رفع بنك اليابان المركزي أمس أسعار الفائدة للمرة الأولى في ست سنوات، إذ زاد سعر الإقراض لليلة واحدة ربع نقطة من صفر، مؤكداً انتهاء حقبة طويلة من انكماش الأسعار والجمود الاقتصادي. وانضم بنك اليابان إلى البنوك المركزية في الولاياتالمتحدة وأوروبا التي باشرت دورة من تقييد الائتمان. وأعلن بنك اليابان في بيان مواصلة"اقتصاد اليابان التوسع باعتدال مع توازن الطلب المحلي والخارجي، وأيضاً قطاعي الشركات والمستهلكين". وأشار إلى أنه في ضوء مناخ كهذا، كان من شأن الإبقاء على أسعار الفائدة الصفرية أن يؤدي إلى"تقلبات كبيرة في النشاط الاقتصادي والأسعار في المستقبل". لكنه أضاف أن"مناخاً نقدياً توافقياً بفعل أسعار فائدة بالغة التدني قد يستمر لبعض الوقت". وكانت الأسواق المالية تحسبت على نطاق واسع رفع الفائدة، وعزز بيان بنك اليابان توقعات المتعاملين في أسواق العملات والسندات بأن البنك المركزي سيبقي على اتساع الفجوة في سعر الفائدة بين اليابان وغيرها من الدول الكبرى لبعض الوقت. وتراجع الين عقب الإعلان بعد انخفاضه إلى أدنى مستوياته في أسبوعين في وقت سابق أمس. وضخ البنك المركزي ما يعادل 13.9 بليون دولار في سوق النقد مع ارتفاع نسبة المال تحت الطلب لليلة واحدة تحسباً لرفع الفائدة. وظل مؤشر"نيكاي"للأسهم مستقراً بعد القرار، لكنه كان منخفضاً واحداً في المئة قبله مع تجدد المخاوف في شأن تأثير ارتفاع أسعار النفط وهو عامل آخر قد يثني بنك اليابان عن الاندفاع في رفع أسعار الفائدة مستقبلاً. وقال كبير الاقتصاديين في"إتش إس بي سي سكيوريتيز"في طوكيو مامورو يامازاكي إن رفع الفائدة"جاء كما توقعنا". وأضاف:"لكن التأثير على الاقتصاد سيكون محدوداً. وبالنظر إلى وتيرة ارتفاع الأسعار لا أتوقع زيادة قبل الربع الممتد من كانون الثاني يناير إلى آذار مارس". وفي حين أن المخاطر من قبيل تقلبات أسواق المال وتباطؤ الاقتصاد الأميركي لا تزال قائمة فان مسؤولي بنك اليابان يبدون واثقين في أن اقتصاد البلاد مقبل على تحسن طويل. ونما الاقتصاد بمعدل سنوي بلغ 3.1 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة، وهو التوسع الفصلي الخامس على التوالي. كما أن أسعار المستهلكين في ارتفاع منذ سبعة أشهر بعد أكثر من سبع سنين من انكماش الأسعار، والذي اعتبر نتيجة لكبح الإنفاق الاستهلاكي واستثمارات الشركات. وفي كلمة قبل إعلان رفع الفائدة، قال وزير الاقتصاد كاورو يوسانو إن رفع الفائدة سيكون"خطوة في الاتجاه الصحيح". لكن وزير المال ساداكازو تانيجاكي حث على توخي الحذر، وقال في مؤتمر صحافي:"لم يتغير شيء في رؤيتي أن بنك اليابان يجب أن يساعد الاقتصاد على تحقيق تحسن مستدام على صعيد السياسة النقدية". وتخشى وزارة المال من أن ارتفاع أسعار الفائدة سيزيد من تكاليف تمويل الدين الحكومي الهائل الذي يتوقع أن يرتفع إلى 775 تريليون ين 6.8 تريليون دولار بحلول آذار المقبل أو نحو 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويرغب مسؤولو الحكومة أيضاً في تجنب"الكابوس"الذي صاحب آخر زيادة لفائدة بنك اليابان في آب أغسطس 2000. وتزامنت تلك الزيادة - المماثلة للزيادة الحالية - مع انفجار فقاعة شركات الإنترنت وتلاها تباطؤ اقتصادي. ولكن في ضوء التزام بنك اليابان بالحفاظ على إيقاع بطيء للزيادات في المستقبل، يبدو أن الحكومة لم تمارس حقها بمطالبة المجلس المستقل بتأجيل قراره وهو ما فعلته عندما اقترح بنك اليابان زيادة سعر الفائدة في عام 2000. وفيما اعتبر رفع الفائدة مسألة محسومة، تحول الاهتمام إلى حجم الزيادة في سعر الحسم الرسمي اللومبارد الذي يستخدمه بنك اليابان في إقراض المصارف أورقاً مالية. ورفع البنك المركزي السعر إلى 0.4 في المئة من 0.1 في المئة. وتوقع متعاملون في السوق أن يرفع البنك ذلك السعر إلى ما بين 0.32 وخمسة في المئة. ويمثل اللومبارد بديلاً عن الإقراض بين المصارف إنتربنك للمقترضين غير القادرين على الحصول على الدعم المالي من الأسواق. كما حافظ بنك اليابان على مشترياته من السندات الحكومية طويلة الأجل عند 1.2 تريليون ين 10.5 بليون دولار في الشهر. وكان بنك اليابان مهد الطريق أمام رفع الفائدة في آذار عندما تخلى عن سياسة استمرت خمس سنوات، بتوفير سيولة فائضة في النظام المصرفي متحولاً إلى السياسة التقليدية بالتحكم في أسعار الفائدة القصيرة الأجل. ولا يزال سعر فائدة ليلة واحدة عند 0.25 في المئة ضئيلاً قياساً بأسعار الفائدة الرئيسية في الاقتصادات الكبرى الأخرى. ورفع مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الأميركي الفائدة 17 مرة منذ منتصف عام 2004 لتصل إلى 5.25 في المئة في حين رفع البنك المركزي الأوروبي السعر ثلاث مرات منذ كانون الأول ديسمبر إلى 2.75 في المئة.