ما الذي يحتاجه الانسان العادي اليوم كي يصبح لاعباً في سوق الذهب؟ حاسب آلي، وإنترنت، وبطاقة ائتمان، وبعض الوقت للاشتراك في عدد من المواقع الالكترونية التي نقلت تجارة الذهب من الاسواق العادية الى الالكترونية. لقد أصبح كل شخص قادراً على فتح حساب الكتروني في موقع من مواقع التداول بالذهب ليشتري ويبيع ويستثمر ويدخر كميات من الذهب، تبدأ ببضعة غرامات وتنتهي بكميات ضخمة من كل العيارات وفي اي وقت، من دون ارتباط بمواعيد عمل البورصات وأسواق الاسهم العالمية. قد يبدو هذا الاتجاه طبيعياً في وقت ترتفع نسب المتاجرين عبر الانترنت خصوصاً فئة الشباب، لكن قدرة هذه التجارة على اثبات جديتها ما زالت موضع تساؤل كبير، خصوصاً عند ارتباطها بتجارة الذهب. تؤكد مواقع التجارة بالذهب انها قادرة على توفير الكميات التي اشتراها الزبون عبر الانترنت في اي وقت وإيصالها اليه عند طلبه، كما تعلن انها قادرة على ضمان تصريف كميات الذهب وبيعها في اي وقت من الاوقات، علماً ان عمليات البيع والشراء هي عمليات عرض وطلب ترتبط بأحوال السوق وسعر الاونصة والظروف الاقتصادية والسياسة العالمية. وبالطبع، فإن صدقية هذه المواقع تصبح على المحك في اوقات الأزمات، حيث يرتفع الطلب للحصول فعلياً على الذهب الذي اشتراه المستثمر منذ زمن، وقدرته على تأمينه كاملاً لجميع المشترين. قد تكون للشراء والبيع عبر الانترنت محاسن عدة، لكنه مفتوح على الوهم في حال الاستخفاف بالضوابط والشروط وغياب الخبرة في هذا المجال. إننا نشهد حقبة جديدة من التجارة الالكترونية التي انطلقت منذ السبعينات وشهدت تطوراً ملحوظاً يواكب التطور التكنولوجي الحاصل في عالم الاتصالات والتقنيات. هذا التطور هو جزء من التغيير الذي يطاول الكثير من المفاهيم وأساليب التعاطي الاقتصادي التي اعتاد الانسان عليها لفترة طويلة من الزمن. والتغيير امر واقع وتدريجي، لكن المختلف في هذه الايام، سرعة التغيير وجذريته. العالم يشهد حقبة اقتصادية جديدة لها مفاهيمها الخاصة وأساليب تعاملاتها ومفرداتها وأدواتها الخاصة، ويندثر فيها التعاطي المباشر للإنسان مع الانسان، لتحل مكان لغة التفاوض الاقتصادي المباشر كلمة «أرسل» الالكترونية لتنجز صفقات ببلايين الدولارات. التغيير التجاري الجذري والمستشري في العالم يدفع بالتجارة العربية الى مواكبة القافلة وفق شروط وقواعد عالمية متطورة، في ظل توافر ادنى مقومات الاندماج بمعايير التجارة الالكترونية العالمية الجديدة. فكلفة خدمات الانترنت ما زالت مرتفعة، وجودتها ما زالت تحتاج الى الكثير من التحسين، مع وجود فوارق بين دول العالم العربي، طبعاً، وضعف الخبرات القادرة على الوصول الى افضل النتائج في هذا المجال. والأهم من ذلك انتشار ثقافة التجارة التقليدية بفارق قوي عن ثقافة التجارة الالكترونية. إن اعتماد التجارة الالكترونية في المنطقة سواء الفردية ام على صعيد الشركات، في حاجة الى تغيير في الثقافة العامة لتقبل طبيعتها وأصولها وفهمها، وإتقان لعبتها كي تتمكن الشركات من اثبات جدارتها في المنافسة وحجز مساحة لها في التجارة العالمية، حتى تصبح التجارة الالكترونية العربية العالمية تجارة جدية لا وهمية. * مدير أول للعلاقات العامة في شركة «صحارى» للاستشارات الإعلامية