رياح و امطار على عدة اجزاء من مناطق المملكة    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    المخزونات الغذائية والطبية تتناقص بشكل خطير في غزة    تراجع النفط وسط تأثير التوترات التجارية    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية    الهدد وصل منطقة جازان.. الأمانة العامة تعلن رسميًا عن الشوارع والأحياء التي تشملها خطة إزالة العشوائيات    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    ولي العهد يتبرع بمليار ريال دعماً لتمليك الإسكان    ولي العهد يعزز صناعة الخير    الفالح: 700 فرصة استثمارية في الشرقية بقيمة 330 ملياراً    توجّه دولي يضع نهاية لزمن الميليشيات.. عون:.. الجيش اللبناني وحده الضامن للحدود والقرار بيد الدولة    بوتين يعلن هدنة مؤقتة في ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي    الانتخابات العراقية بين تعقيدات الخريطة وضغوط المال والسلاح    النصر يتوج بكأس دوري أبطال آسيا الإلكترونية للنخبة 2025    المنتخب السعودي للخماسي الحديث يستعد لبطولة اتحاد غرب آسيا    نادي الثقبة لكرة قدم الصالات تحت 20 سنة إلى الدوري الممتاز    في الجولة 31 من يلو.. نيوم لحسم اللقب.. والحزم للاقتراب من الوصافة    كلاسيكو نار في نصف نهائي نخبة آسيا للأبطال.. الأهلي والهلال.. قمة سعودية لحجز مقعد في المباراة الختامية    رافينيا: تلقيت عرضا مغريا من الدوري السعودي    بالتعاون بين وزارة النقل و«كاوست».. إطلاق مشروع «أرض التجارب» لتطوير قطاع النقل بالمملكة    السعودية ومصر تعززان التعاون الصناعي    الضيف وضيفه    شدّد على تأهيل المنشآت وفق المعايير الدولية.. «الشورى» يطالب بتوحيد تصنيف الإعاقة    زواجات أملج .. أرواح تتلاقى    أمير المدينة يدشّن مرافق المتحف الدولي للسيرة النبوية    الأمير فيصل بن سلمان:"لجنة البحوث" تعزز توثيق التاريخ الوطني    وفاة «أمح».. أشهر مشجعي الأهلي المصري    حكاية أطفال الأنابيب (2)    مباحثات دولية حول تأثير التقنيات الحديثة لتمويل الإرهاب في اجتماع الرياض.. اليوم    استعراض منجزات وأعمال "شرف" أمام أمير تبوك    «الشورى» يقر توصيات لتطوير مراكز متخصصة للكشف المبكر لذوي الإعاقة والتأهيل    وزارة الداخلية تواصل تنفيذ مبادرة "طريق مكة" في (7) دول و(11) مطارًا    محمد بن عبدالرحمن يلتقي نائب "أمن المنشآت"    بيئة جدة تشارك في فعالية «امش 30»    مستشفى الملك خالد بالخرج يدشن عيادة جراحة السمنة    محافظ محايل يكرم العاملين والشركاء في مبادرة "أجاويد 3"    هيئة الربط الخليجي ومعهد أبحاث الطاقة الكهربائية ينظمان ورشة عن الذكاء الاصطناعي التوليدي    6.47 مليارات ريال إيرادات المنشآت السياحية في 90 يوما    فرقنا نحو المجد الآسيوي: إنجازات غير مسبوقة.. ونهائي نحلم به    يايسله: الهلال لا يقلقني    46 قتيلا في انفجار ميناء إيران    شذرات من الفلكلور العالمي يعرف بالفن    GPT-5 وGPT-6 يتفوقان على الذكاء البشري    انطلاق ملتقى "عين على المستقبل" في نسخته الثانية    مكتبة الملك عبدالعزيز تعقد ندوة "مؤلف وقارئ بين ثنايا الكتب"    أمير المدينة المنورة يدشّن المرافق الحديثة