إذا كانت صفعة محمد البوعزيزي قد غيرت وجه العالم العربي إلى الأبد، وأشعلت شرارة «الربيع العربي» في أكثر من مكان، فإن صفعة النجم عمر الشريف لمراسلة قناة «الحرة» عائشة الدوري، لن تغير شيئاً في سياق العلاقة، بين النجم والجمهور، وسيظل كثر يلتمسون له العذر، بسبب تقدمه في السن، وسواه من الأسباب. بالنسبة إلى الصفعة الأولى، فإن فيلماً وثائقياً من إعداد وائل عصام بثته محطة «العربية» أخيراً، يقوم بتحقيق متواز بين عائلة الشاب البوعزيزي التي أصرت على حدوث الصفعة، في الوقت الذي أنكرتها الشرطية فايدة حمدي التي اتهمت بصفعه، ويبدو من خلال ظهورها في الفيلم محجبة وباكية إنها قد آثرت الانزواء في حياتها بعيداً من عملها كشرطية عن الأضواء والناس. وسواء أنكرت حمدي، أو لم تنكر، فإن صدى الصفعة غير المصورة، قد أتى بكل هذه الثورات والاحتجاجات، بل إن هناك من أحرق نفسه متشبهاً بالشاب التونسي في أكثر من مكان. وقد يقال الكثير بعد ذلك، عن هذه الصفعة، وسيهرق حبر في معرض توصيف أثرها على العالم العربي برمته، فيما لن يتذكر الناس من صفعة عمر الشريف سوى المراسلة المسكينة عائشة الدوري التي أصرت على التقاط الصورة مع النجم الغاضب، وقد حاول كما يبدو في مكان آخر، أن «يكحلها فعماها»، كما يقال، عندما قبّل يد طالبة جامعية بعمر ابنته، فلم يسلم من أقلام كثيرة تناولته بالهجاء من دون أن تلتمس له العذر، كما فعل بعضهم حين وجه «الصفعة المنسية» للدوري. عموماً قد لا يغدو مهماً التذكير بتلك الصفعة، حتى حين ستحاول صاحبة برنامج تلفزيوني عن السينما أن تبررها من الآن فصاعداً، أقله أمام المهتمين ببرنامجها، والذين يدعونها لتغطية المهرجانات السينمائية التي تغص بنجوم من كل نوع. نجوم لا يمكن التكهن بسلوكهم أمام الكاميرات التلفزيونية، فلشؤون الناس طباع مختلفة. أما تلك الصفعة التي غيرت العالم العربي، فجاء أخيراً من ينبش في أسرارها، ليؤكد، وإن نقلاً عن الشرطية التي هاجمت البوعزيزي، ومحاميتها، إنها لم تحدث قط، وليس هناك أي دليل على حدوثها. ومع ذلك فهي غيرت مصائر في المنطقة العربية، وربما تغير في أشياء كثيرة قبل أن يخفت صداها في الأعوام المقبلة، فيما ستظل تلك الصفعة المدوية التي التقطتها كاميرات التلفزيون في مهرجان الدوحة السينمائي الأخير طي التجاهل والنسيان.