تسعى الحكومة العراقية إلى تهدئة التوتر بينها وبين زعماء العشائر في محافظة صلاح الدين كي يتراجعوا عن قرارهم تحويل المحافظة إلى إقليم، فيما تؤكد العشائر أن لا مجال للتراجع إلا إذا نفذت الحكومة مطالب الحكومة المحلية ومنها وقف الاعتقالات واجتثاث الموظفين. إلى ذلك، رفض رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ حارث الضاري في بيان فكرة إقليم صلاح الدين واعتبرها محاولة لاحتفاظ «المنهزمين» بمناصبهم. وأكد مصدر رفيع المستوى حضر اجتماعاً عقده شيوخ وأعضاء مجلسي محافظتي صلاح الدين والأنبار، برعاية رئيس البرلمان أسامة النجيفي وممثل رئيس الوزراء قتيبة الجبوري في بغداد أمس أن «شيوخ العشائر طرحوا المشاكل والمخالفات التي ارتكبتها الحكومة بحق أهالي المحافظة وقدموا لائحة بمطالب أبناء صلاح الدين لضمان حقوقهم». وزاد المصدر: «نرى أن الحكومة تتجه إلى التهدئة وتمييع قضية تشكيل إقليم صلاح الدين في حين يصر ممثلو المحافظة على المضي في استكمال إجراءات إعلانه على رغم تلك المحاولات». وتابع: «إذا نفذت الحكومة المطالب التي تقدمنا بها ومن بينها وقف عمليات الإقصاء وإلغاء قرارات هيئة المساءلة والعدالة التي طاولت المئات من الأبرياء إلى جانب توفير الأمن والاستقرار ووقف عمليات الدهم والتفتيش والاعتقال العشوائي وإذا أثبتت الحكومة جديتها في تنفيذ تلك المطالب قد يصار إلى إلغاء فكرة الإقليم أو تأجيلها إلى إشعار آخر». وأضاف إن «الاجتماع الأولي مع رئيس مجلس النواب وممثل رئيس الوزراء النائب قتيبة الجبوري حدد النقاط التي على الحكومة تطبيقها واعتقد أن رئيس الوزراء سيبحث آلية تنفيذ هذه المطالب مع مجلس محافظة صلاح الدين وشيوخها في شكل مباشر، فقد لمسنا قلق الحكومة من خطوة المحافظة في تشكيل إقليم مستقل». وزاد إن «الاجتماع ضم أكثر من عشرين شيخاً يمثلون أهالي صلاح الدين فضلاً عن بعض شيوخ محافظة الأنبار الذين جاؤوا لمناقشة مسألة تشكيل إقليم في محافظتهم». وصوت مجلس محافظة صلاح الدين، في 27 تشرين الأول (أكتوبر) على اعتبار المحافظة إقليماً إدارياً واقتصادياً ضمن العراق الموحد. وأكد رئيس مجلس المحافظة سبهان جياد في تصريح إلى «الحياة» أن «التهميش والإقصاء اللذين طاولا أهالي المحافظة أجبرانا على اتخاذ هذا القرار والانفصال إدارياً واقتصادياً عن حكومة المركز». وأشار إلى أن «التراجع عن مشروعنا غير وارد إلا في حال قدمت الحكومة الضمانات الحقيقية لتنفيذ مطالبنا وأهمها إلغاء قرارات المساءلة والعدالة التي طاولت الأبرياء فضلاً عن إلغاء قرار استملاك الأراضي الزراعية في سامراء وضمها إلى الوقف الشيعي ناهيك عن حملات الاعتقال العشوائي بحق ضباط سابقين». وتنص المادة 116 من الدستور العراقي على حق كل محافظة أو أكثر بتكوين إقليم. إلى ذلك، أعلن محافظ ديالى عبدالناصر المهداوي أن إعلان محافظة ديالى إقليماً «أمر غير موجود كفكرة بحد ذاتها إلا من حيث الضغط على الحكومة للحصول على استحقاقاتنا». وعن انضمام ديالى إلى إقليم صلاح الدين أو إعلانها إقليماً مستقلاً قال: «هذه الفكرة لا وجود لها لكن قد نضطر إلى ذلك بغية الحصول على مكاسبنا». من جانبه، أكد الأمين العام لهيئة علماء المسلمين حارث سليمان الضاري، أن المؤشرات كلها تشير إلى أن «الشعب العراقي الصبور لم يبق له من محنته سوى الشوط الأخير، وأنه أوشك على قطف ثمرة صبره، ومعاناته، والانتهاء من بقايا محتليه والمتآمرين عليه». وقال الضاري في رسالة مفتوحة وجهها إلى الشعب العراقي وأبناء محافظة صلاح الدين أن «من مؤشرات نهاية محنة الشعب العراقي أيضاً تسارع بعض المنهزمين لتشكيل إمارات خاصة بهم، تحت عنوان الفيديرالية، ليحفظوا مواقعهم، ويضمنوا بقاء مكاسبهم، ويتجنبوا قدر الإمكان المصير المنتظر للحكومة الحالية في بغداد. وفي هذا السياق جاء إعلان مجلس محافظة صلاح الدين للإقليم، هذا المجلس الغارق إلى شحمتي أذنيه بملفات الفساد، والاستيلاء على موارد المحافظة، والمتسبب بما يتعرض له أهل المحافظة من فقر وبطالة وأذى». وتابع أن «هذه الخطوة ليست رد فعل على ما تعرضت له محافظة صلاح الدين، من عملية إقصاء، وحملات اعتقال كما يحاول دعاة الإقليم الإيهام بذلك بل إنها نتيجة تخطيط، مضى عليه وقت طويل، وأمر دبر بليل، رأى القائمون عليه في حملة الاعتقالات الظالمة التي طاولت أبناء المحافظة فرصة لإعلانه طمعاً في استغلال مشاعر الغضب لدى الناس بسبب الاعتقالات». وزاد: «إن الذين أعلنوا مشروع الإقليم في صلاح الدين، ليسو وحدهم، بل ينتمون إلى شبكة من أعوان الاحتلال الذين حصلوا على مواقع في ظله، كأعضاء برلمان، أو محافظين، أو أعضاء مجالس، أو نالوا مكاسب مالية، ووعوداً بمزيد من الثراء إذا تم مشروع الفيديرالية». وكان حزب البعث رفض في بيان موقع باسم «القيادة القطرية» مشروع إقليم صلاح الدين واعتبره «تآمرياً يخدم أجندات غير عراقية».