للمتحف الدولي للسيرة النبوية    تدشين 9 مسارات جديدة ضمن شبكة "حافلات المدينة"    جمعية الخدمات الصحية في بريدة تفوز بجائزة ضمان    القبض على مواطن بتبوك لترويجه مادة الحشيش المخدر    محافظ تيماء يرأس الجلسه الأولى من الدورة السادسة للمجلس المحلي    بلدية مركز شري تُفعّل مبادرة "امش 30" لتعزيز ثقافة المشي    جامعة الأمير سلطان تطلق أول برنامج بكالوريوس في "اللغة والإعلام" لتهيئة قادة المستقبل في الإعلام الرقمي    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة ال 46 من جامعة الملك فيصل    بتوجيه من ولي العهد.. إطلاق اسم "مطلب النفيسة" على أحد شوارع الرياض    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    كيف تحل مشاكلك الزوجيه ؟    مدير الجوازات يستعرض خطة أعمال موسم الحج    ملتقى «توطين وظيفة مرشد حافلة» لخدمة ضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" مع عائلة زين الدين زيدان في مرسيليا : ولد والكرة تحت إبطه
نشر في الحياة يوم 27 - 10 - 2003

زين الدين زيدان ملأ دنيا الرياضة وشغل ناسها على امتداد الكرة الأرضية. اسمه متداول ربما أكثر من رؤساء الدول الكبرى. وصاحب القدم الذهبية هو الأكثر مدخولاً بين لاعبي الكرة.
يزيد أو ياز أو زيزو كما يحب أخوه نورالدين مناداته، الأصغر في عائلة فرنسية - جزائرية مكونة من أبوين وأربعة صبيان وبنت هم اليه ماجد وفريد ونورالدين وليلى.
للوقوف على مسيرة هذه "المعجزة الرياضية"، قصدت "الوسط" مكتب زيدان في مدينة مرسيليا جنوب فرنسا، الذي يُعنى بإعلاناته وأعماله. لم يكن زيزو موجوداً بالطبع، لأنه مقيم في مدريد حيث يلعب لناديها العريق ريال، فيما تواجد أخواه الأقرب إليه فريد ونورالدين اللذان يديران أعماله، ووصل والده متأخراً، فيما اتصلنا هاتفياً بوالدته.
الدخول الى مكتب زيزو كان نقلة سريعة وفورية الى ساحة كرة القدم، تقابلك صور له مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، مع عائلته، زوجته وأولاده. وأيضاً نبذات من مقابلاته التلفزيونية والصحافية ومبارياته في مختلف بلدان العالم. حتى قمصانه معلقة في كل ركن وأحذيته المنتشرة على حيطان المكتب تقصّ سيرة هذه القدم الذهبية منذ كان طفلاً يتقاذف الكرة مع أقرانه في شوارع مرسيليا وأزقتها.
وُلِد مع الكرة
يقول نورالدين زيدان، وهو الأقرب إلى زيزو عمراً وهواية، عندما سألناه عن طفولة زيزو:
- زيزو وُلِد والكرة تحت إبطه، يلعب بها أينما كان، لم نعرف له هواية أخرى، وهذا ليس بغريب، فنحن عائلة رياضية تحب الكرة وتعشقها وبالنسبة إلينا عندما كنّا أطفالاً كانت كرة القدم اللعبة الأسهل والأقل كلفة.
من اكتشف موهبة زيزو؟
- عندما كان زيزو في مدينة كان، اكتشف السيد فارو، وهو أحد المهتمين بلعبة كرة القدم والباحثين عن المواهب في هذا المجال، موهبته وتبناه كروياً، ولكن الجميع كان يشعر بهذه الموهبة الوقّادة فيه.
هل كان متوقعاً أن يصبح بهذه الشهرة؟
- بالطبع لم يكن متوقعاً، فهذا أمر يصعب تخيله أو توقعه، كنا نشعر بأنه سيحقق شيئاً من خلال هذه الموهبة ولكن لم نكن نتوقع ان يصل الى ما وصل اليه الآن. عالم الكرة صعب ومليء بالمفاجآت وليس سهلاً أبداً.
