بطولة الأمم الاوروبية لكرة القدم على الابواب... وبالصدفة وقعت بين يدي مجلة صادرة في مطلع حزيران يونيو 1996 تتحدث عن منتخب فرنسا ونجومه الذين سيخوضون البطولة التي تنظمها انكلترا في الشهر ذاته، ومنهم زين الدين زيدان الذي صار معروفاً محلياً والمغمور أوروبياً. المقال عن زيدان قصير، ويقول: القصة هي ذاتها، كأنها من الف ليلة وليلة، والمسرح وحده يتغير... في حزيران 1988 كان يلعب فريقا سان رافايل وسبتيم لي فالون، ومركز زيزو أي زيدان كان الليبيرو. راقبه مدير قطاع الناشئين في نادي كانّ وهو جيل رامبيون ثم تساءل: أهذا الذي تحدثونني عنه؟ ومع ذلك أصر جان فارو، أحد كشافي النادي، على ضم اللاعب الشاب ووافق رامبيون على مضض. وبعد أشهر قليلة تسلم غي لاكومب مهمة تدريب زيزو 17 عاماً... ويقول لاكومب: "كان يملك الخصال ذاتها التي يملكها حالياً... عائلته من القبائل، وتربيته صارمة. تعلم تطويع الكرة في شوارع سبتيم، وما يفعله حالياً من مراوغة وخداع بالكرة كان يفعله منذ زمن بعيد". ولأن نادي كانّ لم يكن يملك في ذلك الوقت بناء خاصاً بالضيافة، حل زيزو ضيفاً على عائلة ايلينو مدرب فريق الدرجة الثالثة في النادي... كانت لزيزو معاملة خاصة لأنه كان مرهفاً وحساساً... إنه كوكتيل غريب، لأنه خجول ومتواضع خارج الملعب ومتفجر داخله. في مرسيليا حيث ولد، لم يكن يقبل ابداً أن يدوس خصم على قدمه، ومرة عندما كان يلعب في صفوفنا داس خصم على قدمه فثار عليه وأوقف ثلاث مباريات فعاقبته وطلبت منه أن ينظف غرفة الملابس شهراً كاملاً، وكان النادي أصبح مؤسسة حقيقية... أفهمته أنه عندما يكون في حال جيدة فيجب أن ينتظر ضرباً مستمراً من الخصوم، وعندما يكون في حال سيئة فلن يتعرض له أحد، وطلبت منه أن يختار...". ونجح زيدان في الاندماج في مجتمعه الجديد بفضل الثلاثي ايلينو - فيرو - لاكومب، وتطور بسرعة... أهله لم يكونوا بعيدين عنه كثيراً... والده الحارس وأمه المتفرغة لتربية الصبية الاربعة والبنت الوحيدة لم يكونا في البداية متحمسين لابتعاده عنهما لأنه لا يزال في مقتبل العمر، وربما لا يعود أبداً... فالانفصال غير هيّن بالمرة... ومع ذلك لا بد أنهما اقتنعا تدريجياً بما يحصل بعدما راح ابنهما يتطور... بقي 18 شهراً مع لاكومب، وتدرج مع الفريق بسرعة حتى اصبح في الدرجة الاولى حيث دربه بورو بريموراك وشارك في كأس الاتحاد الاوروبي، ثم أضاع سنة في الخدمة العسكرية فهبط فريقه واضطر ناديه كانّ لأن يبيعه لبوردو حتى يصحح موازنته". عمل زيدان طويلاً، وثقته بنفسه عالية جداً لأن الازقة علمته الكثير، ولاكومب مسرور بالتأكيد لأنه صقل موهبة فطرية تحسد أوروبا فرنسا عليها. انتهى المقال... وانتقل زيدان الى يوفنتوس بعد 1996 فصار حامل لواء النادي الشهير، واختير افضل لاعب عام 1998 بعدما قاد فرنسا الى لقبها الاول في مسابقة كأس العالم. لاعبو المنتخب الفرنسي موزاييك ومن جنسيات مختلفة، بيد أن زيزو وحده تهتف له الجماهير كلما لمس الكرة وبصوت واحد "زينيدين... زينيدين". وليس كل من ينظف غرفة خلع الملابس يصبح زيزو... فالمهم اكتشاف الموهبة وصقلها وإحاطتها بالعناية اللازمة، خصوصاً من الوجهة النفسية... زيدان خجول ومتفجر، إنها الخلطة الفريدة.