شارك في "معرض أبو ظبي الدولي للكتاب" الذي اقيم اخيراً اكثر من 400 دار نشر من 33 دولة خليجية وعربية وأجنبية. وعرض فيه 200 ألف عنوان في مليوني نسخة. كما اقيمت على هامش المعرض فاعليات ثقافية وفنية أبرزها معرض "مئة شهيد... مئة حياة" راجع "الوسط" 480، ومسرحية "الجنة تفتح أبوابها متأخرة"، وفيلم "تقاسيم من بغداد"، وأمسية للشاعر محمد الفيتوري، ومحاضرة للدكتور طارق سويدان بعنوان "أين الخلل في الأمة؟"، ومهرجان أفلام من الإمارات. لكن أبرز سمات الدورة الحادية عشرة ل "معرض ابو ظبي الدولي للكتاب"، تسليط الضوء على اشكالية اساسية هي مستقبل الكتاب المطبوع، ومستقبل النشر في العالم العربي. "الوسط" طرحت القضية على الناشرين المستقلين، وسلطت الضوء على الوضع الراهن لحركة النشر في العالم العربي والخليج. في افتتاح "معرض ابو ظبي الدولي الحادي عشر للكتاب" الذي اقيم في "المجمع الثقافي" في ابو ظبي، ألقى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الاعلام والثقافة في دولة الامارات، خطاباً يضع "الكتاب المطبوع" على رفوف التاريخ، ويفسح المجال خلال العقد المقبل امام "الكتاب الالكتروني" باعتباره كتاب العصر. وأكد وزير الاعلام الالكتروني، ان الكتاب المطبوع - شأنه في ذلك شأن المخطوطات او الجداريات - ذاهب الى النسيان في مكتبة التاريخ "ولا أسف على ذلك"، وأضاف ان الكتاب الالكتروني سيكون سيد الموقف، وعلينا الاستعداد للتعامل مع هذا الكتاب بكل ما يحمله من ثورة علمية، اضافة الى انه سيكون "الأرخص مادياً" وبالتالي الاكثر انتشاراً. والمعروف ان النقاش حول مستقبل "الكتاب المطبوع" مطروح بشدة في العالم العربي وعلى الساحة العالمية. ولا شك في ان هذا النقاش سيتواصل خلال السنوات المقبلة مع تقدم "النشر الالكتروني"، وبفعل الثورات المتلاحقة في عالم الاتصالات والكومبيوتر. لكن كيف ينظر اهل النشر والمعنيون بصناعة الكتاب وتوزيعه في العالم العربي الى المستقبل؟ ما رأيهم وما موقعهم من النقاش الدائر؟ طرحنا السؤال على نخبة من هؤلاء، وجاءت الآراء متفاوتة ومتباينة، تباين "الأجيال" و "المصالح": فمن انحياز مطلق الى الكتاب المطبوع بحكم الموروث الثقافي والتعامل اليومي مع الكتاب "الصديق" الذي لا يمكن التخلي عنه الى حماسة واضحة لثورة العصر التي تفرض نفسها ولا يجوز التغاضي عنها، او التعامل معها بسياسة دفن الرؤوس في الرمال كما النعامة. هل سيقضي الكتاب الالكتروني على الكتاب المطبوع، أم سيتعايش معه فيتكاملان؟ الى اي مدى يبدو المدافعون عن الكتاب التقليدي محقّين في تمسكهم بالأنماط القديمة؟ هل ينبغي افساح مجال صغير للنشر الالكتروني من دون حماسة حقيقية؟ هل يصح القول بأن الكتاب الالكتروني سيحتل الساحة بأكملها كما نسمع في اوساط الشباب، ابناء ثورة الكومبيوتر، في حين سيصبح الكتاب المطبوع من المقتنيات الجميلة التي تزين مكتبة المنزل او المكتبات العامة؟ وبماذا خدمت الثورة الالكترونية الكتاب المطبوع بدلاً من الاساءة اليه؟ هل يسهل الكتاب الالكتروني انتقال المعرفة وانتشارها، أم ان الكتاب المطبوع بدلاً من الاساءة اليه؟ هل يسهّل الكتاب الالكتروني انتقال المعرفة وانتشارها، أم ان الكتاب المطبوع سيبقى لا محالة رفيق الدرب في الحل تأمل ان يشارك فيه مستقبلاً اوسع قدر ممكن من المعنيين بالكتاب والنشر. عبود عبود: سنقف في وجه الزحف الالكتروني! يعترف عبود عبود، الأمين العام ل "اتحاد الناشرين العرب"، ان الكتاب الالكتروني سيؤثر على الكتاب المطبوع، لكنه "لن يقضي عليه نهائياً". فللكتاب، كما يقول: "وجود اساسي وحتمي في البيت، وله اهمية خاصة لكل أديب ولكل جامعة، وهو الصديق في السفر والمؤنس قبل النوم". والاعتراف او الإقرار يمتد عند عبود ايضاً الى ان تجارة الكتاب الالكتروني، لأن الأخير سيباع بثمن أرخص، فيما سيتراجع عدد طبعات الكتاب ويتراجع توزيعه لكنه "لن ينقرض". ويلاحظ الأمين العام لاتحاد الناشرين العرب ان الكثير من أمهات الكتب بدأ نشرها الكترونياً، ليكون الكتاب ذاته مطبوعاً والكترونياً ويتعايشا معاً. ويؤكد: "لا أتوقع انتهاء الكتاب المطبوع وسندافع عنه وعن وجوده امام زحف الكتاب الالكتروني المدعوم من الجيل الجديد". ويضيف "ان هذه المهنة اصبحت صعبة جداً، مع كثرة دور النشر والمعارض وتداخلها. ونحن كاتحاد للناشرين العرب نحاول ان نضع حداً لهذا الوضع، وسنعمل في اتجاه تنظيم اقامة معارض الكتاب في الدول العربية، لعدم حدوث تضارب وتعارض في ما بينها. ان اتحاد الناشرين العرب يضم 350 دار نشر تمثل نخبة الناشرين العرب، وهناك طلبات كثيرة للانضمام للاتحاد من كل الدول العربية. وعدد الكتب التي يتم نشرها في الدول العربية سنوياً يتراوح بين ستة وتسعة آلاف كتاب، ويتراوح عدد الكتب التي تطبع من كل عنوان بين ألفين و50 ألفاً، ما يشير الى ان الاوضاع ليست سيئة الى هذا الحد. وهناك مواضيع عدة تلقى الاقبال، أهمها القضايا السياسية الساخنة في لبنان ومصر، وتلك المتعلقة بالانتفاضة، وكذلك كتب الكومبيوتر باللغة العربية، ونسير في هذا الاتجاه مع ما ينشر باللغة الانكليزية. وتركز النشر العربي في جزء منه خلال السنوات الماضية على المواضيع الالكترونية الاخرى التي كانت نادرة في العالم العربي. وهذا دليل على ان الثورة الالكترونية قد تخدم الكتاب المطبوع بدلاً من الاساءة اليه". ابراهيم بشمي: الخوف على القارئ ويشترك ابراهيم بشمي، نائب المدير العام ل "مؤسسة الأيام للصحافة والنشر والتوزيع" مدير الجناح البحريني في معرض أبو ظبي، في مناقشة أفكار وزير الاعلام والثقافة الاماراتي، مؤكداً ان "الكتاب بشكله الحالي لن يختفي في الوطن العربي. والاسباب كثيرة، أولها ان وجود الكتاب الالكتروني في الدول العربية لا تتعدى نسبته واحد في المئة. وخلال وجودي في المعارض العربية والعالمية، خصوصاً معرض فرانكفورت وهو الأكبر في العالم، لا اجد اكثر من قاعة واحدة مخصصة للكتاب الالكتروني من اصل تسعة ابنية كاملة لا مجرد قاعات! مخصصة للكتاب المطبوع. هذه المقارنة البسيطة تدل على مدى بقاء الكتاب التقليدي على عرشه، والكتاب الالكتروني ليس له وجود إلا بشكل محدود". ويضيف: "الكلام عن وجود الكتاب الالكتروني وانتشاره خلال العقد المقبل في الدول العربية يعبر عن نظرة متفائلة لا تأخذ في الاعتبار الفقر والتخلف والأمية الضاربة أطنابها في الوطن العربي. وأكبر مثال على ذلك ان القراءة للكتاب والصحف والمجلات لا تتجاوز نسبتها على افضل تقدير واحد في المئة من عدد السكان. والسؤال المطروح بالتالي: كيف نستطيع ان نبيع كتاباً تقليدياً لمواطن لا يستطيع تأمين قوت يومه؟ وكيف نستطيع ان ننشر اجهزة كومبيوتر لا يقل سعرها عن 500 دولار؟ المعضلة الاساسية ليست: هل تشهد السنوات الآتية انحسار الكتاب التقليدي وانتشار الكتاب الالكتروني؟ بل هل سيبقى هناك قارئ عربي تحت ضغط الازمة الاقتصادية والسياسية في البدان العربية؟ خالد أحمد قبيعة: سأحارب اما خالد أحمد قبيعة، رئيس لجنة المعارض العربية والدولية في "اتحاد الناشرين العرب"، فيرى ان النشر الالكتروني احدث في بدايته حالاً من الخوف لدى الناشرين، واستمر هذا الخوف سنتين مما جعل الناشر العربي يواكب الثورة الالكترونية، بإضافة مواضيع ساخنة على القرص المدمج سي. دي. واضطر ناشرو الموسوعات وأمهات الكتب مثل "لسان العرب" الى إعداد نسخة الكترونية منها على الأقراص المدمجة، فيما لجأت دور نشر اخرى الى نشر المواضيع الجديدة في عالم الكومبيوتر والانترنت، ووجدت لذلك سوقاً رائعة. ويلاحظ ان الجيل الجديد 10-22 سنة يريد ان يتعلم كل شيء من خلال الكومبيوتر، فيما يرى الجيل القديم 40 سنة وما فوق نفسه مضطراً الى التعامل مع الكومبيوتر من دون حماسة حقيقية. ويضيف: "ان النشر الالكتروني سيأخذ، برأيي، حصة من النشر الورقي، ولكن من رابع المستحيلات ان يقضي عليه، حتى لو كان عالمنا الشرقي كله يملك أقراصاً مدمجة! لا، في القراءة متعة، وهي طريقة ورثناها وندافع عنها. أنا سأحارب النشر الالكتروني اذا أثر على الكتاب، لكنني متيقن ان الكتاب الالكتروني لن يأخذ من السوق حصة تزيد على 30 الى 40 في المئة على مستوى الدول العربية. نحن في دارنا نتعامل مع النشر الالكتروني الى جانب الكتاب الورقي، وتجاربنا تؤكد ان الطلب ما زال اكبر على الكتاب المطبوع بنسبة اربعة اضعاف. وهذا الواقع مدعوم بتاريخ القراءة حيث ما زال الكتاب اهم اداة للوصول الى المعرفة والثقافة". ولكن ماذا عن المستقبل؟ "في المستقبل يمكن لكل شيء ان يتغير. لكن أي تغيير عندنا نحن العرب، يبقى في اطار عاداتنا وسلوكنا. وهذا ينطبق على علاقتنا مع الكتاب ايضاً. اذن الكتاب باق، وهذه مسؤوليتنا كناشرين واتحاد ناشرين ونقابات عربية ووزارات معنية بشؤون الثقافة". ونسأل قبيعة، وهو رئيس لجنة المعارض في "اتحاد الناشرين العرب"، عن عدد المعارض العربية فيجيب: "عدد المعارض المعتمدة من قبل الاتحاد 18 معرضاً، أي بمعدل 1.25 معرض كل شهر. وأهمية هذه المعارض تختلف من دولة لأخرى، لكن الهدف واحد وهو التوعية، ومتابعة المثقف لما يحدث في عالم النشر الى جانب الاهداف الثقافية الشاملة". أما معرض أبو ظبي، فيتميز بأنه "افضل معرض للزائر الذي يريد اقتناء الكتاب، كونه يحقق الشروط التي وضعتها اللجنة المنظمة وهي: ان تكون النسبة الكبرى من معروضات كل دار كتباً جديدة، قيام "المجمع الثقافي في أبوظبي" بشراء أربع نسخ من كل عنوان يقدمه أي ناشر للمعرض، وجود الناشر المبدع الذي يقدم الجديد سنوياً، عدم منع اي كتاب من جانب اللجنة المنظمة او وزارة الاعلام والثقافة". سليمان بن صالح العقلا: جنباً الى جنب ويرى الدكتور سليمان بن صالح العقلا، عميد شؤون المكتبات في جامعة الملك سعود، ان توسع النشر الالكتروني أمر مفروغ منه. ويلاحظ ان الدول المتقدمة قطعت مرحلة كبيرة في هذا المجال، فالكتب المرجعية والتراثية والمعاجم كلها أصبحت متاحة للنشر الالكتروني. ويضيف: "أتوقع حدوث تقدم كبير في هذا المجال في الوطن العربي ايضاً. هناك اتجاه واضح لدى عدد من دور النشر للتوسع في مجال النشر الالكتروني. والمعارض التي تقام في العواصم العربية باتت تستقطب عدداً لافتاً من الدور المهتمة بالنشر الالكتروني لتشارك فيها. لكنني اعتقد ان النشر الالكتروني داعم للنشر التقليدي، فعن طريق الشبكات يمكنه ان يقدم خدمة كبيرة لتوزيع الكتاب التقليدي عن طريق الاعلان والتعريف به. وأتوقع ان يبقى الكتاب التقليدي حاضراً بقوة، مستفيداً من توسع النشر الالكتروني. فكلا