يعتبر جهاز الهضم من أهم أجهزة الجسم الحيوية، فعليه يعتمد الإنسان للاستفادة من عناصر القوة والحياة المتواجدة في الغذاء الذي يبدأ رحلته في الفم لينزلق منه الى المريء، ومن بعدها الى المعدة والأمعاء الدقيقة والأمعاء الغليظة القولون. وجهاز الهضم قد يتعرض الى مجموعة من المشكلات والأمراض التي تفصح عن وجودها بعوارض شتى، سنتناول ثلاثة منها هي: القرقرة، الحازوقة، الحرقة. القرقرة، من وقت الى آخر قد يسمع الواحد منا أصواتاً صادرة من بطنه، والواقع أن هذه الأصوات ما هي الا عبارة عن بيان ناطق لحركات الأمعاء يعرف باسم القرقرة، وهذه تعد شيئاً طبيعياً، اذ كثيراً ما نشعر بها عند الاحساس بالجوع، أو عقب تناول الطعام، وهناك من المآكل التي تسهم في زيادة حدوثها، اضافة الى بعض المشروبات المنبهة كالقهوة والشاي والكولا. واذا صام الشخص لفترة طويلة، فإنه عندما يشم رائحة الأكل أو يقع نظره عليه، يبعث الدماغ اشارات هرمونية - كيماوية الى الانبوب الهضمي فتنشط حركة الأمعاء وتحدث القرقرة. هناك ثلاث ملاحظات نسوقها حول القرقرة: الأولى، اذا كانت القرقرة عارضاً يتيماً فلا خوف منها. الثانية، اذا ترافقت القرقرة مع عوارض أخرى مثل ألم البطن والاسهال والإمساك، أو غيرها من العوارض الهضمية فهنا لا بد من النظر جدياً اليها والعمل على كشف الأسباب التي تقف خلفها. الثالثة، اذا كانت القرقرة مزعجة فإن شرب مغلي البابونج والنعناع مفيد في الحد من شدتها. الحازوقة. وهي عبارة عن حركات لا ارادية مفاجئة ناتجة عن تقلص في الحجاب الحاجز الجدار الفاصل بين الصدر والبطن يؤدي الى المرور القسري للهواء عبر الأوتار الصوتية، محدثاً اهتزازاً عنيفاً، هو الذي يفصح عن الصوت المميز للحازوقة. وهناك عصب يمر عبر الحجاب الحاجز هو الذي يتحكم بحركاته، وتخريشه، لسبب ما، يطلق العنان لحدوث الحازوقة. والحازوقة قد تمر على صاحبها مرور الكرام، أو قد تستمر دقائق قليلة، أو في بعض الأحيان قد تدوم لساعات أو حتى لأيام، وفي حالات استثنائية نادرة قد تلازم صاحبها مدى الحياة. وتضرب الحازوقة كل الناس، صغاراً وكباراً. فالأطفال الرضّع غالباً ما يصابون بها نتيجة امتلاء معداتهم السريع، في حين أن آخرين قد تصيبهم الحازوقة اثر تناولهم وجبات دسمة، أو بعد التعرض لصدمات عاطفية، أو نتيجة تناول الكحوليات والمواد الحريفة، أو المشروبات الغازية أو بعض الأدوية، أو بكل بساطة بعد الالتهام السريع للطعام. واذا كانت الحازوقة عبارة عن ظاهرة سليمة خالية من أي خطر في غالب الأحيان فإنها ليست كذلك لدى القلة المتبقة، اذ يمكن للحازوقة أن تنجم عن طيف واسع من العلل التي تتموضع مباشرة في أعلى الحجاب الحاجز وأسفله مثل الالتهابات، وتمدد المعدة، وارتفاع آزوت الدم، واضطرابات الجملة العصبية، وبعض الأمراض الكلوية، وغيرها. والتهاب المريء الناتج عن ارتداد حوامض المعدة يعتبر واحداً من أهم المسببات للحازوقة، وفي هذه الحال يعاني المريض من عوارض أخرى مثل الألم والحرقة خلف عظمة القص. ومن الناحية العملية يمكن القول عن الحازوقة الآتي: 1 - ان القسم الأكبر من حالات الحازوقة لا يدوم طويلاً، اذ انها تتوقف بعض مضي ثوانٍ أو دقائق قليلة. والحازوقة