قدم حجاج السودان إلى الديار المقدسة لاداء الفريضة بصورة ذهنية مختلفة عما عهدوه في السابق وباختلاف أيضاً عما رسخ في أذهان أبناء جلدتهم ممن سبقوهم في أداء مناسك الحج على امتداد مئات السنين، هذه الصورة العالقة في مخيلاتهم فرضتها ظروف ألمت ببلادهم وشطرتها إلى شمال وجنوب. وللمرة الأولى حل الحجاج السودانيون هذا العام ضيوفاً في المشاعر المقدسة بعملة حديثة أصدرتها حكومة الشمال عقب انفصال الجنوب واستقلاله رسمياً. وقال الحاج أبو الطيب الطاهر ل «الحياة»: «بعد أن حطت الحرب المزعجة أوزارها، وإن كان موسم الحج تغلب عليه الروحانية والطمأنينة ويلزمنا الابتعاد عن ذكر مثل هذه الأحداث التي خلفت جروحاً غائرة غائصة في أعماقنا، من الصعب تقليب مواجعها المريرة وإعادتها للمشهد مرة أخرى، بيد أنه يزاحمني في داخلي وغيري كثيرون ممن نحمل جنسية السودان الشمالي شعور آخر مفعم بغد واعد يتطلب أن نعبر عنه ونظهره للوجود». واسترسل: «من المعلوم أن بلادنا تعد سلة الغذاء العالمي لما تتمتع به من وفرة في المياه العذبة إلى جانب التربة الخصبة الصالحة للزراعة، ما جعلها وجهة للمستثمرين»، وأضاف: «نحن نملك الطموح الذي سيسهم في التغلب على الفقر ودفع عجلة تنمية الاقتصاد إلى الأمام»، متوقعاً «إن هذا التوجه سيحقق قفزات تنموية في تاريخ الاقتصاد السوداني ويحقق أيضاً ما نطمح إليه من الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض، ويخرجنا حال استغلال مواردنا بالشكل الصحيح من طور الدول النامية إلى مصاف الدول المتقدمة التي حرصنا على مرافقتها لنا كمنهج نعمل على تحقيقه وحمل همه حتى ونحن في موسم كهذا (الحج) حاكماً ومحكوماً». وتابع: «بعد انفصال الشطر الجنوبي عن الوطن الأم فقدنا إيرادات ثلثي النفط مقابل صلح في بلادنا خفض عدد السكان، ونتيجة لذلك تراجع استنزاف الموارد التي ستجير لصالحنا شريطة العمل بكل جدية والبعد عن التراخي» وألمح إلى أنه «حال نجاحنا في توجهنا أتوقع أن أعداد المغتربين ستتراجع وتعود السواعد المهاجرة لبناء السودان وإظهاره بشكل حديث.