يبدو أن بوصلة وزارة العمل السعودية لم تكن موفقة في الاتجاه إلى الجنوب الغربي الجغرافي من المملكة، عندما وقع اختيارها على ثلاث دول أفريقية، كبديل ومصادر لاستقدام العمالة، بعد أن فشلت مفاوضاتها مع دول شرق آسيوية ما أدى إلى انقطاع الاستقدام من هناك بشكل كبير، مقارنة بالعقود الثلاثة الماضية. وفي الوقت الذي تعاني فيه الدول الثلاث إثيوبيا وكينيا وإريتريا من ترهل في البنية التحتية الصحية والطبية، وتنتشر فيها أمراض معدية وغير معدية ووبائية، تصر وزارة العمل، على استقدام العمالة من هناك، وكأنها تحقق «نصراً»! ويبقى السؤال أين تقع الدول الثلاث جغرافياً؟ خصوصاً إذا ما علم أن 68 في المئة من المصابين بفيروس الأيدز في أفريقيا يعيشون إلى الجنوب من الصحراء الكبرى اذ يناهز عدد الذين هم بحاجة لمعالجة بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية 10.6 مليون نسمة. وبلغ عدد المتعايشين مع الأيدز والعدوى بفيروسه، في نهاية عام 2009 نحو 33.3 مليون نسمة. كما سجلت في العام نفسه نحو 2.6 مليون إصابة جديدة بذلك الفيروس وما يقارب مليوني حالة وفاة بسبب الأيدز، بما في ذلك 260 ألف حالة وفاة بين الأطفال. وبحسب الكتاب الإحصائي لمنظمة الصحة العالمية الصادر في العام 2010، فإن معدل الوفيات الناجمة عن مرض الأيدز في أفريقيا أعلى ب35 ضعفاً من معدله في منطقة شرق المتوسط التي تتبعها السعودية، كما ان معدل انتشار السل يبلغ ثلاثة أضعاف بين المنطقتين، في حين ان معدل حدوث السل في افريقيا 350 حالة من كل 100 ألف يقابلها 110 حالات في منطقة شرق المتوسط. في السياق ذاته، توضح التقارير والإحصاءات إن معدل انتشار الأيدز في الفئة العمرية بين 18 و49 عاماً تصل إلى 25 ضعفاً في أفريقيا (4.9 في المئة) عن المنطقة التي تقع ضمنها السعودية (0.2 في المئة). وسجلت الدول الثلاث المنضمة لقائمة دول الاستقدام الجديدة لوزارة العمل، إثيوبيا وكينيا وإريتريا أرقاماً تدعو للتشاؤم في ما يتعلق بأمراض الجذام والملاريا والكوليرا والسل، إذ سجلت 2.5 مليون حالة ملاريا في إثيوبيا و10527 حالة في إريتريا و840 ألف حالة في كينيا. وبالنسبة لمرض الجذام، سجلت إثيوبيا 4170 حالة، و167 حالة مسجلة في كينيا، بينما خلت إريتريا من أي حالات مرصودة. وفي الوقت الذي يعتقد فيه كثيرون أن مرض «الكوليرا» ولى بلا رجعة، سجلت إثيوبيا في عام 3862 إصابة، تقل عنها كينيا قليلاً ب3091 إصابة، في مقابل إصابة واحدة في إريتريا. وبخصوص مرض السل، فتصدرت إثيوبيا الدول الثلاث في أعداد الحالات ب40794، تلتها كينيا ب36 ألف، ثم إريتريا ب839. يذكر ان وزارة العمل قطعت استقدام العمالة من اثنتين من اكبر مصدري العمالة الرخيصة إلى السعودية (إندونيسيا والفيليبين) بعد اعتراض تلك الدول على أساليب التعامل وأجور العمالة، وخرجت بعد فترة ليست قصيرة، معلنة «إيجاد بدائل»، تمثلت في إثيوبيا وإريتريا وكينيا وسيريلانكا والسودان واليمن.