شنّت تركيا هجوماً برياً وجوياً على متمردي «حزب العمال الكردستاني» المحظور شمال العراق، متعهدة «انتقاماً مدوّياً» إثر مقتل 24 جندياً وجرح 18، بهجوم نوعي لمسلحي الحزب على مراكز أمنية حدودية ليل الثلثاء - الأربعاء، اعتُبر الأضخم منذ عقود، ورأى فيه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «أيدي أجنبية»، فيما طالبت المعارضة باستقالة حكومته. ودان الرئيس الأميركي باراك أوباما «الهجوم الإرهابي الشائن»، مؤكداً أن «الولاياتالمتحدة ستواصل تعاونها الوثيق مع الحكومة التركية، في عملها لإلحاق هزيمة بالخطر الإرهابي الذي يمثّله حزب العمال الكردستاني، وإحلال السلام والاستقرار والازدهار لدى سكان جنوب شرقي تركيا». وأفادت وكالة أنباء «دوغان» التركية بأن نحو مئتين من أعضاء «الكردستاني» شنوا هجوماً متزامناً على ثمانية مواقع نائية للجيش التركي، في مدينتي شوكورجه ويوكسيك أوفه، في ولاية هكاري جنوب شرقي البلاد، على الحدود مع إيران والعراق. واللافت تنظيم الهجوم واستهدافه وحدات الدعم والإسناد، قبل عودة المنفذين الى شمال العراق، ما أدى الى مقتل 26 جندياً تركياً وجرح 22، كما أعلنت وزارة الداخلية التركية. لكن أردوغان خفّض لاحقاً تقديرات عدد القتلى الى 24 والجرحى الى 18. وأعلن «الكردستاني» مسؤوليته عن الهجوم، معتبراً أنه ردّ على هجمات تركية استهدفته. وأفادت وكالة أنباء «فرات» المؤيدة للمتمردين، بمقتل وجرح حوالى مئة من قوات الأمن التركية، مقرّة بمقتل خمسة من مسلحي «الكردستاني». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن ناطق باسم الحزب يتخذ جبل قنديل شمال العراق مقراً، تأكيده أن «ما تعرّض له الجيش لم يكن مخططاً له من عناصرنا». ووصف الهجوم على الجيش التركي بأنه «حفلة استقبال له، لدى محاولته التوغل شمال العراق لملاحقة عناصر حزبنا»، مهدداً ب «ضربات أكبر». واعتُبرت هذه العملية النوعية رابع أضخم هجوم يشنّه «الكردستاني»، منذ بدء نشاطه المسلح العام 1984. وقتل الحزب 33 جندياً تركياً، خلال نقلهم من موقع إلى آخر، العام 1993. وردّ الجيش التركي أمس على الهجوم، إذ توغل حوالى 500 عنصر كوماندوس نحو 8 كيلومترات شمال العراق، وقتلوا 24 من أعضاء «الكردستاني»، فيما قصفت المدفعية مراكز للحزب في جبال قنديل التي أغارت عليها أيضاً مقاتلات ومروحيات تركية. وعقد أردوغان اجتماعاً طارئاً مع رئيس الأركان الجنرال نجدت أوزال ووزيري الداخلية نعيم شاهين والدفاع عصمت يلماز، قبل أن يتوجه الوزيران وقادة الجيش الى المنطقة التي شهدت الهجوم، للإشراف على ملاحقة المتمردين. وألغى أردوغان زيارة رسمية لكازاخستان، معلناً إطلاق «عمليات واسعة في المنطقة، بينها مطاردة ساخنة، في إطار القانون الدولي». وقال: «سنحمّل المسؤولية لمن يساند التنظيمات الإرهابية ويشجعها. لن نذعن مطلقاً لأي هجوم من داخل تركيا أو خارجها. لن نستسلم، وليفهم الجميع ذلك». واعتبر أن هدف الهجوم هو نسف المفاوضات التي بدأت في البرلمان، لوضع دستور جديد يشمل تسوية للقضية الكردية، مشيراً الى أن وراء الهجوم «أيدي أجنبية خفية تستهدف النيل من استقرار تركيا وازدهارها اقتصادياً، وزيادة ثقلها إقليمياً». لكنه شدد على أن الهجمات لن تغيّر تصميم حكومته على تسوية النزاع الكردي بوسائل ديبلوماسية. أما الرئيس التركي عبد الله غل فأكد «تصميم» بلاده على القضاء على «الكردستاني»، مضيفاً: «انتقامنا سيكون مدوياً، وسنرد على الذين يتسببون لنا في ألم، بألم أكبر. سنقاوم الإرهاب حتى النهاية». وأشار مقربون من أردوغان إلى تقارير للاستخبارات التركية تشير الى تورط دول إقليمية بتأمين دعم لوجستي وعسكري ل «الكردستاني»، أتاح له تطوير هجماته. ويُتوقع أن يعقد البرلمان التركي جلسة سرية خاصة اليوم، يشرح خلالها وزير الخارجية أحمد داود أوغلو الذي ألغى زيارة لصربيا، ما يملكه من معلومات في هذا الشأن. في المقابل، طالب «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي المعارض الحكومة بالاستقالة. وقال رئيسه كمال كيليجدارأوغلو ان «حكومة أردوغان لم تحرز خلال تسع سنوات من الحكم أي تقدم لتسوية القضية الكردية والإرهاب». وحضّ حزب «الحركة القومية» على فرض حال الطوارئ في محافظات جنوب شرقي تركيا ذات الغالبية الكردية. أما «حزب السلام والديموقراطية» الكردي، فأصدر بياناً يطالب الجيش و «الكردستاني» بوقف القتال، ما أثار استهجاناً في تركيا، إذ ساوى بين الجيش والحزب المحظور.