القانون هو القانون، في الدول المتقدمة. وبموجب هذا القانون دخل زعيم مناهضي العولمة الفرنسي جوزيه بوفيه السجن ليقضي فيه حوالي ثلاثة أشهر، مثل أي مواطن ارتكب جنحة وصدر بحقه حكم قضائي لا رجوع عنه. وجنحة بوفيه هي أنه هاجم مع حوالي 200 مزارع أحد مطاعم ماكدونالدز للوجبات السريعة في الريف الفرنسي وحطموا محتوياته، احتجاجاً على قيام الإدارة الأميركية بفرض رسوم جمركية مرتفعة على جبنة "الروكفور" المصنوعة من حليب النعاج، رداً على قرار الاتحاد الأوروبي منع استيراد لحم العجول الأميركية المحقونة بالهرمونات، الأمر الذي شكل كارثة اقتصادية واجتماعية لمربي قطعان الغنم. إلا أن محاكمة بوفيه أخذت أبعاداً دولية من خلال حملات التضامن مع زعيم كونفيديرالية المزارعين الفرنسيين الذي تحول بين ليلة وضحاها من نقابي مجهول في بلاده إلى مناضل يسّير عشرات الألوف وراءه. ولم يترك بوفيه مناسبة للاحتجاج على العولمة إلا وكان أول الواصلين بشاربيه اللذين أصبحا علامة فارقة للاحتجاجات. وشوهد بوفيه في كل مكان تقريباً، وحتى في الأماكن التي لم يذهب إليها أو التي لم يدعوه يصل إليها، كان حاضراً بقوة، من خلال الرمز الذي أصبحه. وهكذا كان في فلسطين، عندما اخترق الحصار المفروض على الرئيس ياسر عرفات في رام الله مع مجموعة من مناهضي العولمة قدموا من مختلف أنحاء العالم. وحتى وهو في زنزانته يكون بوفيه مشاركاً في أي احتجاج على العولمة، وفي أي ساحة من العالم.