متى ترك زيزو المنزل ليحترف الكرة؟
- ترك المنزل صغيراً جداً، كان عمره 14 سنة، ولكن هذا أمر طبيعي لمن يريد الاحتراف.
وتوجهنا بالحديث إلى فريد مدير أعماله، والمتحدث باسمه في معظم مقابلاته الصحافية، وسألناه كيف استقبلوا نجاح زيدان، فأجاب:
- بالفرح والسعادة، فهو أصبح لاعب كرة محترفاً ويحسب له ألف حساب في عالم كرة القدم. نحن كنا متأكدين من أنه سينجح ولكن ليس بهذا الشكل العالمي. الآن زيزو معروف في كل بلدان العالم الغربي والعربي - على ما أعتقد - كلاعب ومحترف.
ففي فرنسا هو معروف منذ 15 سنة وفي أوروبا منذ 10 سنوات، وهذا طبعاً يعود الى جهده في هذا المجال، فهو صعد السلّم درجة درجة ومن ناد الى ناد أصبح أكثر شهرة، وهو يعمل بجهد متواصل كي يبقى على هذا المنوال. ونحن كعائلة ندعمه ونشجعه كي يحقق نجاحات أكثر.
كيف تدعمونه؟
- نحن لا نراه أبداً، ولا نطالبه بذلك لأننا نعرف مدى انشغاله، ولكننا نحاول أن نرى بعضنا على الأقل مرة في الشهر، نحن نتصل به دائماً وعندما نتعرض لمشكلات لا نقولها له كي لا نزعجه، أي ندعمه قدر استطاعتنا.
هل شهرة زيزو نعمة أو نقمة لعائلته؟
- شهرة زيزو فخر لنا من دون شك وهو يستحق ذلك، ولكن في بعض الأحيان تصبح عبئاً علينا، خصوصاً ان علينا طلباً دائماً من الصحافيين، وهذا يسبب لنا الازعاج أحياناً بسبب بعض الصحافيين اللجوجين. ففي كثير من الأحيان نتمنى ان نكون أخوة زين الدين زيدان وليس أخوة زيزو البطل. ولكن عدا ذلك نحن ما زلنا ككل البشر.
إذاً تتعرضون لإزعاج الناس وإزعاج الصحافيين؟
- ليس بمعنى الازعاج ولكن نحن دائماً مطالبون بإلقاء خطابات نيابة عن زيزو وهذا شيء لا نستطيع السيطرة عليه.
تعلمون ان بعض الفرنسيين من أصل جزائري أو عربي يعانون من مشكلة "عدم الاندماج" في المجتمع الفرنسي، فهل تعانون من المشكلة نفسها؟ وهل ساعدكم احتراف زيزو لكرة القدم وشهرته في هذا المجال على الاحساس أكثر بالمواطنية الفرنسية؟
- كلا أبداً فنحن مندمجون جيداً في المجتمع الفرنسي وشهرة زيزو واحترافه لم يزيدا علينا شيئاً في هذا المجال ولكن فقط كسبنا الشهرة. فأهلي وبالأخص أبي هاجر الى فرنسا وعمل فيها وما زال، ونحن وُلدنا هنا ونعيش هنا وبالتالي أصبحنا فرنسيين بالولادة والعيش والاختلاط.
والدكم ما يزال يعمل؟
- والدي الآن لا يعمل، لكنه عمل منذ سن الخامسة عشرة. كان يعمل حارساً ليلياً من الخامسة بعد الظهر حتى الخامسة فجراً.
وإخوة زيزو في أي مجال يعملون؟
- نحن غيّرنا عملنا بعد شهرة زيزو، وفي العام 2000 أسسنا شركة تعنى بإعلاناته وأعماله.
