فازت النجمة الفرنسية المعروفة بأدوارها الدرامية فاني أردان بجائزة "سيزار" المعادلة في فرنسا للأوسكار الاميركية، كأحسن ممثلة في دور كوميدي مما اثار ضجة حول موهبتها المتعددة وشجاعتها اول تهورها في قبول عمل فكاهي خفيف. كان ذلك قبل اربعة اعوام، ومنذ ذلك الحين عادت فاني اردان الى الدراما، الى ان قامت بأحد ادوار البطولة في فيلم "ثماني نساء" المبني على الاثارة البوليسية الممزوجة بالفكاهة. والفيلم سينزل الى صالات السينما في منتصف الشهر المقبل، لكنه يثير منذ الآن الكثير من التساؤلات بسبب تضمنه ثماني نجمات كبيرات مثل فاني اردان وأيضاً كاترين دونوف وايمانويل بيار وفيرجيني لودوايان ودانيال داريو اللواتي وافقن على التمثيل بإدارة المخرج فرانسوا اوزون شرط التخلي عن صورهن المرسومة في الاذهان، بهدف إحداث مفاجأة للجمهور في هذا العمل السينمائي الجريء. ولقد أدت فاني أردان ايضاً شخصية نجمة الاوبرا الراحلة ماريا كالاس في فيلم سينمائي لم ينزل الى الاسواق بعد، علماً انها ادت الدور نفسه سابقاً فوق مسرح باريسي في عمل اسمه "درجة اولى" من اخراج رومان بولانسكي. وتعود شهرة فاني اردان الى بداية الثمانينات عندما اكتشفها تروفو وتزوجها وأسند اليها مجموعة من اجمل الادوار التي تحلم بها اي ممثلة ما ساعدها على تسلق سلم المجد واثبات موهبتها القوية على الشاشة الكبيرة وفي التلفزيون والمسرح وتحت ادارة اهم المخرجين. وبين الادوار التي تركت بصمات قوية على مسيرة أردان السينمائية ذلك الذي مثلته الى جوار النجم جيرار دوبارديو في فيلم "الجارة" من اخراج تروفو، فجاء هذا الفيلم بمثابة المحرك في حياة أردان الفنية، اذ حولها من ممثلة جيدة يحبها النقاد الى نجمة قديرة يعشقها الجمهور العالمي. وعندما وافقت أرادن على ان تحل لفترة اسبوعين مكان ايزابيل ادجاني فوق خشبة مسرح "ادوارد السابع" الباريسي في 1983 لتؤدي بطولة مسرحية "الآنسة جولي" عقب الخلاف الذي نشب بين ادجاني والمخرج جان بول روسيون الذي تركت اثره البطلة دورها من دون انذار، رفعت البديلة التحدي مؤدية الدور بطريقة جديدة جالبة لنفسها التصفيق الحاد في كل ليلة والنقد الايجابي اليومي في وسائل الاعلام. وكان بين أردان و"الوسط" هذا الحديث عن مسيرتها الفنية. وعن حياتها الشخصية كونها ارملة تروفو احد عباقرة السينما وأماً لثلاث بنات اكبرهن في العشرين. * كيف عشت فوزك بجائزة احسن ممثلة في دور فكاهي عقب نجاحك المسرحي الكبير في دور ماريا كالاس المأسوي؟ - سعدت جداً بحصولي على جائزة "سيزار" ولكن ايضاً وعن الدور نفسه على جائرة "لوميار" الممنوحة من الصحافة الاجنبية، وبينها العربية طبعاً، لان هدفي كفنانة هو الانتشار عبر الحدود المحلية. وكوني حققت هذه النقطة يفرحني لنفسي وللسينما الفرنسية عامة. وبالنسبة الى جائزتي فهي طبعاً اكبر تكريم تقدمه السينما لأهلها وشعرت في لحظة تسلمي التمثال الصغير بأني طفلة نجحت في امتحان آخر السنة الدراسية وكدت ان ابكي من الفرح والدهشة في آن، لانني تفوقت في دور فكاهي بعدما عرفني جمهوري طويلاً في الاعمال الجادة وحسب، مما جعل المفاجأة تأتي مزدوجة، لكنني لم احضر الحفل لانني كنت اعمل فوق المسرح، والذي حدث واتذكر هذا الحدث وكأنه دار بالامس، هو قدوم التلفزيون الى غرفتي في المسرح عقب العرض لتصويري والسماح لي بالقاء كلمة شكر علنية منقولة على الهواء. اما المسرح فهو احسن ما قد يحدث لي في حياتي المهنية، لقد عملت في الماضي تحت ادارة عمالقة وبصحبة ممثلين مسرحيين مرموقين، لكن هذه هي المرة الاولى التي اقف فيها وحدي تقريباً طوال اكثر من ساعتين واتقمص شخصية عاشت في الحقيقة وتعتبر من اهم نجمات الغناء في ميدان الاوبرا على الصعيد العالمي غير كونها عاشت حكاية غرام طويلة ومعروفة مع المليونير اليوناني اوناسيس قضت عليها مهنياً لانها كانت امرأة تضع عواطفها في المرتبة الاولى. ورومان بولانسكي هو الذي اخرج المسرحية وهو غني عن التعريف بما ان افلامه تلاقي منذ ربع قرن شعبية عالمية هائلة. انني مسرورة كونك تسألني عن هذه الاشياء على رغم مرور الوقت عليها، لكنها تعود الآن الى الظهور اولاً لانني اديت في السينما دوري نفسه في المسرحية، وأنا انظر الى الامر بمثابة الانتقام واقصد انتقام القدر لي لانني لست من النوع الذي يحب الانتقام عامة، لانني كنت قد تعرضت لهجوم كبير في حينه من بعض النقاد المسرحيين الذين رأوا ان دور كالاس كان يناسب ممثلة غيري. وها هي السينما قد اتت اليّ وقدمت الدور نفسه بعد اربع سنوات تقريباً. وأما عن حكاية الكوميديا فهي ايضاً واردة من جديدة بفضل فيلمي الجديد "ثماني نساء" تضحك. * كنت تشبهين ماريا كالاس في العرض ويقال انك قريبة جداً منها فوق الشاشة. في الفيلم الخاص بحياتها، فهل لعب مظهرك دوره بشكل اساسي في حصولك على الدور؟ - انا لا اعتقد ذلك لانني خارج المسرح والشاشة لا اشبه هذه المرأة. والذي حدث هو تقمصي شخصيتها في ادق التفاصيل وقيامي بدرس حركاتها وطريقتها في الكلام وتعبيرات وجهها، ورحت ادخل في الدور تدريجياً عبر الشرائط المسلجة التي شهدتها وسمعتها وايضاً بمساعدة المخرج في كل مرة ومجموعة من الاشخاص الذين عرفوها وساهموا في العمل. وانا سعيدة بسماع حكاية وجود التشابه بيننا لانها تدل على مدى نجاحي في تقمصي الدور. اذ انني لم اسمع في حياتي قبل ذلك بوجود اي نقطة مشتركة بيني وبين كالاس. والمهم ايضاً هو ان الاحداث تدور بعدما توقفت كالاس عن الغناء وتحولت الى معلمة خاصة، ما يغني صاحبة الدور عن الغناء فوق المسرح، والا لما حصلت على الدور ابداً لانني لست مغنية على الاطلاق. * يقال بأن اللون السينمائي الكوميدي نادراً ما يفوز بجوائز لان اهل المهنة لا يمنحونه الجدية اللازمة ويفضلون عليه الدراما، وها انت حصلت على الجائزتين المذكورتين عن دورك في فيلم فكاهي هو "بيدال دوس". كيف تحللين الموقف؟ - صحيح ان الكوميديا نادراً ما تحصد الجوائز مع كونها اصعب في التنفيذ من الدراما، وفي ما يخصني احلل فوزي بالجائزتين كوني ادهشت الجمهور واهل المهنة والصحافة، فلم يعرفني الناس ممثلة قادرة على الاضحاك وبالتالي ادت الدهشة الى الكريم. * انت بدأت فوق المسرح في الثمانينات عندما اعتزلت ايزابيل ادجاني العمل في مسرحية "الآنسة جولي" فهل تشعرين بأنك مدينة لها بشيء من نجاحك؟ - اعتقد بأن هناك مبالغة في هذا الكلام، لان ايزابيل لم تقرر من التي كانت ستتولى خلافتها فوق الخشبة في الدور، واكتفت بمغادرة العمل لاسباب شخصية ولخلافات نشبت بينها وبين سائر افراد الفرقة، من المخرج الى الممثل الرئيسي مروراً بمهندس الديكور ومدير الاضاءة. واذا نظرنا الى المسألة بطريقة ثانية من دون ادخال ادجاني فيها بشكل مباشر قد ارد بأنني فعلاً تمتعت بحظ كبير حينما تلقيت عرض بطولة المسرحية من بعدها، لان الدور هو من اجمل الموجود في المسرح الكلاسيكي ولانني نجحت فيه، ولولا اعتزال ادجاني لما حدث ذلك. * يظل اسمك مرتبطاً باسم الراحل فرانسوا تروفو الذي اكتشفك سينمائياً، فما هو شعورك الشخصي تجاه ما يقال ويكتب بهذا الخصوص؟ - انا مرتبطة بفرانسوا تروفو في عملي وفي حياتي عامة، فأنا ام ابنته وأرملته ومدينة له بالادوار التي سمحت للجمهور العريض بالتعرف اليّ، فلا اعترض على ما يقال ويكتب حول الموضوع، بل على العكس انا سعيدة بكوني استطعت مواصلة عملي بنجاح عقب رحيله مما يعتبر افضل دليل على حاسته الفنية علماً ان هناك عشرات الممثلات يتوقفن عن العمل نهائياً بعد انفصالهن عن الرجل الذي اكتشفهن. ولم يكن اكتشاف فرانسوا لي مجرد نزوة غرامية بل كانت حياتنا الخاصة منفصلة عن عملنا وهو كان قد اكتفى بالزواج مني من دون ان يضعني في افلامه لولا اقتناعه بصلاحيتي الفعلية لممارسة مهنة التمثيل. * اين تعلمت الدراما اساساً؟ - انا نشأت في مونت كارلو ثم جئت الى باريس لاتعلم التمثيل في معهد متخصص وعملت في مسلسلات تلفزيونية جيدة الى ان لاحظني فرانسوا وغيّر طريقي من الشاشة الصغيرة الى الكبيرة. * كلمة اخيرة حول فيلمك الجديد "ثماني نساء". - انا ممنوعة من الكلام عنه مثلما قلته في كل الاحاديث التي ادليت بها في التلفزيون والاذاعة والصحافة المكتوبة. فأنا اقبل الدعوة ثم اتكلم عن كل شيء الا هذا الفيلم. فالعقد المبرم بين كل واحدة منا انا وكاترين دونوف وايماونيل بيار والاخريات ينص على السرية التامة تجاه الاعلام وذلك حتى يكتشف الجمهور الفيلم من دون ان يعرف اي شيء عنه من قبل، خصوصاً ان الحبكة تدور حول قيام واحدة منا باغتيال رجل دعانا كلنا الى بيته. لكن صدقني الاثارة مضمونة والضحك ايضاً وزميلاتي كلهن رائعات.