إسطنبول، لندن - «الحياة»، أ ف ب - تتبنى تركيا نهجاً اكثر تشدداً حيال حليفتها السابقة سورية وصولاً الى اعلان دعمها المعارضين السوريين واحتضان المنشقين عشية استعدادها لاعلان عقوبات جديدة بحق نظام بشار الاسد. إلا ان أنقرة تنفي ان تكون ساهمت او ساعدت في تسليح معارضين سوريين. وهو الاتهام الذي ردده نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في حوار قبل ايام مع التلفزيون الروسي، حيث سمى تركيا ولبنان بالذات في ما يتعلق بمصادر تسليح المعارضين السوريين. وبعدما يئست من مطالبة دمشق بإصلاحات، استقبلت الحكومة التركية العديد من مؤتمرات المعارضين السوريين، وفي 18 تشرين الاول (أكتوبر) التقى وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو المجلس الوطني السوري الذي يضم شخصيات معارضة بارزة. ولم تتردد تركيا في استقبال منشقين، من بين 7500 سوري نزحوا الى الاراضي التركية. وأبرز هؤلاء العقيد رياض الأسعد الذي يؤكد قيادته «جيش سورية الحر» ويطالب ب «مساعدة عسكرية» لمواجهة نظام دمشق. وبخلاف قواعد تعامل انقرة مع النازحين السوريين، سمحت تركيا للاسعد بالادلاء بتصريحات صحافية. لكن وزير الخارجية التركي يتولى اختيار هذه الاطلالات الاعلامية وتنظيمها. ويؤكد الأسعد ان «جيش سورية الحر» ينفذ عمليات بفضل الاسلحة التي يستولي عليها. ورداً على سؤال لوكالة «فرانس برس» عما اذا كان الاسعد يتلقى سلاحاً من الجانب التركي، قال مسؤول في وزارة الخارجية انه يسمح للسوريين بعبور الحدود التركية ذهاباً وإياباً، ولكن «يحظر على الجميع العبور مزودين اسلحة». ومهما كانت طبيعة دور هذا العقيد، المهم انه يعكس تصميم تركيا على مواجهة دمشق. وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اول من امس «لا يمكن ان نبقى مكتوفي الأيدي» بإزاء ما يحصل في سورية، لافتاً الى «عقوبات معينة» ضد هذا البلد حيث خلفت اعمال القمع اكثر من اربعة آلاف قتيل. ولم يوضح اردوغان ماهية هذه العقوبات ضد النظام السوري الذي كان يصفه بأنه «صديق» العام الفائت ويعقد معه مجالس وزارية مشتركة وصولاً الى الغاء التأشيرات بين البلدين وتشجيع التجارة. وأعلن في تشرين الاول ان هذه العقوبات وشيكة، ولكن لم تكشف طبيعتها حتى الآن فيما يتحدث احمد داود اوغلو حالياً عن «اجراءات». واعتبر المحلل سنان اولغن من إسطنبول ان «تركيا لا تؤيد عقوبات عموماً. انها تخشى من دون شك ان تدعوها الدول الغربية الى الانضمام اليها في عقوباتها ضد ايران، وهو امر رفضته». من هنا حديث انقرة عن «اجراءات» بدلاً من عقوبات. وعلق سنان اولغن «تعتبر تركيا ان مدة بقاء النظام السوري محدودة، من هنا تساعد المعارضة بما فيها تلك المسلحة. لقد يئست من امكان التفاهم مع دمشق». ومن بين الخيارات التي يمكن ان تفكر فيها انقرة إذا ما تدهورت الاوضاع، اعلان منطقة عسكرية عازلة داخل الاراضي السورية بهدف تأمين الحدود واحتواء التدفق الكبير للنازحين في حال اندلاع حرب اهلية في سورية. وأكد الصحافي محمد علي بيراند «ان هذا الخيار نوقش منذ الصيف». لكن داود اوغلو لم يدل بموقف واضح عن هذا الامر رداً على سؤال في بداية تشرين الثاني (نوفمبر) لصحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية عن المنطقة العازلة او امكان فرض حظر جوي. وقال: «نأمل الا تكون تلك التدابير ضرورية، ولكن القضايا الانسانية مهمة بالتأكيد». وثمة اسباب عديدة تقف وراء تدخل الحكومة التركية في الملف السوري. وفي هذا السياق، ذكر اردوغان بأن الحدود المشتركة تمتد بطول يتجاوز 800 كلم، ما يعني ان اخطار زعزعة الاستقرار كبيرة وخصوصاً ان مجموعات كردية تقيم على جانبي تلك الحدود. وأوضح اولغن ان «الجانب التركي يعتقد ان سورية تحاول استخدام ورقة حزب العمال الكردستاني» المتمرد الذي يكثف هجماته على القوات التركية. وقال عكيف بيكي المستشار الاعلامي السابق لاردوغان لصحيفة «راديكال» التركية «نشهد تصاعداً لارهاب حزب العمال الكردستاني ولغضب تركيا حيال سورية». وثمة سبب آخر يدفع اردوغان الى التحرك بإزاء سورية: الولاياتالمتحدة. فواشنطن التي تساعد الجيش التركي في التصدي للمتمردين الاكراد طلبت في ايلول (سبتمبر) من حليفها التركي العضو في الحلف «الاطلسي» ممارسة «مزيد من الضغوط» على النظام السوري.