الأم والأخت
غالبية النساء لا تهوى مشاهدة كرة القدم، فهل والدة زيزو واخته تتابعان مبارياته؟
- يجيب شقيقه فريد أختنا ليلى تحاول بجهد متابعة مبارياته على التلفزيون ولكن في معظم الأحيان تنام في نصف المباراة وتستيقظ على صراخنا، فهي مضطرة على المشاهدة لأن جميع أفراد العائلة تكون مسمّرة على التلفزيون، وهي تحاول المتابعة لأن زيزو موجود، أما إذا لم يكن موجوداً، فهي لا تحاول حتى المتابعة، وأمي كذلك، فهي تتابع المباريات لأنها بالتأكيد ستشاهد وجه زيزو على التلفزيون.
هل كانت عائلة زيزو تحلم بأن يصبح طبيباً أو مهندساً كمعظم الأهل؟ هل خاب ظنهم لأنه احترف الكرة؟
- كان من الصعب علينا ان نحلم بذلك، فقد كان واضحاً انه يحب الكرة ويعشقها، فهذا في دمه وواضح في معالمه، حتى الأهل لم يتوقعوا أن نكون أذكياء أو مشهورين، فنحن من عائلة بسيطة جداً، ولكن أرادوا لنا فقط العيش بهناء وكرامة، وحتى الآن ما نعيشه لم يكن متوقعاً أو مطلوباً من الأهل. ولكن بالنسبة إلينا، خروجه من المنزل في سن 14 سنة كان مقلقاً والأهل لم يريدوا ذلك، لكنهم الآن غير نادمين.
ضريبة الشهرة
هل غيرت شهرة زيزو من معاملة الأهل له أو لكم؟
- بالنسبة إلينا زيزو الأخ ليس استثنائياً، وبالنسبة اليه فهو ما يزال يهتم بنا ويتصل بنا ويزورنا على قدر استطاعته. والأهل لديهم خمسة أولاد وليس فقط زيزو.
وهل غيّرت الشهرة من طباعه أو شخصيته؟
-زيزو لم يتغير ولم يُغيّر من شخصيته أو طباعه بسبب شهرته أو احترافه أو انشغاله الدائم ولكنه كَبُرَ ولم يعد ذلك الطفل ذا ال14 سنة، ما عدا ذلك، فهو لا يزال كما هو ولكن لا يستطيع ان يفعل كل شيء، أو أن يكون معنا في شكل دائم أو حتى في شكل عادي، فهذا الآن صعب عليه إذ أنه دائم الانشغال بالمباريات أو بالتدريب، وحتى زوجته وأولاده لا يراهم في شكل كاف.
كم طفلاً لديه؟
-ثلاثة صبيان: أنزو ولوكا وتيو. وهو متزوج من فرنسية من أصل اسباني.
وهل سنشهد عمّا قريب ولادة زيزو آخر؟
-الطفل الأكبر واضح أنه يحب الكرة كوالده وحتى الأصغر أيضاً ولكن لا ندري في المستقبل، فهذا عشق يبدأ من الصغر وربما بالولادة. ولكن أن نصبح لاعبين أو لا فهذا أمر لا نعلمه.
نورالدين زيدان، علمنا أنك كنت من لاعبي كرة القدم الأشداء ولكنك اعتزلت باكراً، لماذا؟ وهل كنت تحلم بأن تصبح مثله؟
- يجيب نورالدين: ... نعم طبعاً أحب أن أكون مثله.
هل ما يزال يراودك الحلم نفسه؟
- الآن أصبح الأمر صعباً جداً في عمر 36 سنة، لكنني أفكر ربما في خوض مجال التمثيل... لا، لا إنها مجرد مزحة...
هل ترافقون زيزو في مبارياته؟
- فريد: أحياناً نرافقه لمساندته ودعمه وتشجيعه ولكن لا نبقى معه كل الوقت لأن هذا صعب جداً فهو يكون في التدريب وليس مستعداً أن يكون مع العائلة.
في أية سنة أحرز زيزو أول هدف رسمي؟ وكيف استقبلتم ذلك؟
- فريد: كان ذلك عام 1989 في مباراة مع فريق نانت.
