ان بعض الأجهزة الالكترونية الدقيقة المزروعة في جسم الانسان لتنظيم حركات القلب وكبح الاختلاجات تنطوي على بعض الأخطار الناتجة من فراغ البطارية التي تشغل الجهاز مما يستدعي التدخل الجراحي لتبديل البطارية كل عشر سنوات على أبعد تقدير. أما اليوم فإن احدى الشركات النيويوركية تعتزم التغلب على هذه المشكلة عن طريق تزويد المرضى بمصدر مزروع للطاقة يقوم بشحن بطاريات الأجهزة المزروعة من طريق استخدام الطاقة الكهربائية التي تولدها حرارة جسم الانسان مما يعفي المريض من الخضوع لعمليات جراحية متكررة. ان البطارية الحيوية الحرارية التي يتم تطويرها حالياً، في شركة بيوفان للتكنولوجيا تنتج الكهرباء عن طريق استخدام آلاف المولدات الكهروحرارية المثبتة فوق برغوث الكتروني قابل للزرع في جسم الانسان. وتستغل المولدات في هذه الحالة مردودية ما يسميه الاختصاصيون بالمزدوجة الحرارية، التي تتولد بفضلها قوة كهربائية ضعيفة لدى اتصال ناقلين معدنيين مختلفين وبقائهما في درجات حرارة مختلفة. وقد تم تكديس عشرات المزدوجات الحرارية في الماضي لاستخدامها في لواقط الحرارة. أما شركة Biophan فإنها بحاجة الى آلاف من المزدوجات الحرارية لتوليد القوة اللازمة لشحن البطارية المزروعة وهي عملية لم تقدم أية شركة الكترونية حتى اليوم على خوضها. لكن المدير العام يعول على مقدرة فريق المهندسين في التوصل الى انتاج مزدوجات حرارية لا تتجاوز أبعادها بضعة الميكرومترات. ان عمل النظام الحيوي الحراري يستلزم فرقاً في الحرارة يبلغ الدرجتين غير ان هذا الفرق في أقسام الجسم البشري يبلغ الخمس درجات ولا سيما على عمق بضعة ميليمترات تحت الجلد وهو المكان الذي تنوي شركة Biophan زرع هذا النظام فيه. وتعتزم الشركة صنع المزدوجات الحرارية من خليط يحتوي على بزموت الكلور وهو عنصر فلزي يستعمل ممزوجاً بمواد أخرى ويشكل شبه موصل للتيار مشبعاً بالشوائب مما يجعل أحد وجوه المزدوجة الحرارية غنياً بالالكترونات وهو الوجه السالب. أما الوجه الآخر الموجب فيفتقر الى هذه الالكترونات، لكن كل مزدوجة حرارية لا تولد الا بضعة أجزاء من المليون من الفولطات للحصول على فرق في الحرارة يصل الى درجة مئوية واحدة. وللحصول على كمية الفولطات اللازمة لتشغيل هذا النظام لا بد من انتاج آلاف الوحدات على شكل مجموعات. ومن هنا فإن شركة Biophan ستعمد الى تنضيد آلاف المزدوجات الحرارية فوق سطح لا تتجاوز مساحته سنتيمترين مربعين ونصف السنتيمتر لتوليد 4 فولطات وانتاج قوة تبلغ 100 ميكروواط. وتأمل الشركة ان تؤمن لأجهزة تنظيم الضخ في القلب وكبح التشنجات كفاية للبطارية تتجاوز الثلاثين عاماً بسبب شحنها في شكل متواصل بدلاً من تغيير البطارية حالياً كل عشر سنوات. ومن الممكن ان يكفل هذا النظام تشغيل بعض أجهزة تنظيم ضخ عضلات القلب مباشرة اذا كانت ضعيفة القوة والاستغناء بذلك عن البطارية تماماً. ويعول رئيس الفريق على التقنية الدقيقة المتبعة حالياً في انتاج المعالجات الالكترونية الدقيقة جداً لكسب هذا الرهان الذي يتطلع اليه جراحو القلب ويتوقون الى امتلاكه لتقليص عدد العمليات الجراحية التي غالباً ما تنطوي على خطر اصابة المريض بالتهابات تدهور حالته الصحية الهشة أصلاً. ومما يدل على تقدم المراحل في تطوير هذا النظام ان مجلة New Scientist العلمية البريطانية قد نشرت نتائج هذه الأبحاث