طرابلس - رويترز - قال مسؤولون ليبيون ومقاتلون إن صراعاً دامياً أشاع التوتر في طرابلس على مدى ثلاثة أيام قد تم حله، على رغم تواصل إطلاق النار والانفجارات بالقرب من العاصمة الليبية حتى بعد ظهر الأحد. وكانت الاشتباكات محدودة إذا ما قورنت بتبادل القصف الصاروخي ونيران المدافع الرشاشة يوم السبت، مما أسفر بحسب قول مسعفين عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل. وقال مسؤولون إن التهدئة ترجع إلى اتفاق بين قادة من العاصمة وتجمعات منافسة من بلدة الزاوية وقادة عشائر من قبيلة ورشفانة. وقال رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبدالجليل إنه يعتقد أن الأمور تمضي نحو نوع من الاستقرار، وألقى باللائمة في أعمال العنف - التي أثارت مخاوف من انقلاب الثوار الذين أطاحوا معمر القذافي على بعضهم بعضاً - على ثوار سابقين «غير مسؤولين». وقال عبدالجليل الذي ذكر بعض أعضاء المجلس الوطني انه شارك شخصياً في مفاوضات مطولة منذ يوم الجمعة في محاولة لإنهاء الاشتباكات بين رجال من الزاوية والقبيلة المجاورة، إن العمل يجري لتسوية المشكلة وإن هناك أملاً في تحقيق ذلك قريباً. وأضاف عبدالجليل في مؤتمر صحافي أن الجانبين يتبادلان اتهامات كثيرة وأن أحداً لا يعرف مدى صحة هذه الاتهامات. وكان عبدالجليل يشير على الأرجح إلى اتهامات من الزاوية لقبيلة ورشفانة بأن موالين للقذافي هاجموا مقاتلين من المجلس الوطني الانتقالي قرب قاعدة الماية العسكرية. لكن القبيلة نفت ذلك بشدة. وفي الماية وجد مراسلو «رويترز» المجمع الذي كان مكوّناً رئيسياً في دفاعات طرابلس في ظل حكم القذافي، تحت سيطرة قوة منظمة من المجلس الوطني الانتقالي. كما سيطرت قوات المجلس الوطني أيضاً على جسر على الطريق الرئيسي الذي يصل بين طرابلس والزاوية ثم يستمر غرباً حتى الحدود التونسية. وكان هذا الجسر محل قتال للسيطرة عليه منذ يوم الخميس عندما اشتبكت الجماعتان المتناحرتان بسبب حقوق نشر نقاط التفتيش على الطريق السريع. وقال محمد الورشفاني أحد شيوخ القبائل في المنطقة ل «رويترز» إن الجانبين اتفقا على الانسحاب من الجسر ومن القاعدة العسكرية والسماح بدخول قوة حفظ سلام يرسلها المجلس الوطني الانتقالي في طرابلس. وقال الورشفاني متحدثاً إلى «رويترز» في مكان قريب إن الجميع أخوة وإن الاهتمام بهذا الحدث هو الذي يمكن أن يسبب المشكلات. وفي القاعدة العسكرية قال مقاتل المجلس الوطني إبراهيم الفتاسي وهو يرتدي الملابس العسكرية ويحمل شارات «كتيبة 17 فبراير» التابعة للمجلس الوطني: «حدث اتفاق بين ورشفانة والزاوية». وألقى الفتاسي باللائمة في أعمال العنف على من وصفهم ب «الطابور الخامس» من الموالين للقذافي. لكن مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي أبعدوا الصحافيين عن منطقة إطلاق النار، ولم يتسن التحقق من الجهة التي تقف وراء إطلاق النار. وفي علامة على شعور المجلس الوطني الانتقالي بالحرج في وقت يسعى فيه إلى طمأنة أنصاره في الخارج إلى انه قادر على تشكيل حكومة جديدة هذا الشهر وبسط النظام، قال ضابط في المجلس الوطني في الماية للصحافيين إن نشر صور للاشتباكات «سيسبب مشكلة». وتسببت الاشتباكات في سيل من التعليقات على الشبكات الاجتماعية على الإنترنت حيث سارع المنتقدون للثورة التي دعمها حلف شمال الأطلسي إلى اعتبار ما يجري دليلاً على أن الثوار يسمحون بالفوضى، بينما ألقى أنصار الانتفاضة باللائمة على أنصار القذافي. وبدا سكان طرابلس خلال الليل أكثر قلقاً من الخروج عن ذي قبل. ومن بين علامات التوتر الأخرى في الوقت الذي تنتظر فيه ليبيا رئيس الوزراء المكلف عبدالرحيم الكيب كي يشكل حكومته خلال هذا الأسبوع، على حد قول عبدالجليل، قال أطباء في مستشفى طرابلس المركزي إن المئات من زملائهم تغيبوا عن العمل منذ يوم السبت. وشكا الأطباء من الاعتداء على المسعفين وطالبوا المجلس الوطني الانتقالي بحمايتهم. وزعم مقاتلون في الزاوية على بعد نحو 50 كيلومتراً إلى الغرب من طرابلس والتي كانت مركزاً من مراكز التمرد ضد القذافي هذا العام، إن بعضاً من أنصار القذافي من قبيلة ورشفانة هاجموهم يوم الخميس. وقال ممثلون للقبيلة وهي واحدة من أكبر الجماعات حول العاصمة إن أحداً من أبنائها لا يناصر القذافي لكنهم كانوا يقاتلون لصد اعتداءات على أراضيهم من جانب كتائب الزاوية، في تجدد لنزاع قديم على الأراضي. وتفيد روايات عدة أن المشكلة اندلعت يوم الخميس عندما أقام رجال من ورشفانة نقطة تفتيش على الطريق الرئيسي السريع متحدّين وجود مقاتلين من الزاوية. وقال السكان إن اشتباكات أخرى وقعت عندما حاول الجانبان الاستيلاء على قاعدة الماية العسكرية. وقال رجل من قبيلة ورشفانة متحدثاً إلى «رويترز» في الماية: «رجال الزاوية يريدون السيطرة على القاعدة ورجال ورشفانة يريدون السيطرة عليها... يعتقدون انه ليست هناك حكومة».