العراق، لافتاً الى انه حتى وإن تقدم هذا البلد «في الاتجاه الصحيح»، سيظل في حاجة الى مساعدة الولاياتالمتحدة.