رؤية تحليلية لاستخدامات الشبكة العنكبوتية في ترويج المخدرات يشهد العالم تزايداً مضطرداً في تعاطي المخدرات مما يثير القلق، وبحسب تقارير الأممالمتحدة فإن قرابة 5% من البالغين من سكان العالم يتعاطون المخدرات، وتتجه الطاهرة في غالبية المجتمعات إلى مستوى يدعو للتساؤل من حيث النمو والتزايد. وهذه المشكلة في طريقها لتصبح ركناً مهماً في ثقافة الشباب اليوم خاصة في المجتمعات الصناعية والمدن ذات الكثافة السكانية العالية كواحدة من أكثر الظواهر المرتبطة بالجريمة وأكثرها أثرا في المظاهر الانحرافية الأخرى. وعلى سبيل المثال تشير تقارير أمريكية لسنة 2007م أن مستوى قابلية طلاب المرحلة الثانوية لتعاطي المخدرات تصل إلى 9 من كل 10 طلاب، وهناك 50% من الطلاب جربوا المخدرات مرة واحدة على الأقل. ومشكلة المخدرات أنها تشكل ثقافة مجتمعية تدعمها تجارة عالمية شرسة ومنظمة. ويكفي أن نعلم أن تجارة المخدرات تعد ثالث أكبر تجارة غير مشروعة في العالم حيث يصل حجم هذه التجارة إلى 320 مليار دولار سنويًا، بحيث تعادل الناتج المحلي لحوالي 90% من دول العالم! وتشير تقارير أخرى إلى أن عصابات المخدرات تتحكم في نسبة مهمة من إجمالي الناتج العالمي مع ما لديها من موارد تكاد تفوق عدة جيوش وطنية. وتبلغ حجم تجارة تهريب المخدرات في جميع أنحاء العالم حوالي 400 مليار دولار مع هامش ربح خيالي يوازي 300%. ومع دخول الانترنت إلى مجتمعات اليوم كانت عصابات المخدرات وثقافة المخدرات حاضرة منذ سنوات الشبكة الأولى ما دعا مؤسسات رسمية وغير رسمية إلى المبادرة بعقد حلقات النقاش وتقديم المشاريع لوقاية النشء الجديد من مخاطر التعرف على هذه الآفات من خلال الانترنت بعيدا عن التوجيه الأسري والمدرسي. الجريمة الالكترونية على شبكة الانترنت والانترنت وسيلة حضارية عصرية للتواصل والتعلم والتدريب وإجراء المعاملات المصرفية والمالية وغير ذلك من الخدمات والتطبيقات التي ينتفع بها المجتمع. ومع انتشار التقنية الحديثة ظهرت أبعاد أمنية جديدة غاية في التشابك والتعقيد، وتتطلب تعاطيا مهنيا امنيا على نفس درجة التحدي التي تبديها التقنية العالية، ولذا فمن المهم مراعاة العديد من الاعتبارات عند التحقيق والتعامل مع جرائم التقنية والتي تتسم بأنها تتم في ظل بعض الظروف الموضوعية التالية: • يسهل ارتكاب الجريمة ذات الطابع التقني. • إمكانية إخفاء الجريمة، وصعوبة تتبع مرتكبيها. • الحرفية الفنية العالية وضعف سبل المقاومة. • صعوبة وضعف وسائل التحقيق. • التطور التقني الذي لا يتوقف. • التكلفة الإدارية العالية لأساليب المقاومة (الأجهزة، والتعليم والتدريب). • التقنية واستخداماتها السلبية أسرع من التشريعات. • مخترعات وسائل المكافحة غالبا ما تأتي متأخرة. • تدني مستوى الوعي (الإداري و الاجتماعي) بخطورة المشكلة. • قلة الاستثمار في مجالات البحث العلمي للمساهمة في مكافحة جرائم التقنية. وفي ضوء ذلك كله يمكن تمييز بعض الخصائص الرئيسة للجريمة على شبكة الانترنت منها: • أن ها تتطلب قدرا كبيرا من الذكاء والمعرفة من مرتكبها وفريق المكافحة. • تتم الجريمة بشكل سريع وحاسم أحياناً في دقائق معدودة يحدث تدمير يتكلف بلايين الدولارات السرعة. • ترتكب الجرائم عبر الانترنت بدقة بالغة نتيجة دقة أدوات