- نورالدين: ... وأنا كنت في الملعب ورأيت الهدف بأم عيني وكان فعلاً هدفاً رائعاً والمباراة كانت ممتازة والجميع كان سينفجر من الفرح والحماسة.
هل احتراف زيزو أدخله مع عائلته في عالم الأغنياء؟
- نورالدين: وهل يعتقد العالم أننا أغنياء؟ قبل احتراف زيزو وشهرته لم نكن أغنياء ولم نكن فقراء، ولكن بعد اشتهاره أصبحنا كلنا مرتاحين!
ماذا تتوقعون له بعد اعتزاله اللعب؟
- فريد: نحن لا نفكر بذلك أبداً، وهذا أمر يخصه وحده، وعليه هو ان يحدّد وأن يفكّر منذ الآن بهذا الأمر.
- نورالدين مقاطعاً: أنا عندما توقفت عن اللعب لم أكن قد فكرت بذلك، ولكن أعترف بأن الأمر كان مرّاً ومحزناً جداً جداً لي وحتى الآن بمجرد ان أفكر بذلك أحس بحزن شديد، وهذا أمر لم أتحدث فيه بعد مع زيزو، وأنا أعتقد أنه بمجرد الحديث عنه، هناك احتمال وخطر بأن اللاعب سينتهي، ولكننا نحن سنتحدث عن ذلك طبعاً عندما يأتي الأوان، ولكن قبل ذلك أتمنى أن يلعب زيزو في الساحات العربية فهذا غنى له.
شهادة الوالد
هنا وصل الأب اسماعيل الى المكتب، ليغادر اخوه زيزو، وبسؤالنا الوالد عن طفولة ابنه وطموحه للعب الكرةأجاب.
- اسماعل: زيزو أكثر أولادي حيوية وحركة ومشاغبة. و لاحظنا ذلك أنا ووالدته منذ صغره. وهو لم يكن فقط مهتماً بالكرة ولكن أيضاً بلعبة الجودو، إلا أنه توقف عن الجودو وإن كنت أعتقد بأنه كان من الممكن ان يصل الى الاحتراف في هذا المجال أيضاً.
لماذا توقف عن ممارسة الجودو؟
- في إحدى المرات كان عليه ان يقوم بالأمرين معاً في الوقت نفسه، أن يشارك في مباراة كرة قدم وأن يخوض مباراة جودو، ولكنه قرر اختيار الكرة وهجر الجودو. وأتذكر جيداً أن مدرّب الجودو كان عصبياً جداً عندما علم بقراره لأنه خسر لاعباً قوياً جداً.
في رأيك لو استمر في لعبة الجودو هل كان سيصل الى ما وصل اليه الآن في عالم الكرة؟
- هذا شيء لا أستطيع التنبؤ به على رغم انه كان ممتازاً في الجودو وربما لو اختارها لكان له المستقبل نفسه، خصوصاً انه كان يربح كل معاركه في مباريات الجودو، ومدربه كان يتوقع له مستقبلاً واعداً.
متى قرر زيزو ان يختار كرة القدم؟ وما الدافع؟
- لا أتذكر بالضبط ولكن أعتقد أنه كان في الخامسة عشرة من عمره. ففي تلك السنة كان عليه ان يشارك في مباراة كرة قدم وأن يلعب في مباراة جودو في اليوم نفسه. وأنا أتذكر جيداً هذه الواقعة، فقد استيقظ زيزو الساعة الخامسة صباحاً للذهاب الى الملعب إذ كان سيبدأ اللعب الساعة الثامنة، ووقتها بقينا معه حتى الساعة الثانية عشرة ظهراً أي حتى نهاية المباراة. وبعدها ذهبنا لنأكل ونرتاح إلا أنه خلال الغداء أغمي عليه وفقد الوعي وكان مرتبطاً بمباراة جودو بعد ساعتين أو أكثر. ولهذا كان عليه أن يختار إما الكرة وإما الجودو، وكان قراره اختيار الكرة والتوقف عن الجودو قراراً فردياً وعائلياً إضافة الى نصيحة طبيب العائلة بضرورة متابعة إحدى الرياضتين فقط.
