للوهلة الأولى لم أصدّق ما تناقلته الصحف المختلفة عن حادثة صفع الممثل عمر الشريف إحدى السيدات، بعدما تقدمت بأدب تطلب التصوير معه في مهرجان الدوحة السينمائي، لذا قررت أن أطلع على المقطع قبل أن أعلّق، ووجدته بكل سهولة على جوالات أطفال عائلتي الذين أرسلت لهم عن طريق «البلاك بيري» وغيره. بالطبع أغضبني المقطع، وأغضبني أن السيدة كملت مسيرتها بعد أن استمعت إلى كلمتين «حلوين» من النجم الشهير، وتابعت مسيرتها حتى حصلت على الصورة بعد الصفعة. بعض الأشخاص علقوا عليها بأنها «بلا كرامة، وبأنها ضحت بها في مقابل الحصول على صورة بجانب أحد النجوم»، والبعض قال إنها استفزته بإلحاح لذلك نالت ما تستحقه، والبعض كان رأيهم مثلي أن الصدمة وعنصر المفاجأة ألجماها فلم تتصرف بما يتناسب مع الموقف السيئ، بعض الناس ردود أفعالهم بطيئة نوعاً ما... ليس بإمكاننا التنبؤ بسلوكياتهم، خصوصاً في المواقف المفاجئة التي قد لا يتوقعون فيها سلوكيات غير جيدة كهذا الموقف. بالطبع أعلم أن الفنان أو النجم ليس كائناً متاحاً لكل شخص وفي كل وقت، فهو أيضاً إنسان يتعرض لظروف وضغوط كثيرة جداً، ووضعه كنجم وكفنان يستلزم منه أن يكون في أبهى صورة وأجمل حلة في كل وقت، وأن يكون مبتسماً للجماهير التي تتشوق للقائه، وعليه أيضاً أن يكون مجاملاً حتى لو كان ما يخبئه في صدره مختلفاً، فهو في النهاية إنسان كائن بشري حي، ولكن هناك أصولاً للرفض، وأصولاً للتعبير عنه، وأصولاً لمنع وصول المعجبين والمعجبات، وعليه أن يكون جاداً بأدب مادام ارتضى لنفسه هذه المهنة التي تعتمد فقط على رضا الجمهور الذي يغضبه سوء التصرف وسوء الأدب. جميل أن السيدة عائشة أفاقت من الصدمة وطالبت بحقها المعنوي من النجم الفنان، وجميل أن يعرف كل نجم أن سلوكياته محسوبة، وأن تصرف معجبيه نابع من محبتهم له ومن فرحتهم بلقائه، ورغبتهم في الحصول على صورة تذكارية تخلّد ذكرى معينة قد تعني شيئاً ما لأصحابها، على رغم أن تصرف السيدة اتسم بالهدوء والأدب الشديد لأنها سارعت بالاعتذار عن طلبها البريء والتلقائي، والذي راق لي كثيراً على رغم ما يحمله من سلبية، ولكنه تصرّف راقٍ على كل حال، هو النجم الفنان طلب منها في آخر المقطع أن تشغل مخها وهاهي قد شغلته ورفضت وساطات إدارة المهرجان التي حاولت كثيراً - كما قرأت - حثها على التنازل، لأن ما حدث حدث بشكل علني وأمام الناس جميعاً والكاميرات التي سجلت اللقطات الفجة، فيجب أن يكون الاعتذار أيضاً بشكل علني بصورة ترضي السيدة المعنية وترضي جماهير النجم الكبير. موضوع السن والعمر وما حدث في المهرجان من مضايقات للنجم ليس منطقياً وليس مبرراً لسوء التصرف الذي رأيناه، وتصرفات المعجبات والمعجبين، على رغم أنها تتسم أحياناً بالعشوائية وعدم الترتيب والتنظيم، إلا أنها تعبير عن شيء يحتاجه النجم الفنان هو وغيره، فهو سيشعر بالحزن الشديد إذا ما وجد في مكان ولم يلتفت إليه أحد أو لم يتعرّف عليه أحد. في الختام الإنسان موقف وسلوك وفكر ولباقة، وإذا فَقَدَ أحدها فَقَدَ الكثير في حياته، وأولها سمعته التي لا تعوَّض بثمن. [email protected] twitter | @s_almashhady