الجريمة (برامج). • التخفي عبر دروب الانترنت هو أهم ما يميز مرتكبي هذه الجرائم بحيث يمكن أن يختفوا تحت قناع فني يظهرهم من دولة إلى أخرى. • تتسم بالغموض حيث يصعب إثباتها والتحقيق فيها كما هو الحال في الجرائم التقليدية. • الصورة الذهنية لمرتكبها غالبا هي صورة البطل والذكي الذي يستحق الإعجاب. • في اغلب الأحوال لا تستخدم أساليب عنيفة من قبل مرتكبي جرائم الانترنت. مشكلة المخدرات: أبعاد الظاهرة يبين تقرير مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2008م أن أقل من شخص واحد بين كل 20 شخصا (تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً) جربوا المخدرات مرة واحدة على الأقل خلال الاثني عشر شهراً الماضية. أما متعاطو المخدرات ذوو الحالات المستعصية فيعادلون أقل من عُشْر هذه النسبة المئوية المنخفضة: 26 مليون شخص، أي حوالي 0.6 في المائة من سكان الكرة الأرضية البالغين. ويبين تقرير مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن أقل من شخص واحد بين كل 20 شخصا (تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاما) جربوا المخدرات مرة واحدة على الأقل خلال الدراسة. ايجابيات الانترنت لعصابات المخدرات برزت الانترنت كسوق جديدة لبيع وترويج المؤثرات العقلية، خاصة في مجال التحايل على الأنظمة بواسطة عرض بدائل العقاقير الخاضعة للمراقبة لجمهور واسع. وهي وان كانت فرصة لتجار هذه السموم إلا أنها في ذات الوقت وسيلة مهمة لرصد وتحديد اتجاهات المخدرات الجديدة لمعرفة المخاطر المرتبطة بالمواد المعروضة للبيع. وكذلك للإطلاع على معلومات جديدة عن منتجات جديدة من قبل المستخدمين والمهنيين، بما في ذلك علماء السموم السريرية والمتخصصين في مكافحة السموم والعاملين في مجال المخدرات. وتسمح تطبيقات وخدمات الانترنت لعصابات المخدرات والمروجين والمنحرفين سلوكياً باستغلال هذه الوسيلة العصرية لنشر هذه السموم وثقافتها وترويجها بين الشباب على وجه الخصوص. ويمكن أن نحدد أبرز إيجابيات الانترنت في مجال ترويج المخدرات وفق المحاور التالية: - بيع وترويج العقاقير الممنوعة أو الخاضعة للرقابة. أدى ظهور الإنترنت إلى زيادة ملحوظة في مبيعات الأدوية الخاضعة للرقابة وتلك التي لم تتم الموافقة عليها للبيع في كثير من الدول ولكنها متاحة بسهولة عبر شبكة الانترنت. - بيع المخدرات وترويحها باستغلال خصائص الانترنت كانت البدايات مع ظهور شبكة الانترنت وفي منتصف التسعينات وقد أعلنت وزارة الصحة اليابانية القبض على 60 شخصاً جراء نشاطهم في بيع المخدرات غير المشروعة عبر الإنترنت. ثم تتابعت الضبطيات في كثير من دول العالم وظهرت تقارير تشير إلى الزيادة الكبيرة في عدد الاعتقالات بسبب قضايا مخدرات منشؤها من التعامل عبر الإنترنت. وتتم طرق البيع والتداول من خلال الانترنت عن طريق التواصل مع المروجين المحتملين في منتديات وغرف دردشة خاصة، وبعد ذلك يتم التفاوض على الكمية والسعر عن طريق الرسائل النصية. نشر ثقافة التعاطي وقبول المخدرات باتت شبكة الانترنت في كثير من الكتابات الاجتماعية أس البلاء في وصفات الأدوية الممنوعة. وتعد منتديات الشباب وغرف الدردشة الالكترونية مكانا وجد فيه بعض المتعاطين ومن يروجون لثقافة المخدرات ملاذا آمنا للتباهي