مقديشو - أ ف ب - عندما سقط ابنها فريسة المرض، أيقنت سعيدو صالح ضرورة الفرار من مدينة أفقوي، التي تعدّ أكبر مخيم للنازحين في العالم والتي تشهد مجاعة وفقراً ويسيطر عليها متمردو «حركة الشباب الإسلامية»، فاتجهت إلى العاصمة مقديشو. وكانت سعيدو تحمل طفلها البالغ من العمر سنة في عيادة في العاصمة الصومالية، التي تشهد اضطرابات على رغم سيطرة القوات الحكومية عليها، بعدما تسلّلت عبر خطوط الجبهة للحصول على مساعدة، وقالت: «لا يوجد أي شكل من أشكال المساعدات». وبعد معالجة ابنها المصاب بالحمى وتلقيحه ضد الحصبة، أكدت أن «قلة الغذاء تشكّل السبب الرئيس لمعاناة الناس، وهم مرضى ولا يوجد ما يكفيهم». وعبرت القوات والدبابات الكينية الحدود إلى جنوب الصومال في اليومين الماضيين لمطاردة «حركة الشباب» بعد اتهامها بعمليات خطف أجانب في كينيا، إلا أن المتمردين لا يزالون يسيطرون على معظم مناطق وسط الصومال وجنوبه. وتعاني مدينة أفقوي، التي يسكنها نحو 410 آلاف شخص على الطريق الرئيس الممتد من غرب مقديشو، من القيود التي تفرضها الحركة على المساعدات الخارجية. ولا يزال الوضع قاتماً، على رغم الجهود الدولية لزيادة المعونات، بعد نحو ثلاثة أشهر من إعلان الأممالمتحدة حال المجاعة في أول منطقة من مناطق كثيرة في جنوب الصومال، والتي تشمل الآن أفقوي ومخيمات داخل مقديشو. ووصفت الأممالمتحدة الصومال، التي تشهد حرباً أهلية مستمرة منذ العام 1991، بأنها تواجه أسوأ كارثة إنسانية في العالم. عقبات أمنية ويعاني أربعة ملايين صومالي من الأزمة، يواجه 750 ألفاً منهم خطر الموت خلال الشهور المقبلة إذا لم تُعزّز الجهود، وفق مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وحدّت المخاوف الأمنية من دخول الغذاء والأدوية إلى المحتاجين، حتى داخل مقديشو التي تشكّل قاعدة لنحو تسعة آلاف من عناصر قوات الاتحاد الإفريقي والحكومة الضعيفة المدعومة من الغرب. وقال مدير عيادة الأمومة والطفولة إبراهيم محمد قاسم في وسط مقديشو: «نبذل كل ما في وسعنا، لكن الطلبات ضخمة جداً، وزيادة المساعدات اصطدمت بجدار عدم التنسيق الجيّد». وهطلت الأمطار الموسمية، لتزيد من معاناة عشرات الآلاف الذين يقيمون في خيام بلاستيكية وأخرى مصنوعة من القماش، على رغم اعتبارها مؤشراً جيداً لرعاة الماشية. وأشار بيان ل «منظمة أطباء بلا حدود» إلى أن «الأمراض المعدية، ومن بينها الكوليرا والتهاب الرئة وحمى الضنك والملاريا، منتشرة في المدينة»، معربة عن خشيتها من احتمال زيادة انتشارها نتيجة الأمطار الموسمية. ووصلت المساعدات الغذائية إلى نحو 2.2 مليون شخص ابتداءً من الأسبوع الماضي، في زيادة كبيرة مقارنة بأسابيع قليلة ماضية، وفق مكتب الأممالمتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية، الذي حذّر من صعوبة إيصال المساعدات إلى كل مناطق جنوب الصومال المهدّدة أمنياً، مؤكداً أن مقاتلي «حركة الشباب» صادروا عشرات من شاحنات الأغذية في وقت سابق هذا الشهر.