هل أنتم نادمون على هذا الخيار؟ وهل كنتم تتمنون له مهنة أخرى؟
- نحن عائلة عمال بسيطة وبالتالي نحن نرتكز على أسس صلبة: الاحترام " العمل " الفخر " الشرف " الجهد والجهد والجهد... وبالتالي لم نبحث عن أن نصبح وزراء أو أغنياء، فنحن نرضى بالقليل وبكل شيء واضح وشريف، عامل عادي أو عامل مع رتبة هذا ليس بفرق، المهم أن نعيش بكرامة. عندما ذهب زيزو لاحتراف الكرة في سن 14 سنة كان هناك من يقول لي: "تابعوا أولادكم، ساعدوهم ولكن اتركوا لهم الخيار" إضافة إلى أنني لم أكن أستطيع القيام بأي شيء فهو يحب الكرة ولن يتركها.
البطل الضائع
علمنا أن نور الدين أخ زيزو كان أيضاً لاعب كرة من الطراز الأول، ومن بعض مصادرنا علمنا أنه كان أكفأ من زيزو في مجال كرة القدم، هل هذا صحيح؟
- الأب متلفتاً يميناً وشمالاً... سأقول لكِ الأمر بصراحة ولن أخفي عليكِ، نورالدين كان يلعب الكرة أحسن من أخيه زيزو ولكن لأننا لم نكن أغنياء، اضطر نورالدين الى العمل في سن مبكرة، والذهاب الى مدينة Aix - Mersaille للعب والتدرب في نادي Divine 4، والعمل في الوقت نفسه لكسب لقمة العيش، كان ذلك متعباً جداً له إضافة الى مشاكله الصحية، لذلك اضطر الى اعتزال الكرة ليساعدنا في كسب لقمة العيش. وأنا أعتقد بأنه لو كان له أهل أغنياء وليسوا فقط عمالاً بسيطين لكان الآن لاعباً ماهراً ومحترفاً، مثل شقيقه.
هل تتابع مباريات كرة القدم أم فقط مباريات زيزو؟
-أتابعها ولكن ليس في شكل دائم. أنا الآن أحب كرة القدم، لأن ابني يلعبها ويهواها. أما مباريات زيزو فأنا لا أحب مشاهدتها مباشرة لأنني أخاف عليه، ولذلك أطلب من أولادي تسجيل المباراة لمشاهدتها بعد أن أعرف أنه لم يصبه أي أذى.
عندما قرر زيزو مغادرة المنزل لاحتراف كرة القدم كيف استقبلت قراره كوالد؟
- بالطبع احترمت هذا القرار وإن كان عليه أن يذهب بعيداً عنّا أكثر من 300 كلم، إذ كان مطلوباً للعب في مدينة "كان" ليبدأ طريق الاحتراف. ولكننا نحن كأهله فقط تدخلنا في ما يتعلق بسكنه، إذ رفضنا ان يسكن في سكن اللاعبين حيث توجد الغيرة والحسد وأصرينا أن يسكن مع عائلة حيث يلقى الاهتمام والرعاية اللازمين. وبعد إصرارنا نزل المدير عند إرادتنا فوجدوا له عائلة مع ولدين، مستعدة لاستقباله واحتضانه، وهو بقي عندهم مدة سنتين ولكن في سن 16 سنة انتقل الى سكن اللاعبين، وإنما كانت له غرفته المستقلة حيث أقام لمدة 3 سنوات.
كيف ارتدت شهرة زيزو على عائلته؟
- أعطتنا السعادة والسلام فنحن الآن في سلام والأهل ماذا يطلبون الا السلام والصحة لأولادهم أينما كانوا ومهما كانوا، وسواء كانوا قريبين أم بعيدين. وفي الحياة لا نستطيع ان نملك كل شيء، ولو كنا أبقينا زيزو معنا في المنزل لما كان ذلك ربما في مصلحته!
