واشنطن - أ ف ب - جددت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أمس، تحذيرَ ايران من التشكيك في الالتزام الاميركي بالعراق على رغم اعلان سحب كل القوات الاميركية من هذا البلد نهاية العام الجاري. وقالت كلينتون في مقابلة مع شبكة «سي ان ان»: «ينبغي على اي جهة، خصوصا ايران، ألاّ تخطئ في حساباتها في ما يتعلق باستمرار التزامنا تجاه العراقيين وتجاه مستقبل بلادهم»، مشيرة الى استمرار الوجود العسكري الاميركي في المنطقة والتحالف مع تركيا. وجاءت تصريحات كلينتون بعد يوم من اعلان الرئيس باراك اوباما ان كل القوات القتالية الاميركية وعددها 39 الف جندي، ستنسحب من العراق نهاية العام، بعد ان رفضت بغداد منح حصانة قانونية لمجموعة صغيرة من تلك القوات كانت واشنطن تأمل في بقائها. وقالت كلينتون ان الجيش الاميركي سيواصل مهمات التدريب والدعم في العراق بعد الانسحاب، مؤكدة ان الولاياتالمتحدة ستبقي وجوداً ديبلوماسياً قوياً في بغداد. غير ان وزير الدفاع ليون بانيتا قال الجمعة، إنه مازال يأمل بالتفاوض مع العراقيين حول مهمات التدريب التي تضطلع بها قوات اميركية، فيما هاجم المحافظون في واشنطن اعلان الانسحاب باعتباره يترك الباب مفتوحاً امام ايران في العراق. وردّت كلينتون على ذلك بأن الولاياتالمتحدة ستعوِّل على ما هو اكثر من مجرد حضور ديبلوماسي في العراق لإبقاء الدور الايراني محدوداً. وقالت: «فضلاً عن حضور ديبلوماسي كبير جداً في العراق يضطلع بالمسؤوليات في اطار التعامل مع عراق مستقل وديموقراطي وذي سيادة، لدينا قواعد في بلدان مجاورة، ولدينا حليف تركي. لدينا حضور كثيف في تلك المنطقة». يذكر ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أعلن السبت، أن تاكيد أوباما انسحاب القوات الاميركية مع نهاية السنة يشكل فرصة «تاريخية» للعراق، مشدداً على ان هذا الانسحاب لن يؤثر في الوضع الامني في البلاد. وقال المالكي في مؤتمر صحافي غداة اعلان اوباما انجاز انسحاب 39 الف جندي اميركي منتشرين في العراق قبل نهاية هذا العام: «لا خوف على انفلات الاوضاع الامنية بعد انسحاب القوات الاميركية». وأضاف أن «القوات الاميركية كانت نادراً ما يُطلب منها المساعدة في مجالي الاستخبارات والنقل، وان قواتنا كانت تشرف على الاوضاع منذ توقيع الاتفاق الامني في عام 2008». واكد ان «الاتفاق يعد مناسبة تاريخية للشعب العراقي (...) وقواتنا اصبحت قادرة على ضبط الاوضاع الامنية». وتراجعت اعمال العنف في شكل ملحوظ في العراق خلال الاعوام الاربعة الاخيرة، بعدما بلغت ذروتها خلال العامين 2006 و2007، لكن الاعتداءات مستمرة. وفي ايلول (سبتمبر) الفائت قتل 185 عراقياً في هجمات مقابل 230 قتيلاً في آب (اغسطس)، وفق إحصاءات رسمية. وعن التدخلات الخارجية، قال المالكي: «لا يوجد من يفكر في أن يخترق العراق»، مشيراً الى ان «السياسة المعتمدة في العراق لا تعطي فرصة لأي جهة ان تخترق أجواءنا». وتابع: «لن نشهد اي قاعدة عسكرية اميركية في العراق ما دام الاتفاق جرى في اطار سحب القوات، ولن يكون هناك اي وجود اميركي». وأشار الى أنه بالانسحاب الاميركي «طوينا صفحة كان يحكمها العسكر لننتقل الى مرحلة جديدة مبنية على التعاون الديبلوماسي». وأكد ان العراق قرر عدم منح حصانة للمدربين الاميركيين، لكنه زاد ان قضية بقاء مدربين ستبرم ضمن عقود شراء السلاح ولا يحتاج الامر الى موافقة برلمانية. وأوضح: «حينما طرح موضوع الحصانة وأُبلغ الجانب العراقي انه لن يبقى جندي إلا بحصانة وكان الجواب العراقي بالرفض، توقف البحث في موضوع العدد والمكان وآليات التدريب، ولما حسم الموضوع بدأت القوات الاميركية بالانسحاب الحقيقي ولم يبق الا ثلاثين الف جندي، لذا تخلينا عن ذلك واتجهنا الى التدريب من دون حصانة». وقال ان «الجانب الاميركي توقف بعد الرفض العراقي عن تقديم المقترحات بالأعداد وآليات التدريب. ان قضية المدربين ستوضع في عقود شراء السلاح كشيء اساسي، لذلك سيكون الموضوع سهلاً، لكن على اي قاعدة تكون، هذا هو موضوع النقاش». وأعرب عراقيون عن سرورهم السبت بإعلان الانسحاب الاميركي بعد ثمانية اعوام من الحرب وأعمال العنف التي تلت سقوط نظام صدام حسين عام 2003. لكنهم أبدوا خشيتهم من تجدد النزاعات الطائفية ومحاولات زعزعة استقرار البلاد من دول مجاورة مثل سورية وايران. وكان الجيش الاميركي احتل العراق في عهد الرئيس السابق جورج بوش من دون تفويض من الاممالمتحدة، بذريعة السيطرة على اسلحة الدمار الشامل لدى نظام صدام حسين. ولكن لم يتم العثور على هذه الاسلحة، فيما اطيح الرئيس العراقي السابق قبل ان يعتقله الاميركيون في كانون الاول (ديسمبر) 2003 ويحاكمه القضاء العراقي ويقضي بإعدامه عام 2006. واسفرت الحرب في العراق عن 4400 قتيل على الأقل في صفوف الاميركيين.