بهذه الثقافة وترويجها. وقد حذرت تقارير دولية من تنامي ثقافة التعاطي وقبول المخدرات ضمن الثقافة الشعبية للشباب التي تروج مصطلحات الاستمتاع بالحياة والانعتاق من القوانين الأسرية وتجد رواجاً عبر الشبكات الاجتماعية ومنتديات وغرف الحوار. تعليم صناعة المخدرات التخليقية قدرة الانترنت على تقديم المعلومات باستغلال ثغرات القوانين أو غيابها جعلها من الوسائل الحديثة لتعليم طرق ومعادلات صناعة المخدرات التخليقية. وأحيانا توفير المستشار على الشبكة من خلال منتديات تعلم المهتمين الأسرار الكيميائية لصناعة هذه العقاقير من مكونات قد يكون مسموحاً تداولها. تعليم فنون زراعة المخدرات توجد على الشبكة العنكبوتية اليوم عشرات المواقع والمنتديات التي تقدم المعلومات والنقاشات حول طرق زراعة بعض النباتات المصنفة في جداول المخدرات. وتتحايل بعض هذه المواقع باستخدام الأسماء الشعبية لبعض المخدرات وأحيانا بالتصريح بالأسماء مع وضع عبارة إخلاء مسئولية قانونية على اعتبار أن ما يكتب هو من باب حرية المعلومات والتعبير. تعليم عناصر المنظمات طرق إخفاء وتهريب المخدرات يكفي الرصد السريع لمحتوى الانترنت من خلال محركات البحث للوصول إلى نتيجة مفادها أن الشبكة تقدم لمهربي المخدرات ومروجيها الكثير من المعلومات عن طرق تهريب الممنوعات. وتنتشر على المنتديات الالكترونية التي يرتادها الشباب بشكل خاص بعض الموضوعات التي تتطرق إلى الخبرات والتجارب الخاصية لمتصفحي الانترنت في مجال تجاوز نقاط التفتيش والتحايل على القوانين ونقاط التفتيش الأمنية عبر الحدود والمطارات لتمرير المخدرات الممنوعة. تقديم معلومات عن أماكن توافرها عبر مدن العالم لم يعد سرا أن شبكة الانترنت تقدم للجميع أي معلومة عن أي موضوع، ومن هذه المعلومات نجد عدد لا يستهان به من المواقع والمنتديات ناهيك عما توفره غرف الدردشة من تواصل مباشر لتعليم مستخدمي الانترنت أماكن تواجد هذه المخدرات وطرق الحصول عليها. والملاحظ أن بعض الأدلة الالكترونية للمسافرين تتسامح في تقديم معلومات عن وجود الحشيش على سبيل المثال للمسافرين مع توضيح مدى المخاطر الأمنية والقانونية وتقديم النصائح لجلب هذه المخدرات بحسب طبيعة النظام الأمني والقضائي لكل بلد. تبادل المعلومات والتنسيق بين المستخدمين والعصابات الإجرامية الانترنت وسيلة اتصال في المقام الأول وقد تبين بوضوح توسع استخداماتها من قبل العصابات الإجرامية في مجالات الدعارة وترويج الصور الإباحية ومن ثم ظهرت موجة توظيف الشبكات الإرهابية لخدماتها كوسيلة اتصال مؤثرة في مجال نشر الدعاية وكسب الأنصار ومنازلة الخصوم وأيضاً للتدريب والتنسيق بين عناصر هذه التنظيمات. وكون المخدرات تجارة عالمية ترتبط بعصابات وتنظيمات فقد كانت الشبكة إحدى الوسائل التي وظفتها هذه العصابات لتوفير المعلومات لعناصرها وتوظيف تقنيات التراسل الفوري والمنتديات والغرف المشفرة للاجتماعات التنسيقية وتوزيع الأدوار وتبادل التحذيرات لدرء خطر اكتشاف هذه العصابات كون المخاطرة بالاجتماعات الالكترونية اقل منها في حال الاجتماعات المباشرة بين عناصر هذه العصابات. ابرز ايجابيات الانترنت في مجال ترويج المخدرات أوضح تقرير المركز الأوروبي لمراقبة المخدرات والإدمان أن الانترنت أصبحت حالياً سوقاً