ماذا غيّر فيك امتهان زيزو لكرة القدم؟ هل ساعدك مثلاً على الاندماج في المجتمع الفرنسي؟
- لا شيء أبداً، لم يغيّر فيّ شيئاً فنحن ما زلنا كما كنا. أنا تركت الجزائر للعمل في فرنسا في 17/9/1953.
أي قبل الاستقلال...
- أرجوكِ أنا لا أحب ولا أعرف التكلم بالسياسة... تركت الجزائر للعمل في فرنسا وكنت وما زلت جزائرياً وأنا أزور الجزائر دائماً. وأنا حتى الآن ومنذ ذلك الوقت لم أتعرض لأي إزعاج أو مضايقة أو رفض أو نبذ لأنني جزائري، وذلك لأنني عملت بجهد وقدمت التضحيات وعملت في الحر والبرد والعطش والجوع واحترمت القوانين وطبّقتها بحذافيرها، على رغم أنني لا أحمل الجنسية الفرنسية لأنني لم أطلبها ولن أطلبها.
لماذا؟
- على رغم أن لا أحد يمنعني من طلب الجنسية الفرنسية ولي الحق بطلبها، وإذا طلبتها أنا متأكد أن لي الحق بالحصول عليها، ولكنني أنا لا أريد، فأنا أحترم قوانين فرنسا وأطبقها وهذا كاف. وهم يتقبلونني كما أنا وهذا جيد.
شهادة الوالدة
والدة زيزو السيدة مليكة لم توافق على أن نقابلها شخصياً في المنزل أو في المكتب لإجراء الحديث، وعرضت علينا اجراء الحوار على الهاتف.
- زيزو كان صغيراً عندما تبين لنا أنه يحب الكرة وعندما كَبُر لم يكن هذا مفاجئاً لنا، فقد كان متوقعاً أن يكون جيداً ومحترفاً فالكل كان يرى فيه "بلاتيني الثاني" وعندما قرر الاحتراف، الجميع احترموا قراره، وأنا على يقين أن كل شخص عليه أن يعمل في المجال الذي يحبه ويرتاح فيه وإلا لن ينجح أبداً.
هل تعلمت حب الكرة من أولادك؟ أم أن زيزو هو الدافع؟
- مليكة: هو حب ولكن بالإجبار! فنحن مجبرون، خصوصاً أنا وابنتي ليلى، فأولادي وحتى أحفادي مهووسون بالكرة، حتى أن أحد أحفادي من ابنتي ليلى أعتقد بأنه سيكون زيزو الصغير وأرى ذلك في ملامحه.
متى تقلق والدة زيزو، ومتى ترتاح؟
- نحن نقلق كثيراً، وأنا في شكل خاص عندما يتدرب وعندما يسافر وعندما يلعب. ولكن عندما يكون بين أولاده لا أقلق أبداً لأننا على ثقة أنه في سلام وأمان بينهم.
هل ستكونين إذاً أقل قلقاً عندما يعتزل كرة القدم؟
- لا أبداً، القلق دائماً موجود فهذا قلب الأم، ولكن أعتقد أنه عندما يعتزل سيهتم بأولاده وعائلته أكثر. بالطبع سيظل يعمل عندما يعتزل الكرة ولكن هذه أيضاً ستكون مشكلته وأيضاً قراره وأنا لا أتدخل أبداً. ومن هذه الناحية أنا لا أخاف عليه أبداً فهو راشد ويعرف ما يفعل وهذا قراره وعليه أن يتحمله.
لماذا أصررت على إجراء الحوار عبر الهاتف، بدلاً من إجراء المقابلة في المنزل؟
- أنا في شكل خاص لا أحب أبداً أن أكون محط الأنظار ولا أحب أن تنشر صوري في الصحف أو المجلات، كما أننا نتعرض كثيراً لإزعاج الصحافيين اللجوجين، لهذا لا يعرف أحد أين نسكن. وأنا أريد أن أكون بسيطة مثل جميع الناس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.