استقرت ناقلة النفط العراقية "زينب" على عمق 100 قدم تحت مياه الخليج قبالة سواحل ميناء جبل علي، وعلى بعد 16 ميلاً بحرياً من مدينة دبي وتضاءلت الآمال بتعويم الناقلة وسحبها بحمولتها قصد تفريغها، والاهتمام منصب الآن على افضل الطرق لتفريغها من حمولتها من الديزل وهي كبيرة تزيد على الألف طن. وتعاظمت المشكلة إلى حد اغلاق محطات تحلية المياه التي تغذي مدن الإمارات الرئيسية وامتناع الصيادين عن الخروج الى البحر بسبب التباطؤ في معالجة الحادثة. فقد تركت "زينب" لتواجه مصيرها امام حاملة طائرات أميركية وطراد بحري اكتفى بإنزال بحارتها وقبطانها امام أعين فريق تصوير تلفزيوني من قناة الشارقة الفضائية كان يحلق صدفة في اجواء المنطقة وقت الحادث. مصور تلفزيون الشارقة محمد صلاح وكاتبة هذه السطور وإثنان من طياري شرطة الشارقة ومسؤول البيئة في الإمارات عبد العزيز المدفع ورئيس مجموعة الإمارات للبيئة البحرية علي صقر السويدي كانوا في طريق العودة الى الشارقة من جزيرة نائية تتبع الإمارة هي صير بونعير تعرضت لحادث تلوث قبل أسابيع، وعلى رغم الأوامر التي تلقاها قائد المروحية من حاملة الطائرات التي توقفت قرب موقع الناقلة بمغادرة المكان والابتعاد ميلين على الاقل، فقد قام بالإلتفاف ثلاث مرات حول الناقلة لمعرفة ما يحدث وليتيح للفريق التلفزيوني فرصة التصوير ولتكون اللقطات النادرة للحظات الاخيرة في حياة "زينب" فوق سطح المياه، وقد ظهر جلياً موقع التسرب على الجانب الأيسر للناقلة في حين إعتلى بحارتها السطح الأكثر ارتفاعاً فيها وحول أعناقهم أطواق النجاة وقامت زوارق البحرية الاميركية بانزالهم على دفعات. بدا لنا ان "زينب" تلقت صدمة كبيرة من جانبها الأيسر الى درجة أحداث ميل نصف دائري فيه، وانشرخت خزاناتها، وبدأ الديزل في التدفق بكميات كبيرة. البحرية الأميركية قالت أن الشرخ بسبب موجة عاتية. بادر الطيار الاتصال بقاعدته الجوية، وعاش ركاب الطائرة حالة من الذهول لعدم وجود اي طرف اماراتي في موقع الحادث. ولم يكن ممكناً استخدام اجهزة الهاتف المتحرك على متن الطائرة. أبلغ الطيار مجدداً خفر السواحل والحدود بالأمر. وفور وصول الطائرة الى قاعدة طيران الشرطة في الشارقة بدأ الاتصال بجميع الجهات ليتأخر تدخلها نحو 40 ساعة. قال ناطق اميركي من قاعدة اميركية في البحرين ان خفر السواحل الاماراتي انتشل البحارة العراقيين. والحقيقة ان الزوارق الاميركية هي التي انتشلتهم ثم اتضح لاحقاً ان الناقلة لم تكن في المياه الدولية أثناء اعتراضها بل خرجت للتو من ميناء مهم على سواحل الإمارات يستخدم في تهريب النفط العراقي منذ سنوات لحساب تجار يحققون مكاسب مالية كبيرة من هذه التجارة، وصفهم بعض المتحمسين لحماية البيئة في الإمارات بأصحاب الضمائر الميتة لأن معظم الناقلات والعبارات التي تنقل هذا النفط متهالكة انتهت صلاحيتها وتقرر بيعها بالمزاد العلني يقوم اصحابها بإعادة شرائها ورفع اعلام دول أجنبية عليها. و "زينب" كانت ترفع علم جورجيا عن طريق مكاتب ووكلاء يعملون في المناطق الحرة بدولة الإمارات. تجدر الإشارة الى ان الامارات وضعت قانوناً بيئياً مشدداً يطبق عقوبة الإعدام على من يجلب نفايات مشعة أحدث ضجة عالمية من قبل جمعيات حقوق الانسان وغيرها الا انها لم تطبق هذا القانون حتى الآن. وأوضح عبد العزيز المدفع مدير ادارة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة باعتباره شاهد عيان ان "زينب" كانت تحمل 1600 طن من الديزل المهرب من العراق وان البحرية الاميركية رصدتها قبل 8 أيام من الحادث واقتادتها الى عرض البحر قبالة ميناء جبل علي وان البحرية الاميركية هي المتسبب الرئيسي بالحادث لأن الناقلة قديمة وانتهى عمرها الافتراضي وكان حرياً بالأميركيين الاتصال بالجهات المختصة في الإمارات للإبلاغ عن الموضوع فور جلب الناقلة الى موقع الغرق. ورأى المدفع ان الحصار على العراق ساهم في ازدهار السوق السوداء.