القصيرة غير مضرة وغالباً ما لا تشير الى وجود مرض ما. 2 - اذا استمرت الحازوقة لمدة تزيد على 15 دقيقة فهنا لا بد من عمل شيء ما لإيقافها لأنها قد تتحول الى كابوس مزعج لصاحبها ولمن حوله. في البداية يمكن اللجوء الى استعمال بعض الوسائط الشعبية التي قد تفيد في اعطاء الحل المنشود، مثل ابتلاع لقمة كبيرة من الخبز، أو شرب كأس كبيرة من الماء المثلج دفعة واحدة، أو محادثة المصاب بجدية وبشكل يلفت نظره ويشد اهتمامه، أو الإسرار للمريض بخبر مزعج، أو حبس النفس، أو شم عطر نافذ الرائحة، أو ابتلاع ملعقة من السكر، أو الغرغرة بماء ساخن. 3 - اذا استطاعت الوصفات الآنفة الذكر ايقاف الحازوقة كان خيراً، أما اذا استمرت في عنادها فعندها لا مناص من طلب المعونة الطبية التي تراوح بين استعمال الأدوية المهدئة، ومضادات التشنج والمخدرات الموضعية وغيرها، انتهاء بمبضع الجراح اذا لزم الأمر. الحرقة المعدية. من منا لم يعان يوماً، ولو لمرة وحدة، من هذا العارض المزعج الذي يميل الى الحدوث أكثر فأكثر مع التقدم في السن. ان الحرقة المعدية تحصل عادة نتيجة ارتداد مفرزات المعدة الحامضية الى قلب المريء، واذا علمنا أن حامض كلور الماء يدخل في صلب تلك المفرزات، انه مخرش للغاية ويستعمل عادة في تنظيف المعادن، أدركنا مدى الأذى الذي يمكن أن يلحقه هذا الحامض بالغشاء المخاطي المبطن للمريء، فهذا الأخير لا يستطيع حماية نفسه منه الحامض فيحدث فيه تخريشاً شديداً هو الذي يجعل المصاب يعاني من الحرقة المزعجة التي تتموضع في القسم العلوي الأمامي من الصدر خلف عظمة القص، وأحياناً قد ينتشر الشعور بالحرقة الى الحلق. وهناك نقاط تمكن الاشارة اليها في ما يتعلق بالحرقة المعدية هي: 1 - ان بعض الاجراءات قد يفيد في التخلص من الحرقة المعدية أو على الأقل التخفيف من وطأتها ومنها: - التقليل من كمية الطعام المتناولة لتمكين المعدة من العمل بهدوء. - النوم والاستلقاء بوضعية نصف الاضطجاع. - الحد من استهلاك المشروبات المنبهة. - تجنب البهارات والمآكل الحريفة. - تفادي أكل الشوكولاتة. - تناول وجبة العشاء باكراً. - الابتعاد عن التدخين السلبي والايجابي. - تفادي كل ما من شأنه رفع الضغط داخل البطن. - تحاشي المقالي والمآكل الدسمة. - العزوف عن المشروبات الغازية. - تناول الطعام بهدوء وبطء ومضغه جيداً. - استعمال مضادات الحموضة اذا لزم الأمر. 2 - ان حرقة المعدة غالباً ما تنتج عن أخطاء غذائية يرتكبها شاكوها بأنفسهم مثل مضغ الطعام بلمح البصر، أو الإكثار من المآكل الدهنية والمضرة. 3 - هناك بعض الأدوية المثيرة للحرقة المعدية وكثيرون، ان لم يكن الجميع، لا يخطر على بالهم أنها سبب معاناتهم، لذا تجب استشارة الطبيب للوقوف على الموضوع. 4 - ان حدوث الحرقة من حين الى آخر لا غبار عليه، ولكن اذا كان وقوعها بوتيرة كبيرة فالأجدى أخذها على محمل الجد. 5 - إياكم ونصائح بعض الأصدقاء فقد تزيد أحياناً الطين بلة، فمثلاً قد ينصح البعض بشرب الحليب، والواقع أن هذا الأخير"مثل قلته"كما يقول المثل، لأنه يتألف من كوكتيل من المركبات التي تحرض على طرح المزيد من المفرزات الحامضية، وهذه بالطبع ستزيد من تأزيم الحرقة المعدية.