ضيّق مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الخناق أمس على فلول قوات العقيد معمر القذافي المحاصرة في حيين بمدينة سرت، غداة الانتصار السريع الذي حققوه على جبهة بني وليد التي صارت كلياً في يدي الحكم الليبي الجديد. لكن معارك سرت أظهرت مجدداً أمس مدى الفوضى التي تعم صفوف الثوار، وسقوط قتلى منهم ب «نيران صديقة». ونقلت «وكالة أنباء التضامن» الليبية عن مراسلها في سرت أن «13 شهيداً سقطوا بالجبهة الشرقية من المحور البحري وأكثر من 80 جريحاً حال بعضهم خطيرة نتيجة قصف صاروخي خاطئ من المحور الغربي للثوار». أما وكالة «فرانس برس» فتحدثت عن سقوط قتيلين وعشرات الجرحى من الثوار في معركة وقعت ظهراً في سرت. ويتحصن قادة في نظام العقيد المخلوع في حي الدولار والحي السكني الرقم 2، ويعتقد بعض قادة الثوار بأن شراسة المدافعين عن الحيين توحي بأن هناك شخصات مهمة موجودة هناك، وربما يكون بينها العقيد القذافي نفسه. وجاء ذلك في وقت أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في زيارة مفاجئة لطرابلس حيث التقت رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل واجرت محادثات مع رئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل، أن الولاياتالمتحدة تحيي «انتصار ليبيا» في معركتها ضد القذافي، لكنها شددت على ضرورة توحيد مختلف كتائب الثوار لتفادي خطر اندلاع حرب أهلية في البلاد. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن كلينتون ان «الولاياتالمتحدة فخورة بوقوفها إلى جانبكم في معركتكم من أجل الحرية وستستمر في ذلك إذا واصلتم هذه الرحلة، مع احترام سيادتكم والوفاء بصداقتنا». واكدت أن «الحلف الاطلسي والتحالف الدولي سيواصلان حماية المدنيين الليبيين إلى ان ينتهي تهديد القذافي». واشارت إلى انه «من الأمور التي يجب تسويتها توحيد مختلف الميليشيات في جيش واحد يمثل الشعب الليبي»، وذلك ردا على سؤال عن مخاطر وقوع حرب أهلية في ليبيا حيث ظهرت توترات بين فصائل مختلفة شاركت في تحرير البلاد. واضافت كلينتون أن «اقامة جيش وطني وقوة شرطة تحت قيادة مدنية أمر اساسي». ورداً على سؤال عما اذا كانت الولاياتالمتحدة ستتعاون مع الاسلاميين، قالت كلينتون ان واشنطن «ستدعم أي عملية ديموقراطية تحترم القانون وحق الأقليات والنساء» وتسمح بصحافة حرة. وحذرت من «الذين يريدون انتخابات وبعد أن ينتخبوا لا يريدون انتخابات أخرى». واكدت متوجهة الى الليبيين «انتم تستحقون حكومة تمثل كل الليبيين وكل مناطق البلاد وكل الفئات بما في ذلك النساء والشباب». واضافت «تستحقون نظاماً قضائياً شفافاً وعادلاً. الاعمال الانتقامية والذين يريدون ان يقيموا العدالة بانفسهم ليس لهم اي مكان في ليبيا الجديدة». الى ذلك، نقلت قناة «الرأي» التي تبث من سورية عن العقيد معمر القذافي قوله أول من أمس إن البغدادي المحمودي ما زال رئيساً للوزراء في ليبيا ولا يمكن أن يفقد منصبه سوى من خلال مؤتمر الشعب العام، ولذلك فإن على العالم التعامل معه على هذا الأساس. وجاء تمسك القذافي بآخر رئيس للوزراء في نظامه المنهار بعدما أعلن محامو المحمودي أنه دخل إلى المستشفى في تونس يوم الإثنين جراء مضاعفات صحية ناتجة عن الاضراب عن الطعام الذي ينفّذه منذ أسابيع. ويحتج البغدادي المحمودي على توقيفه في تونس على ذمة طلب لتسلمه من قادة الحكم الليبي الجديد.