دمشق، لندن، واشنطن - «الحياة» - «نعم للحظر الجوي على سورية» هذا هو أسم احدث مواقع المعارضة السورية على «فايسبوك». ما يهدف إليه الموقع واضح، وهو جمع تواقيع وتأييد أكبر عدد من السوريين في الداخل والخارج، والمواطنيين العرب ايضاً لفرض حظر جوي على سورية من اجل وقف الحملة الامنية ضد المدنيين، ودعم تحركات المتظاهرين على الارض. وإلى جانب الموقع الجديد، هناك عشرات الفيديوات على «يوتيوب» تدعو لفرض حظر جوي، خصوصاً بعد انتهاء الحملة العسكرية لحلف شمال الاطلسي في ليبيا. لكن على رغم مطالب السوريين المتزايدة، والتي يؤيدها الكثير من الناشطين على الأرض وأعضاء المجلس الوطني السوري المعارض، يبقى السؤال: هل الغرب بصدد طرح الفكرة للنقاش، ام ان الازمة الاقتصادية العالمية الحالية، والمخاطر الاقليمية التي يمكن ان تترتب على فرض حظر جوي (بخاصة رد فعل ايران و «حزب الله») ستلجم التحركات الغربية على الاقل في المدى القصير؟. وفي دعوتهم على صفحتهم على «فايسبوك» دعا الناشطون السوريون إلى التظاهر أمس، مطالبين بفرض حظر جوي على سورية «لوقف قمع الاحتجاجات من جانب نظام دمشق» التي أسفرت عن مقتل ثلاثة آلاف شخص منذ منتصف آذار (مارس). وحض الناشطون بشكل صريح المجتمع الدولي على فرض منطقة حضر جوي «للسماح للجيش السوري الحر بالتحرك بحرية أكثر». ومن المعروف ان «الجيش السوري الحر» قوة معارضة مسلحة اعلن عن تشكيلها في تموز (يوليو) العقيد رياض الاسعد المنشق اللاجئ في تركيا. وكانت انشقاقات قد زادت في الجيش السوري مؤخراً وكذلك الاشتباكات بين الجنود والمنشقين عليهم. ومع شعور ناشطين ان النظام السوري ليس جاداً في الاصلاح، وان كل المبادرات المطروحة هدفها فقط إضاعة الوقت حتى يتم القضاء على الحركة الاحتجاجية على الارض، يأمل الناشطون ان يكون «الجيش السوري الحر» وعناصره المنشقة في تركيا قادرين على تغيير «معادلة القوة»، خصوصاً ان الناشطين على الارض في سورية دفعوا بالفعل اثمان باهظة نتيجة مواصلة الاحتجاجات، فالى جانب آلاف المصابين، هناك نحو 30 آلف معتقل في السجون كما قال الناشط السوري البارز رضوان زيادة. وكان زيادة قد أعرب في تصريحات مسبقة ل «الحياة» عن دعمه لفكرة الحظر الجوي، مشدداً على أهميتها لحماية المدنيين، إلا ان المجلس الوطني السوري ما زال يحتاج الى اجراء المزيد من الاتصالات مع العالم الخارجي لجمع دعم لازم لبحث الفكرة، خصوصاً انها بالنسبة الى دمشق خط احمر. وأدت استضافة تركيا لعناصر منشقة من الجيش على اراضيها الى توتير العلاقات أكثر بينها وبين دمشق. وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية امس ان تركيا التي كانت من أقرب حلفاء سورية، أصبحت في خانة «الاعداء» بعد استضافة معارضين مسلحين، وتوفير المأوى لهم ما يسمح بشن هجمات عبر الحدود من داخل معسكر يخضع لحراسة من قبل الجيش التركي. وأضافت الصحيفة «الدعم للمنشقين يأتي وسط حملة تركية أوسع نطاقاً لتقويض نظام الأسد... ومن المتوقع أن تفرض تركيا عقوبات على سورية قريباً، كما أنها عمقت دعمها لجماعة المعارضة المعروفة باسم المجلس الوطني السوري، والذي أعلن تشكيله في اسطنبول». ويوم الأربعاء الماضي، أعلن الجيش السوري الحر، الذي يعيش في مخيم للاجئين يخضع لحراسة مشددة في تركيا، مسؤوليته عن مقتل تسعة جنود سوريين، من بينهم ضابط يرتدي الزي الرسمي، في هجوم في وسط سورية. لكن الدعم التركي المادي والمعنوي للمعارضة السورية ما زال إلى حد كبير «فردياً»، فحتى الآن لم تظهر الدول الغربية انها مستعدة لدعم عسكري للمعارضة السورية او فرض حظر جوي. كما ان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه قال قبل ايام ان تركيا تعتبر «الاقرب» الى الموقف الغربي، فيما الدول العربية ما زالت متحفظة على فكرة التدخل الخارجي في سورية. من ناحيتها، رسمت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مفارقة بين النموذجين السوري والليبي، مؤكدة أن المعارضة السورية و «حتى الآن ...لا تريد تدخلاً خارجياً»، كما أعلنت واشنطن أن الوزيرة ستتوجه الى لندنواسطنبول مطلع الأسبوع المقبل وحيث من المتوقع أن يكون الوضع في سورية على جدول المباحثات. وقالت كلينتون في مقابلة مع شبكة «صوت أميركا» في اللغة الفارسية قبل ثلاثة أيام أنه في حالة ليبيا «طلب الشعب نفسه مساعدة من الخارج، جاء هذا من المنطقة من الجامعة العربية، من مجلس التعاون الخليجي... وعندها أقرت الأممالمتحدة بأهمية الاستجابة للشعب الليبي»، وأضافت أنه «في سورية ليس لديك هذا الأمر، على الأقل ليس حتى هذه اللحظة». وأشارت الوزيرة الى أن المعارضة السورية «واضحة جداً بعدم رغبتها بتدخل خارجي، هم لا يريدون أي نشاط عسكري نيابة عنهم»، معتبرة أيضاً أنهم «لا يريدون من ايران أن تدعم حكومتهم ولا يريدون من آخرين أن يأتوا من الخارج». وتستعد كلينتون للتوجه في جولة الى المملكة المتحدة وتركيا الأسبوع المقبل وللمشاركة في مؤتمرين الأول حول الفضاء الالكتروني والثاني حول أفغانستان. وتصل كلينتون اسطنبول يوم الأربعاء وسيكون لها اجتماعات مع الجانب التركي ستتطرق للوضع في سورية.