شارك في حفلة غداء عامرة فأكل ما هب ودب من أنواع الطعام، لكن الحازوقة ما لبثت هاجمته فأصبح محط أنظار كل الحاضرين، نظراً الى الصوت القوي الصادر عنه والمزعج لصاحبه وللآخرين. أحدهم نصحه بابتلاع لقمة خبز كبيرة فأخذ المصاب بالنصيحة حالاً، لكن قطعة الخبز انزلقت الى بطنه ولم تنزلق الحازوقة معها. شخص آخر أشار عليه بأن يكرع كأساً من الماء المثلج دفعة واحدة، فبادر الى تنفيذ النصيحة من دون تردد، لكن عبثاً فالحازوقة استمرت ولم تتوقف. شخص ثالث أوصاه بأن ينام على بطنه ويضع قطعة من الثلج فوق ظهره، لكن قطعة الثلج ذابت ولم تذب معها الحازوقة. شخص رابع تمنى عليه أن يضع قطعة سكر في فمه ثم يطحنها بقوة بأسنانه. وشخص خامس أشار عليه أن يستنشق "الأثير" أو "الأمونياك"، وسادس اقترح عليه أن يحبس نفسه لأطول مدة ممكنة. كل هذه النصائح أخذ بها لكن الحازوقة ظلت لصيقة به كظله الى درجة شغلت باله كثيراً. ما هي الحازوقة؟ انها عبارة عن حركة لا إرادية مفاجئة ناتجة عن تقلص في الحجاب الحاجز جدار يفصل البطن عن الصدر يؤدي الى المرور القسري للهواء عبر الأوتار الصوتية، محدثاً اهتزازاً عنيفاً، هو الذي يبعث بالصوت المميز للحازوقة. هناك عصب يمر عبر الحجاب الحاجز هو الذي يسيطر على تقلصاته وحركاته، وتخريش هذا العصب، لسبب أو لآخر يطلق العنان لحصول الحازوقة. ان الحازوقة قد تمر على المصاب بها مرور الكرام، أو قد تستمر لدقائق معدودة، أو حتى ساعات، وأحياناً قد تستغرق بضعة أيام وفي حالات استثنائية نادرة جداً يمكن أن تلازم صاحبها مدى الحياة. تضرب الحازوقة كل الناس بلا تفريق، صغاراً كانوا أم كباراً، فالأطفال الرضع غالباً ما يصابون بها نتيجة الامتلاء السريع للمعدة، اما الآخرون فالحازوقة تحل عليهم إثر تناول الوجبات الغذائية الدسمة. وإذا كانت الحازوقة عبارة عن ظاهرة سليمة خالية من أي خطر في أغلب الحالات إلا أنها ليست كذلك لدى القلة الباقية من الناس، اذ يمكن للحازوقة أن تنجم عن طيف واسع من الاضطرابات التي تتوضع مباشرة أعلى وأسفل الحجاب الحاجز مثل الالتهابات، وتمدد المعدة والأورام واحتشاء العضلة القلبية وارتفاع آزوت الدم واضطرابات الجملة العصبية وبعض الأمراض الكلوية وغيرها. وأكثر الأمراض التي نشاهد فيها الحازوقة، مرض التهاب المريء العكسي أي الالتهاب الناجم عن ارتداد حوامض المعدة الى مجرى المريء الذي لا يقدر على تحمل هذه الحوامض فيصاب بالالتهاب والتقرح الأمر الذي يؤدي إلى الحازوقة اضافة الى الشعور بالألم والحرقة خلف عظم القص. كيف الخلاص من الحازوقة؟ القسم الأكبر من حالات الحازوقة لا يدوم طويلاً إذ أنها أي الحازوقة تتوقف بعد مضي خمس الى عشر دقائق لا أكثر. اما اذا استمرت لفترة أطول فعندها لا بد من عمل شيء ما لإيقافها، لأنها قد تتحول الى كابوس يرهق صاحبها ومن حوله. في البداية يمكن تطبيق بعض الوسائط الشعبية التي يمكن أن تأتي بالحل المنشود مثل ابتلاع لقمات كبيرة من الخبز، وشرب ماء بارد أو محادثة المصاب بجدية وبشكل لافت للاهتمام، أو الاسرار للمريض بخبر مزعج، أو حبس النفس، أو تكسير قطعة من الثلج أو شم عطر نافذ، أو ابتلاع ملعقة من السكر. إذا استطاعت الوصفات الشعبية المذكورة ان تأتي على الحازوقة كان خيراً، اما إذا لم تفلح واستغرقت الحازوقة لمدة 48 ساعة فعندها لا مفر من طلب المعونة من الطبيب الذي يملك في جعبته الوسيلة الملائمة لاجهاض الحازوقة مثل استعمال بعض المهدئات ومضادات التشنج والمخدرات الموضعية وغيرها. أما اذا استمرت الحازوقة على عنادها، على رغم العلاجات الشعبية والطبية، فهنا يبقى القول الفصل لمبضع الجراح.