الوسيلتين ستسيران جنباً الى جنب سنوات طويلة". ويعبر العقلا عن رضاه بالنسبة الى الحركة التي يشهدها النشر الالكتروني في المملكة العربية السعودية ودول الخليج. وقال: "في العام الماضي اقيم في المملكة معرض خاص بالنشر الالكتروني. وهناك الكثير من المطبوعات التي نشرت الكترونياً في المملكة وسائر دول الخليج، لكن كل المطبوعات ليست متاحة وميسرة للنشر الالكتروني. والكتاب المطبوع، عندنا، كما في العالم العربي، سيبقى فترة طويلة الكتاب المطلوب. وكل عام يقام معرض دولي للكتاب في السعودية، ويتوزع بين عدد من الجامعات. وأعلن لقراء "الوسط" منذ الآن عن "معرض الرياض الدولي التاسع للكتاب" الذي ستقيمه جامعة الملك سعود في الشهر العاشر من العام 2002". ونسأل الدكتور سليمان العقلا عن موقع هذا المعرض بين المعارض الخليجية والعربية فيقول: "بدأت جامعة الملك سعود اقامة المعارض الدولية منذ 20 سنة تقريباً. وهناك اقبال كبير عليها من قبل دور النشر والجمهور. ويتوقع ان تشارك في معرض العام المقبل اكثر من 500 دار نشر محلية وعربية ودولية، في مقابل 400 دار نشر شاركت في المعرض السابق. وستعرض المنشورات الالكترونية الى جانب المطبوعات التقليدية من دون تمييز". عبدالله بن طالب سالم: القضية ليست محسومة على رغم ذلك كله، فإن بعضاً من أصحاب دور النشر الالكتروني ما زال يدافع عن الكتاب التقليدي، ويرى فيه ملاذاً لا بد منه للباحثين وأصحاب الاختصاص في وقت يذهب فيه الطلاب والشباب باتجاه كل ما ينشر الكترونياً. وفي هذا الصدد يلاحظ عبدالله بن طالب سالم، مدير فرع دبي في شركة "المعالم للحاسب الآلي"، في سياق العلاقة الجدلية بين النشر التقليدي والنشر الالكتروني، "ان الكتاب الالكتروني آخذ بالانتشار على حساب الكتاب الورقي، لكنه ينتشر لدى الناس العاديين. اما الباحثون والمهتمون بالأصول والمراجع الرئيسية، فإننا ننصحهم كشركات الكترونية بالرجوع الى الاصول والمؤلفات المطبوعة من أمهات الكتب. ولذلك فإن القضية ليست محسومة، وما زلنا بحاجة الى الكتاب التقليدي كمرجع اساسي. إن اتجاه الشركات الالكترونية لطبع أمهات الكتب الكترونياً، وعرضها على شبكة الانترنت، يعتبر خطوة عظيمة، تضع المعرفة بتصرف الجميع. لكن اي باحث لا بد له ان يستند الى الاصول المكتوبة كمرجع يمكن الركون اليه". ويتابع سالم: "صحيح ان وجود أمهات الكتب على شبكة الانترنت يسهّل على الباحث اينما كان في العالم الرجوع الى امهات الكتب من دون عناء السفر والبحث عنها في المكتبات. لكن لا بد ان نؤكد ضرورة الابقاء على الكتاب التقليدي على رغم ان الكتاب الالكتروني ادى دوراً كبيراً وسهل وصول المعلومة الى اناس كثيرين بطرق سهلة. خلال العقد الاول من هذا القرن سيتغير شيء كثير. وسيأخذ الكتاب الالكتروني حيزاً كبيراً من سوق النشر التقليدي، خصوصاً من جانب عامة الناس والطلاب. كما سيؤثر على تجارة الكتاب. وهناك منذ الآن مؤشر واضح، إذ ان الكتب بدأت تباع بأبخس الأثمان". حسين بلقدي: ملايين الصفحات على الانترنت ويشارك في النقاش حسين سعد بلقدي مدير التسويق في شركة "المعالم للحاسب الآلي"، معتبراً ان مقولة الشيخ عبدالله بن زايد حقيقية وواقعية اذ "يتجه عدد كبير من دور النشر الى تحويل الكتب نحو القالب الالكتروني، ونجد مواقع على شبكة الانترنت متخصصة في فهرسة تلك الكتب ونشرها الكترونياً، ليتم تصفحها بشكل سهل. وبعض المواقع يقدم الآن ملايين الصفحات التي يمكن استعراضها وطبعها في المنزل. وهذا