غزة - أ ف ب - لا يشعر أنيس النمورة الذي اطلقت سراحه اسرائيل في اطار صفقة التبادل مع «حماس» ونقل الى غزة مع انه من سكان الخليل في الضفة الغربية، بالغربة في القطاع على رغم انه لم يصافح أهله ولم يرهم. وأمضى أنيس النمورة، وهو من عناصر «كتائب الاقصى» التابعة لحركة «فتح»، عشر سنوات في السجن بعد اتهامه بالاشتراك في هجمات قتل فيها اسرائيليون. ويقول النمورة الذي كان منذ الصباح الباكر في خيمة كبيرة اقيمت في ساحة «الكتيبة» غرب مدينة غزة لاستقبال المهنئين: «أشعر بالعزة أكثر من فرحتي بالتحرر». ويبرر شعوره هذا بالقول: «كنت محكوماً بالسجن المؤبد. أرادوا لي الموت. لكنني خرجت في صفقة التبادل التي فرضت عليهم فرضاً على رغم أنني من الفئة المسمية أيديهم ملطخة بالدم». ويؤكد انه لا يشعر بأي «غربة»، موضحاً: «أنا بين أهلي، ورسالتي لأهلي ان غزة جزء من الوطن الحبيب». وتبدو علامات الفرح والتعب معاً على وجه النمورة الذي يستقبل الى جانب عشرات من رفاقه من المحررين من سكان الضفة والقدس، مهنئين لا يعرفهم من العامة وناشطي الفصائل بعضهم بزي عسكري. واقيمت الخيمة في المكان الذي نظم فيه المهرجان المركزي لاستقبال المحررين عصر الثلثاء. ولا تزال صورة كبيرة لعملية «الوهم المتبدد» التي أسر فيها الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت تحيط بها صور لقادة في السجون الاسرائيلية من «حماس» و«فتح» و»«الجبهة الشعبية» بجانب صورة ضخمة للشيخ احمد ياسين مؤسس «حماس» الذي اغتيل عام 2004. ومصعب اسماعيل الهشلموني من الخليل ايضاً ويشعر ب «الانتصار»، ويقول ان «شعوري في لحظة الافراج فرحة الانتصار غامرة. اقول لاخواني في غزة انتم عائلتنا عشت معكم قلباً في السجن والآن قالباً». ويشير الهشلموني، الناشط في «حماس»، انه كان محكوماً ب17 مؤبداً، مضيفاً: «اتهمني الاحتلال الصهيوني بأنني المسؤول الاول عن هجوم قتل فيه 16 اسرائيلياً وجرح مئة آخرون». وحض عائلته في الخليل التي لم تتمكن من المجيء الى غزة لاستقباله على «الصبر على محنتكم الصعبة كأهلكم الصابرين في غزة». وتمنى ان تشكل صفقة التبادل دفعاً لحركتي «فتح» و«حماس» لتحقيق المصالحة والوحدة. اما شعيب صالح ابو سنينة (44 عاماً)، وهو من سلوان وأب لاربعة اولاد، فعبّر عن سعادته للافراج عنه، مؤكداً «انني بين اهلي في غزة وهي جزء من الوطن». واضاف ابو سنينة الذي اعتقل عام 1988 وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد، انه يشعر كمن «خرج من البئر بعدما فقد الامل». ويقيم اسرى القدس والضفة الغربية، وعددهم 161، في فنادق عدة في غزة. وقال صابر ابو كرش المسؤول في جمعية «واعد» للأسرى المحررين في غزة، ان اقامة هؤلاء الاسرى في الفنادق ستستمر موقتاً «لاربعة اسابيع» حتى الانتهاء من اعداد وتجهيز وتأثيث شقق سكنية لهم ليقيموا فيها. وأمضى اسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة برفقة وزير الاسرى والمحررين في حكومته عطالله ابو السبح ساعات في خيمة المحررين. وعلى وقع اغان وطنية تمجد «بطولات» الاسرى والمحررين، كان عشرات من عناصر «كتائب عز الدين القسام» الملثمين والمسلحين برشاشات «كلاشنيكوف» و«ام 16» يصطفون لمصافحة المستقبلين. وبينما قامت «حماس» بذبح الخراف تحية للمحررين، كان شبان وصبية يوزعون الحلوى والتمور والقهوة العربية. وفي واجهة الخيمة، وضعت صور للمحررين وكتب على يافطة من القماش: «اذا قالت حماس صدقت». وقال ابو السبح: «لن يتحرر الاسرى إلا بالمقاومة (...) والصفقة أسقطت كل المحرمات»، في اشارة الى الصفقة التي تشمل الافراج عن مقاتلين شاركوا في هجمات قتل فها اسرائيليون. ويؤكد عبدالعزيز عمرو، وهو محرر من القدس أبعد الى غزة: «يستحيل ان نوقع على اي ورقة اسرائيلية تجبرنا على وقف المقاومة». وانشغل موظفون ومتطوعون صباح امس بإعداد الاوراق الثبوتية الخاصة بالاسرى من الضفة والقدس. وقال ابو كرش: «سيتم إنجاز هويات وجوازات سفر المحررين»، موضحاً انه بإمكان المحررين من الضفة السفر الى الخارج في اي وقت. وتمكنت عائلات ثلاثة اسرى من الضفة الوصول الى غزة. وعبر والد صالح نزال الذي وصل من قلقيلية عبر معبر رفح الحدودي مع مصر الى غزة مساء الاثنين الماضي، عن سعادته لاستقبال ابنه واحتضانه. وتقول زوجة المحرر نزال التي وصلت مع أبنائه الثلاثة: «كنا نأمل في ان يفرج عنه في بلدتنا، لكن غزة جزء من الوطن».