من استمع الى القنوات الفضائية والاذاعات العربية خلال الشهور الماضية، فوجئ بالعدد المرتفع ل "المحللين السياسيين" ول "الكتاب الاستراتيجيين" العرب الذين راحوا يظهرون على شاشات وعبر أثير تلك الوسائل الاعلامية "فاقعين" تحليلات لا اول لها ولا آخر. فمن تأكيدات حول "أطراف خفية" كانت هي، وليس الارهابيون المتطرفون، من دمّر برجي مانهاتن، الى حديث عن حرب في افغانستان ستصمد فيها "طالبان" عشرات السنين، الى كلام عن حرب اميركية "صليبية" على الاسلام، الى تأكيدات بأنه اذا هاجمت الطائرات الاميركية افغانستان، فإن الشوارع العربية كلها ستنتفض، ومدناً ستدمر، وبأن ابن لادن وجماعته سيضاعفون هجماتهم على "الغرب الكافر"، وسيستخدمون "مخزوناتهم السرية" المحفوظة "بأمان في الكهوف والجبال" لتدمير الغرب. الحرب الاميركية ضد "طالبان" تكاد تنتهي، وهي تحولت كما كان يتوقع العقلاء الى حرب افغانية - افغانية. والشارع الباكستاني تبخر. والتحالف الدولي صمد. والعرب سكتوا. وابن لادن مطارد الآن من مكان الى آخر: لم يصمد ولم ينتحر حتى لا يستسلم كما وعد. ترى ألم يكن حال "المحللين" و"الاستراتيجيين" العرب خلال الشهور الفائتة مثل حال المنجمين؟ أليس في هذا درس ثمين من الافضل له ان يدفع محللينا الى المزيد من التبحر والتريث قبل الاجابة؟ وعلى الاقل الى عدم النظر الى امنياتهم على انها حقائق مؤكدة. محمود عبدالسلام غنيم القاهرة - مصر