رئيسية للمخدرات بحيث يسمح لتجار التجزئة بتقديم بدائل كثيرة للمخدرات التي تخضع للرقابة. وأشار المركز في تقريره حول وضع المخدرات في أوروبا لعام 2007 إلى أن مراقبة نشاط بيع العقاقير والمخدرات على الانترنت يشهد تزايداً للتعرف على الاتجاهات الجديدة للظاهرة. وأشار المركز إلى وجود حوالي 115 متجرا لبيع المخدرات على الانترنت في 17 دولة أوروبية وأن تجار التجزئة على الانترنت يتوزعون في بريطانيا بنسبة 7% وألمانيا 15% وهولندا 14% ورومانيا 7%. وذكر التقرير أن أوروبا ما تزال المركز الرئيسي لإنتاج المخدرات، خاصة هولندا وبلجيكا وبكميات أقل في ألمانيا وبريطانيا وبولندا، حيث تم اعتراض حوالي 13 مليون من أقراص المخدرات في أوروبا في عام 2007م. وتشير تقديرات التقرير إلى أن 10 ملايين شاب أوروبي تتراوح أعمارهم بين 15 و65 عاما تعاطوا المخدرات خلال فترة حياتهم، وأن حوالي 2.5 مليون استخدموها في العام الماضي. وحذر التقرير من أن من بين أطفال المدارس تظهر البيانات الأخيرة ترابطا قويا بين الإفراط في تناول الكحول وتعاطي المخدرات. ويكشف تقرير صدر عن المركز الوطني للإدمان وتعاطي المواد المخدرة National Center on Addiction and Substance Abuse في جامعة كولومبيا الأمريكية عن وجود عشرات المواقع على شبكة الإنترنت لا تتطلب وصفة طبية لشراء المخدرات والمنشطات وغيرها من المواد الخاضعة للرقابة، وأن أياً من تلك المواقع لا تتقيد بالضوابط اللازمة لمنع الأطفال من الشراء. ويكشف التقرير أيضا عن أن 85٪ من المواقع التي فحصت على شبكة الانترنت تبيع العقاقير القوية مثل أوكسيكونتين، الفاليوم، وريتالين ولا تطلب من مستخدمي الإنترنت وصفة طبية من الطبيب المناسب، بل إن كثيرا منها توضح صراحة أن لا حاجة هناك إلى أي وصفة طبية. وقد تم في هذا التقرير العثور على 206 موقع للإعلان عن المخدرات والعقاقير وحوالي 159 موقعا تبيع هذه العقاقير علانية عبر الشبكة. والمشكلة المقلقة هو أنه لا توجد ضوابط على أي من هذه المواقع خاصة ما يكفل إعاقة وصول الأطفال إليها سيما وأن معظم مستخدمي الإنترنت هم من المراهقين والشبان. وتبين وجود كثير من المواقع على الشبكة التي تسمح للمستخدمين بشراء المواد الخاضعة للرقابة بعد تعبئة نموذج خاص تحت مسمى "استشارة طبية" وبعدها تمرر الطلب دون وضوح وجود استشارة طبية من طبيب متخصص. وتكشف دراسات الانترنت عن حقائق منها: • أن نصف المواقع التي تشترط وجود وصفات طبية تستقبل صور هذه الوصفات من خلال الفاكس ،ما يسمح بالاحتيال وإساءة الاستغلال. • ويتبع في معظم عروض الأدوية المعروضة للبيع والمخدرات مثل زاناكس والفاليوم ، قوائم مقترحة مثل بعض الأدوية القريبة مثل المسكنات الأفيونية هيدروكودون (الواردة في الأدوية مثل فيكودين وLortab) ، الكودايين ومثيلاتها. • 85 ٪ من صيدليات الإنترنت لا تطلب وصفة طبية لشراء العقاقير الخاضعة للمراقبة. • 42 ٪ من هذه المواقع تبين أن ليس هناك حاجة إلى وصفة طبية. • 13 ٪ لم يذكروا أبدا موضوع وصفة طبية. • 45 ٪ من هذه المواقع يعرض " استشارة طبية". ولعل ما ساعد على رواج ونشاط تجارة المخدرات بحسب تقرير مكتب الأممالمتحدة المشار إليه ذلك التطور الهائل في وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات