عندما قامت الثورات في العالم العربي أطلق الغرب عليها الربيع العربي، والربيع يعني تفتح الزهور وتغيّر الطبيعة واكتساءها بحلة زاهية، فهم يرون في هذه الثورات التي انطلقت واحتل فيها الشباب الميادين والساحات في بلدانهم هم كتلك الزهور التي تنتشر في فصل الربيع وتحشد الطبيعة بألوان الفرح بتفتح الزهور، على رغم أن هذه الثورات التي قامت هم غير مؤيدين لها، لأنها اقتلعت رموزاً كان يعوِّلون عليها في الشرق الأوسط، ولكن حاول الغرب أن يتماشى معها لأنه شعر بجدية هذه الشعوب ورغبتها في التغيير، لذلك كان فرحاً بما تم ليطلق عليه الربيع، ولكن فات الغرب أن الذي حدث قد يمتد إلى عقر دارهم، فهاهم الشباب في الولاياتالمتحدة يحتلون الساحات وينصبون الخيام ضد الفقر المدقع الذي يعيشون فيه، وضد الرأسمالية التي انتفخت جيوبها في «وول استريت»، فكان الاحتلال أولاً لذلك الشارع، ثم تلته بقية الساحات في كل المدن الرئيسية، إنه امتداد الربيع الذي يعم الكرة الأرضية كفصل ولكن مواقيته تختلف من مكان إلى آخر، وهكذا بعد أن انتقل الربيع إلى الغرب ليكون الربيع الغربي بدلاً من العربي، ستتحول كل الساحات في بلدان العالم إلى ربيع بشري يزدحم بألوان الثياب، ولكن ستكون ساخنة بحيث تزعج الحكام وتغض من مضاجعهم، والعاقل من اتعظ بغيره وسعى للتغيير الحقيقي، على رغم الكساد العالمي الذي سيسود في مقبل الأيام فلا بد من أن يتكاتف العالم العربي من جديد ويعيد حساباته ويوجه استثماراته لخير الأمة والنهوض بها في المستقبل المنظور وعلى مستوى الدول، فلا بد لكل دولة من توجيه طاقات الشباب نحو الإنتاج بخلق الفرص الاستثمارية، على أن تقوم الدولة بدعم ذلك وتجويد الأداء وإدخال الماكينة في العمليات الإنتاجية، حتى تتم زيادة الرقعة الزراعية والصناعية.