سيؤثر على الكتاب المطبوع خلال السنوات المقبلة. ولا شك ان مستخدمي الكتاب التقليدي سيصبحون قلة، فبدلاً من دفع مبالغ كبيرة وتخصيص مساحات ضخمة للكتاب، سيتم الاستغناء عن كل ذلك بقرص مدمج صغير وخفيف الوزن، ويمكن استخدامه بسهولة". والى أن يتم حسم الجدل القائم حالياً حول الكتاب التقليدي والكتاب الالكتروني ستبقى معارض الكتب، ومنها "معرض أبو ظبي الدولي للكتاب" الذي كان مناسبة لإجراء هذا التحقيق، كما وصفها الشيخ نهيان بن مبارك وزير التعليم العالي والبحث العلمي في دولة الامارات في كلمته الافتتاحية للمعرض المذكور، "تظاهرات ثقافية رائعة تضم الكاتب والقارئ والناشر في منظومة فريدة"، تجسد كل معاني العمل الانساني المبدع الذي اسهم دائماً وما يزال في دعم نوعية الحياة، واذكاء الوعي الدائم والمستمر بين الافراد والجماعات كافة، بل التواصل الحي والخلاق بين الماضي والحاضر والمستقبل". صقر أبو فخر: 70 مليون أميّ عربي اما صقر ابو فخر، مدير النشر في "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، فيعتبر ان "الكتاب الورقي في طريقه الى الانحسار. لكن أظن ان حضوره بين الأصابع في العالم العربي سيستمر فترة طويلة. لأن احلال الكتاب الالكتروني محل الكتاب المقروء لا يسير بوتائر متسارعة. فالتكنولوجيا المتقدمة ما زالت غريبة حتى الآن على قطاعات واسعة من الشعوب العربية. والأمية، في مطلع القرن الحادي والعشرين تساوي 70 مليون نسمة في البقاع العربية. حتى خدمات الكهرباء البسيطة لم تصل بعد الى مناطق كثيرة في البلدان العربية. ثم ان التعليم العام، لا سيما في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، لن يشهد في العقد المقبل أي تحولات جذرية في مجال استخدام التكنولوجيا، خصوصاً في الدول شديدة التخلف". ويضيف أبو فخر: "لهذه الأسباب، ولأسباب كثيرة اخرى تتعلق بقدرة بعض الدول العربية على استثمار اموال باهظة في حقل التعليم، أرى ان الكتاب الورقي في طور التراجع والانحسار المتدرج. لكن في المقابل، لا بد من الاعتراف بأن ايقاع تغلغل الكتاب الالكتروني في الحياة اليومية للقراء العرب يتقدم ببطء شديد. صحيح ان التقدم العلمي والتقني كفيل بإزالة العوائق العملية امام الاستخدام الميسّر والسهل للاختراعات الجديدة، غير ان قدرة بعض المجتمعات العربية على استيعاب هذه التكنولوجيا المتطورة لا تبشر بنتائج فاعلة. صحيح ان أجهزة استخدام الكتاب الالكتروني صار حجمها اليوم بحجم اليد، وانه سيصبح بإمكان القارئ قريباً جداً ان يضع في جيبه مكتبة كاملة، يقرأ منها ما يشاء، ساعة يشاء، في أي مكان يشاء، لكن متى ستصل هذه التكنولوجيا الى القراء المفترضين في جبال الجزائر المعزولة او هضاب اليمن العاصية او قفار الصومال وواحات مصر وأدغال السودان وأرياف العراق وسورية ولبنان"؟ ويخلص أبو فخر الى القول: "بالتأكيد ستنتشر هذه التكنولوجيا المتقدمة، وهي تنتشر اليوم وفي كل لحظة في قطاعات عليا من المجتمعات العربية، أي في القطاعات المدنية ذات التعليم العالي الراقي ولدى الفئات ذات الدخل المرتفع نسبياً وفي بعض المجتمعات المتصلة مباشرة بوسائل الاستهلاك المعاصرة. لكن هذه التكنولوجيا نفسها ستخلف وعدها في الكثير من المناطق العربية المبتلاة بالأمية والانحطاط الاقتصادي وضعف المداخيل. وفي هذه الحال، سيستمر الكتاب المقروء طويلاً، كوسيلة لا بد منها للتعليم والقراءة، في الوقت الذي بدأ رحلة الاندثار في المجتمعات المتطورة في الغرب".