بقدر ما حَزِنّا وتأسفنا على موت أمير الحب والعطاء والخير والعلم والتقدير سلطان بن عبدالعزيز، بقدر ما سعدنا باكتشافنا أن هذا الذي غاب عن الدنيا لم يذهب إلا وقد ملأها دروساً وقدوات عظيمة ينهل منها العالم إلى أن يشاء الله. لم يذهب إلا وسطر في التاريخ سيرة عطرة وحديقة غناء دائمة تفوح منها روائح الحب والعطاء والخير والمثابرة والتقدير والتفاؤل والتشجيع وكل المعاني الإسلامية والإنسانية الحميدة. إن استلهام هذه الدروس والمواقف في حياتنا ولكل فئات مجتمعنا العمرية لينقلنا من عالم النظريات إلى عالم الواقع والتطبيق ويثبت للجميع أن المثاليات التي ندرسها ونقرأها قابلة للتطبيق وأنها تُغير واقع المجتمع من الكراهية وحب الذات إلى حب الناس والعطاء والإيثار ومن التشاؤم إلى التفاؤل ومن الكسل والتقاعس إلى المثابرة والاجتهاد ومن سوء الظن والغيبة إلى حسن الظن وذكر المحاسن. ونحن نُسلِّم بقضاء الله وقدره يجب أن نستغل هذه المحنة إلى منحة. كيف لا وقد كشفت حادثة موت سلطان بن عبدالعزيز أن الحياة لها طعم خاص وحقيقي كان يتمثله إنسان مثلنا ويعيش بيننا. لننشر هذه القصص والدروس في تراثنا وفي مناهجنا وقراءاتنا. هيا بنا نؤسس مادة للتربية الوطنية الحقة ومادة للسلوك والحياة نضعها في مناهجنا التعليمية وقراءاتها الإضافية. وكما رسم سلطان الخير والعطاء والعلم والتفاؤل مادة ثرية فإن هذه السيرة أو بعضها متمثلة في نماذج وطنية عديدة يجب أن تبرز كذلك لا لتمجيد أشخاصها بقدر تمجيد أعمالها. لقد سئم مجتمعنا من إبراز الأخطاء والانتقاد السلبي وتوثيق الجرائم والمخالفات. سئمنا من إحباط الأجيال وتقديم الحالات السيئة باسم الشفافية والعلاج. إن علاج مشكلاتنا وتغليب جوانب الخير في مجتمعنا لا يتحقق إلى بإفشاء السلام والحب والتعاون وإنكار الذات والتسامح والعدل وحب الخير للناس مثل ما تحبه لنفسك. إن صعود الأجيال الناشئة في هذه الزخم من المعاني الجيدة والقدوات الحسنة والسلام مع النفس والمجتمع لا يثمر إلا الخير والحب والعطاء والمنافسة في مجال الخير. قال تعالى: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ). رحمك الله يا سلطان فقد سننت لنا سنناً حسنة فلك أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. * رئيس المركز الوطني للقياس والتقويم.