اتهم الناقد الدكتور سعد البازعي الجوائز الأدبية ب «التسييس»، موضحاً أن كل جائزة «تسير خلف ضوابط وأنظمة تتبعها اللجنة في آلية التقويم، لافتاً إلى أن الجوائز تتجه أيضاً نحو ثقافات وتوجهات معينة، ربما تصب في مصلحة فكر المؤسس للجائزة». وأكد البازعي، في أمسية نظمها الملتقى الثقافي في القطيف، بعنوان: «الجوائز الأدبية وآثارها: البوكر العربية مثالاً» مساء أول من أمس (الخميس)، الدور الذي أسهمت به جائزة البوكر في ترسيخ بعض القيم ورفع المستوى الوعي النقدي، لاسيما عند الشباب. وأشاد الدكتور البازعي بالندوة، معتبراً أنها جاءت مغايرة للوضع المعتاد من خطاب الإثارة إلى الخطاب المعرفي بالجائزة، مبيناً أن المتحدثين عن الجوائز الأدبية يسهبون في الحديث من خلال النظرة المثالية لها، إذ تعد إحدى حوافز الإبداع، منتقداً غفلتهم عن الجوانب البيولوجية التي تعد جزءاً من تركيب الثقافة ككل المنتجات البشرية، مؤكداً تأثر الجميع بالدوافع النفسية والاجتماعية واستحالة الادعاء بالخلو منها. في حين دعا الروائي الكويتي طالب الرفاعي، في الأمسية نفسها التي أدارها الإعلامي علي سعيد، أثرياء الخليج إلى دعم المشهد الثقافي، من خلال إنشاء وابتكار الجوائز الأدبية المختلفة، منتقداً صرف الملايين «في أمور لا تمت للأدب بصلة». وشدد الرفاعي على أهمية الدور الذي تلعبه الجوائز في المشهد الثقافي، مستنكراً عزوف العالم العربي عن الثقافة وجعلها «في أواخر سلم الاهتمامات»، وتخصيص أقل المبالغ في موازنات الدول مهما كان مستواها المادي للثقافة. وانتقد الرفاعي في الأمسية التي شهدت حضور عدد من النخب الثقافية والأدباء، النظرة الدونية التي يعامل بها المثقف الخليجي من المثقفين العرب، والتقليل من شأنهم ومستوى كتاباتهم، مشدداً على أن الرواية الخليجية لا تقل عن الرواية العربية على رغم الفارق الزمني بين تأسيس الرواية في الوطن العربي ودول الخليج الذي يقدر ب20 عاماً على الأقل، إضافة إلى انفتاح المجتمع الذي شكل فارقاً أيضاً بين المجتمعين. وأشاد الرفاعي، الذي يعمل مستشاراً ثقافياً لوزارة الإعلام الكويتية، ب «الجائزة العالمية للرواية العربية»، المعروفة باسم «البوكر العربية»، مؤكداً دورها في تحريك المشهد الثقافي الروائي، وخلق أسماء جديدة على الساحة الإبداعية، منوهاً إلى أن الجائزة أسهمت في اكتساب الروائي العربي البعد العالمي. من جهة أخرى، بين أن الجائزة التي وصفها ب «المميزة» تختلف عن بقية الجوائز، فهي تسمح لكل دار نشر بترشيح ثلاث روايات، إضافة إلى رواية إضافية أخرى، فليس الكاتب من يرشح نفسه، موضحاً أن الجائزة عرّفت العالم العربي بمفهوم القائمة الطويلة للمرشحين التي تتقلص لتكون القائمة القصيرة. وعن لجنة التحكيم، أشار الرفاعي إلى أن مجلس الأمناء يقوم سنوياً بتعيين لجنة تحكيم، تتألف من خمسة أشخاص بمختلف توجهاتهم من نقّاد وروائيين وأكاديميين من العالم العربي وخارجه، ويقرأ أعضاء لجنة التحكيم كل الروايات المرشّحة حتى يتم الإجماع على الفائز. ولفت إلى أن الجائزة أسهمت في خلق ثقافة احترام الآراء للمواطن العربي وتقبل اختيار لجنة التحكيم، على رغم الاختلاف في الرأي، كما أشار إلى أهمية الوعي بوجود الاختلاف الذي يتأثر باللحظة الراهنة للقارئ وحاله النفسية وتجربته الشخصية، وفي ختام مشاركته طالب مثقفي الخليج بأن يؤمنوا بأنفسهم، وبالطاقات الإبداعية التي يمتلكونها.