هل الرئيس بوتفليقة هو الذي يقرر فعلاً التغييرات الطارئة على قمة هرم المؤسسة العسكرية بصفته "القائد الأعلى للقوات المسلحة"؟ هذا السؤال ما زال يخامر الرأي العام الجزائري، لأن الحركتين اللتين تم الاعلان عنهما في 24 شباط فبراير وأخيراً في 27 آب اغسطس الماضي في وزارة الدفاع، لم تشفيا غليل "المتعطشين الى تغيير حقيقي" في هذه المؤسسة الحيوية بعدما تمكنت الصحافة المحلية من زرع "وسواس هل من مزيد" في أذهان قرائها. ويجد هذا "الوسواس" ما يغذيه في الطابع الاداري المحض للحركة الأخيرة، وفي تأخر الاعلان عن التغيير من جهة، ورواج اسماء المرشحين للترقية والعزل عملياً قبل تسلم الرئيس بوتفليقة مقاليد الأمور من جهة ثانية. وتصدق الحالة الأخيرة بصفة خاصة على تغييرات الشتاء الماضي التي كانت مقررة عملياً منذ عهد الرئيس اليمين زروال. ثم ان التقليد السائد ان التعيينات - والعزل - تأتي مقرونة بعيدي الثورة فاتح تشرين الأول والاستقلال 5 تموز. ومعنى ذلك ان الحركة الأخيرة جاءت متأخرة عن موعدها حوالي شهرين، في حين تأخرت حركة الشتاء بأربعة أشهر تقريباً. وتكتسي الحركة الأخيرة التي جاءت مباشرة، عقب التحوير الحكومي الأخير الذي طاول رئاسة الحكومة والخارجية والاتصال والثقافة، طابعاً ادارياً محضاً بدءاً بالأمانة العامة "لادارة" وزارة الدفاع الذي عين على رأسها العميد أحمد صنهاجي خلفاً للواء محمد غنيم. وكان صنهاجي ملحقاً عسكرياً بباريس، بعد أن مثل "المؤسسة" في "لجنة الحوار الوطني"، قبل سبع سنوات. وشملت الحركة سبع مديريات مركزية من "المستخدمين" الى الاعلام الآلي، كان على رأسها عقداء غير معروفين، باستثناء العقيد بالقاسم بوخاري مدير القضاء العسكري الذي برز اسمه عندما كان نائباً عاماً عسكرياً في محكمة البليدة التي نظرت خلال عهده في قضية قادة الجبهة الاسلامية للانقاذ 1991 - 1992، وقضية اللواء مصطفى بن الوصيف وكيل وزارة الدفاع سابقاً الذي اتهم بالفساد وتبديد أموال عمومية. هذه الحركة "الادارية" في "ادارة" وزارة الدفاع، مثل سابقتها التي تم "طبخها" قبل تولي الرئيس بوتفليقة مقاليد الأمور كما سبقت الاشارة، لا تكفي اذن لازالة "وسواس هل من مزيد" من أذهان الناس. وعلى رغم ادخال هذه الحركة في سياق التغييرات التي مست وزارتي العدل والتربية والادارة المحلية فضلاً عن الحكومة الا أن الرأي العام ما يزال متعطشاً الى "التغيير الأكبر" على رأس المؤسسة العسكرية. وهذا الانتظار المقصود به ضباط كبار أمثال الفريق محمد العماري والألوية محمد مدين توفيق واسماعيل العماري ومحمد التواتي، يضع علامة استفهام على سلطات "القائد الأعلى للقوات المسلحة" ويشكل نوعاً من الحرج الدائم للرئيس بوتفليقة الذي لا يمكن أن يتجاهله، لكنه في الوقت نفسه لا يمكنه التجاوب معه في المدى القصير على الأقل.