والذي زاد من قدرة عصابات إنتاج وتهريب المخدرات على تبادل المعلومات والخبرات والتي ساعدتهم على تطوير أنشطتهم الإجرامية. ويدق تقرير المرصد الأوروبي للمخدرات والإدمان ناقوس الخطر بخصوص الأنواع الجديدة من المخدرات الاصطناعية التي وجدت ملاذا لها على شبكة الإنترنت. ويقول فولفغونغ غوتز من الوكالة الأوروبية للمخدرات: “المشكلة الحقيقية ليست في هذا الخليط من الأعشاب ولكن في وجود كمية معينة من المواد المخدرة الاصطناعية. هذه المواد لها تأثيرات مشابهة للحشيشة أوالكانابيس. في هذه الحزمة لا أحد يعرف كمية هذه المواد المخدرة ولم نقم بتجارب حول ذلك لا نعرف شيئا حول تأثير هذا المخدر على المدى الطويل. وأشار ذات التقرير للمرصد الأوروبي إلى وجود ثلاثة عشر نوعا من المخدرات الجديدة ولمراقبته لمائة وخمسة عشر موقعاً لبيع المخدرات على الإنترنت. كما أشار أيضاً إلى الانخفاض المسجل فيما يتعلق باستهلاك الحشيش أو الكانابيس خصوصاً في غرب أوروبا وكرواتيا وسلوفينيا. تحديات مواجهة المخدرات على شبكة الانترنت ترتبط جرائم الانترنت ذات العلاقة بالمخدرات بتقنيات الحاسب والبرامج وكما هو معلوم أن السمة الغالبة للكثير من جرائم الكمبيوتر هي أنها من النوع العابر للحدود وبالتالي تأتي الصعوبات وتحديات المواجهة من طبيعة الوسيلة ذاتها ومما تحتمه الوسيلة وما يوظف فيها من تقنيات ومن ذلك: التحدي البشري ويقصد بذلك نقص القدرات البشرية المؤهلة للتعامل مع هذه التقنيات المتجددة ما يصعب عمليات التتبع والرصد والتحقيق. وفي المملكة العربيّة السعوديّة يبلغ عدد مستخدمي الانترنت مع أوائل عام 2010م حوالي عشرة ملايين مستخدم وحيث ينشط بين هذه الجموع لا شك تنظيمات إجرامية ومنها عصابات المخدرات ما يصعب مهمة التحري عن نشاطات هذه التنظيمات وسط ملايين المواقع ومئات الخدمات. التحدي الفني (التقني) من طبيعة التقنية سرعة التغير وتعدد الوظائف واندماج الوسائل وهذا يجعل من التوظيف السلبي للتقنيات الاتصاليّة أسرع من قرارات استيعابها والتدرب عليها في المؤسسات الأمنيّة. التحدي القضائي لا زال وضع الأدلة الرقميّة محل تساؤل في كثير من المؤسسات العدليّة والقضائيّة نتيجة القدرة على التلاعب به وتعديله وإتلافه وصعوبة إجراءات الحفظ والاسترجاع. تحدي الرصد والمتابعة لعل من ابرز مشكلات التحقيق الفني في جرائم التقنية وبخاصة في مجال المخدرات هو صعوبة وضع نظام أمني للتتبع والرصد والمراقبة يمكن من خلاله تتبع نشاط شبكة إجراميّة ما عبر الوسائل الالكترونيّة. تحدي الموارد تتطلب التقنيات الحديثة سواء في مجال التحقيق أو التتبع والتحليل الفني مواكبة منتظمة للجديد في منتجات هذه التقنيات ما يتطلب توفر الاعتماد الماليّة بسخاء ومرونة وهو أمر لا تمتلكه كثير من المؤسسات الأمنيّة. التحدي الثقافي تعد الجريمة بشكل عام أمر لا تقبله مجمل الثقافات الإنسانيّة وترى معظم هذه الثقافات الإنسان المنحرف بصورته المنحرفة وتصور أعماله وفق هذا التصور. ومع ظهور التقنيّة باتت جرائم التقنيّة اقل حدة عند عموم الناس من الجريمة التقليديّة. بل إن المجرم التقني بات محل إعجاب بعض الثقافات إذ ينظر لمجرم الالكتروني والجريمة الالكترونيّة بنظرة فيها قدر من التقدير للذكاء الذي يتوافر عليه المجرم الالكتروني.