إذا كنت ترغب في ان تعيش حياة سعيدة ومديدة فعليك منذ اليوم، ان تنتبه الى طعامك. بحيث يكون قليل السعرات الطاقة، فالأبحاث أشارت الى ان الطعام القليل يطيل العمر ويبعد شبح الأمراض. هناك ظاهرة مهمة تقصم ظهر الانسان كلما تقدم في خريف العمر، اذ ان جسمه، يصبح أقل قدرة على اصلاح العطب الناتج عن تكدس المواد السامة الناتجة عن عمليات الاكسدة الخلوية، فتعمل هذه أي المواد السامة في الجسم هدماً وتخريباً وتجعله اكثر عرضة للاصابة بالأمراض الالتهابية أو السرطانية. هناك الكثير من الناس ما ان يقفوا على عتبة الأربعين حتى يبادروا الى اطلاق العبارة المشهورة "يا رب تعين" معتبرين تلك السن بداية العد التنازلي نحو حقبة عمرية مليئة بالمفاجآت الصحية والعقلية التي تبلغ أوجها في فلك الستين. والواقع ان هذا الاعتقاد بات الآن مرفوضاً جملة وتفصيلاً، لأن الانسان يستطيع ان يعيش شيخوخة تعج بالصحة والعافية لأن ظواهرها وأعراضها تتعلق الى حد كبير بما يحتوي صحنه كماً ونوعاً. ان حظ الانسان في ان يعيش طويلاً مع احتفاظه بقدرات ذهنية قوية وصحة "زي الحديد" بات اليوم ممكناً وبشكل أفضل مما كان عليه في الماضي، شرط ان يأكل طعاماً قليلاً. ان التجارب التي انجزت على الفئران سابقاً أوضحت ان اعطاءها نظاماً غذائياً قليل الطاقة أدى الى اطالة أعمارها بنسبة 60 في المئة، لا بل ان بعض العضويات الصغيرة المعروفة باسم "توكوفيرا" تمكن الباحثون من إطالة عمرها بمعدل 800 في المئة عند اخضاعها لواردات غذائية قليلة السعرات. السؤال الذي قد يطرحه بعضهم هو: ما هو السر الذي يجعل الغذاء القليل الطاقة يؤخر من بوادر الشيخوخة؟ الجواب نجده في دراسة نشرتها مجلة العلوم الاميركية المتخصصة، إذ أوضح باحثون من جامعة "ويسكونسن ماديسون" ان بعض الجينات المورثات قد تكون المسؤولة عن ذلك عن طريق "صيدها" للسموم المتراكمة وطرحها خارجاً قبل ان تسبب الكثير من الخراب، وبحسب هؤلاء الباحثين، فإن التقنين الغذائي يلعب دوره في آلية عمل تلك الجينات بحيث تتصرف لمصلحة الجسم لا ضده، وبناء على ذلك يأمل العلماء، عاجلاً أو آجلاً، ان يتعرفوا الى هذه الجينات كي تقدم لهم العون اللازم في تطوير عقاقير تحارب الشيخوخة عن طريق عملها مباشرة عليها أي على الجينات. ولكن الوجبات القليلة السعرات والغنية بالمغذيات لا تفيد في دحر الشيخوخة فقط، بل انها تفيد في إبعاد شبح الإصابة بسرطان الأمعاء، اذ أوضحت الدراسات على الفئران بأن كميات الطعام الصغيرة تعتبر أفضل وسيلة لوقاية الإمعاء من الإصابة به. في دراسة عرضت فصولها في الاجتماع السنوي لجمعية الفيزيولوجيا الاميركية نوه الباحثون الى ضرورة أكل كميات قليلة من الطعام، اضافة الى الاغذية الصحية كالخضار والفواكه وزيت الزيتون، لإبعاد شر الأمراض عن الأمعاء وخصوصاً السرطان. لقد قام الباحثون بانتاج فئران تملك جيناً مورثاً يجعلها مستعدة للإصابة بسرطان الامعاء، ثم عملوا على تقسيمها الى خمس زمر أعطي كل منها طعاماً يختلف عن الآخر: الزمرة الأولى قدم لها طعاماً عادياً. والزمرة الثانية تناولت طعاماً عادياً اضافة الى ممارسة رياضة متوسطة الشدة. والزمرة الثالثة كان غذاؤها محشواً بالمواد الدهنية. والزمرة الرابعة اتبعت نظاماً غذائياً فقيراً بالسعرات، اما الزمرة الخامسة فتناولت وجبات غنية بالخضر والفواكه وزيت الزيتون. وبعد مدة من اتباع هذا الريجيم قام العلماء بفتح بطون الفئران وبحثوا في أمعائها عن البوليبات وهي أورام ما قبل سرطانية، فكانت دهشتهم عظيمة عندما وجدوا أن الفئران التي تغذت على الخضر و الفواكه وزيت الزيتون قلت عندها نسبة البوليبات بنسبة 40 في المئة، ولكن هذه النسبة وصلت الى 60 في المئة لدى الفئران التي اتبعت نظاماً فقيراً بالحريرات. ماذا عن البشر؟ الباحثون يقولون أن النتائج التي رأوها عند الفئران تنطبق على الانسان بسبب التشابه الفيزيولوجي الموجود بينهما، صحيح ان هناك تبايناً في الآليات، الا ان النتيجة المرجوة هي واحدة ألا وهي الوقاية من السرطان. رب حاذق يقول، ولكن ما هي كمية السعرات الواجب تناولها يومياً؟ ان التقنين الغذائي الذي يتبعه الانسان هو ذلك الذي يؤمن له طاقة تدور في فلك ال1500 حريرة، فمثل هذا الغذاء يجعل الانسان نشيطاً وأقل وزناً وأشد ذكاء وأطول عمراً