ألقت طرق التجسس العسكري بظلالها على حقل تقنيات قيادة السيارات المتقدمة التي تستند على نظام التوجه خطوة خطوة وتلقي الأوامر بذلك من الهاتف النقال. وستتجسد هذه التقنية واقعاً عملياً في بريطانيا خلال الأشهر القليلة المقبلة. وتتمركز هذه الخدمة الجديدة حول تقنية الخرائط الرقمية التي ما انفكت وتيرة اللجوء إليها تزداد على نحو غير ملحوظ خلال العقود الثلاثة الأخيرة على يد الدوائر العسكرية وشركات الكهرباء الكبيرة في العالم. لم تبرز أهمية هذه التقنية بشكل لافت إلا مع بدء الحملة العسكرية الأميركية على أفغانستان، حيث أثبتت هذه التقنية فعاليتها القصوى في تمكين القوات الأميركية من تحديد الأهداف الواجب ضربها. وعلى غرار الانترنت التي كانت في السبعينات حكراً على القوات الأميركية المسلحة، من المنتظر أن يسهم شيوع خدمات القيادة في نشر تقنية الخرائط الرقمية في ميادين الحياة العلمية التي تمس حياة المستهلك مباشرة. يقوم هذا المشروع البريطاني، الذي ترعاه شركة Yeoman على مبدأ استخدام نظام التموضع العام GPS الذي يعمل بالأقمار الاصطناعية والذي تستخدمه الشركة المذكورة للمساعدة في حقل الملاحة البحرية. أما الخدمات الجديدة التي يقدمها هذا المشروع فتخص سائقي السيارات، بحيث يقوم السائق بالاتصال برقم معين ويخبر عامل المقسم بالنقطة التي يريد التوجه إليها. وطبقاً لهذه التقنية يتم ربط السيارة بجهاز كومبيوتر يحتوي على خرائط مفصلة للمملكة المتحدة تخضع للتعديل بشكل متواصل وتضم معلومات مفصلة عن وتيرة حركة السير في الشوارع الرئيسية والفرعية وأعمال الصيانة في الطرقات وتحويل الاتجاهات فيها. ويقوم السائق بتلقي التعليمات الواجب اتباعها عن طريق جهاز الكومبيوتر الذي يعمل بالصوت شرط أن يكون هاتف السائق النقال مربوطاً بشبكة الاتصالات العاملة بالأقمار الاصطناعية GPS وبذلك يتزود السائق بالمعلومات اللازمة في النقطة الصحيحة في رحلته لتجنب اختلاط المعلومات في ذهن السائق. إن كلفة هذه الخدمة تعادل سعر المخابرة العادية من الهاتف النقال، وهي أقل ثمناً من تلك المتوافرة حالياً والقائمة على استخدام الاسطوانة المدمجة التي تحتوي على المعلومات المتعقلة بحالة الطرقات وجغرافيتها، إذ يضطر السائق إلى تغيير هذه الاسطوانة باستمرار لمواكبة التغييرات الدائمة. ويعود الفضل في استنباط هذه التقنية إلى تطوير الهواتف النقالة وتقدم الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية والجهود الجبارة التي بذلها ويبذلها استاذ الكومبيوتر في جامعة كامبردج وودز فورد الذي يعتبر العراب الحقيقي لتقنية الخرائط الفضائية. وتعكف الشركة على تطوير برامج ضرورية لوصف الأشياء داخل جهاز الكومبيوتر ببعدين والسماح للمعلومات الجديدة بالانضمام إلى قاعدة المعلومات في الوقت نفسه. ويعتبر النجاح في تطوير مثل هذه البرامج من أكبر التحديات التي تواجه عالم الأبحاث المعلوماتية، لأن هذه الطرق أكثر من حيوية في مجال جمع المعلومات إذا أريد للخرائط والمعلومات الفضائية أن تتحول إلى شكل رقمي وتواكب آخر التغييرات، كإضافة بعض المباني والنصوص المكتوبة على المواقع. وإذا كانت شركة Yeoman مالكة Laser Scan تعول على الاستمرار في سد احتياجات زبائنها كوزارة الدفاع الأميركية ووكالات الفضاء العالمية ومكاتب المسح الجغرافي، فإنها تعول على اشتراكات في خدمة قيادة السيارة خطوة خطوة تقدر بعشرين ألفاً في مرحلة أولية، علماً بأن قدرة استيعاب السوق البريطانية تقدر بملايين الاشتراكات حسبما بينت دراسات الجدوى التي أجراها المختصون لحساب الشركة المذكورة. كما تأمل Yeoman أن تتخطى هذه الخدمة سريعاً حدود بريطانيا لتشمل دولاً أخرى في القارة الأوروبية.