يطلق الانكليز عبارة "كأس الفوز"، او "الجائزة" على المرأة الثانية، الشابة الحسناء التي يتزوجها رجل مسن وكأنها مكافأة عن نجاحه في دنيا المال والاعمال او السياسة. وثمة أمثلة يعرفها القارئ مثل زواج جاكلين كنيدي من أرسطوطاليس أوناسيس، وهو في ضعفي عمرها وبشع جداً، او زواج رئيس وزراء اليونان اندرياس باباندريو من المضيفة ديمترا لياني التي كانت تصغره بثلاثين سنة. هناك مثل من هذا النوع كل يوم، لذلك فقد فوجئت ان أقرأ اخيراً مقالاً بعنوان "الرجال يفضّلون الذكيات"، مع اننا جميعاً نعرف ان "الرجال يفضّلون الشقراوات"، منذ الفيلم المشهور الذي حمل هذا الاسم، وحتى يومنا هذا. وكدت أصدّق لأن المقال في جريدة انكليزية راقية، غير انني لم أجد فيه ما يدعم العنوان سوى ان المليونير توني اورايلي تزوج مليونيرة يونانية من أنجح سيدات الاعمال هي كريس غولاندريس، وكلاهما من عمر متقارب… ومتقدم. غير ان المثل الآخر في المقال أضعف حجته، وكان عن البليونير الاسترالي روبرت ميردوخ وزوجته الثانية وندي دينغ، فقد كانت نائب رئيس في شركته "سكاي" وتتكلم لغات عدة. وهذا صحيح، الا ان وندي حسناء وشابة، ولا يوجد ما يثبت انها اصطادت ميردوخ بذكائها لا جمالها، مع ترجيحي الاثنين معاً. وربما زدت ان اليونانية كريس حسناء مع انها في الخمسينات من العمر. الزوجة "الجائزة" لا تزال موجودة، وان تغيّر شيء فهو ان بعض الحسان ذكيات الى درجة ان "يستعبطن" للحصول على ما يردن من رجال يفترضون ان البنت غبية لمجرد انها شقراء او حسناء. ولعل افضل مثل على هؤلاء عارضة الازياء "السوبر" سيندي كروفورد، فهي قبلت في هارفارد، الا انها لم تجد المال الكافي للدراسة فيها، وكان ان تخرّجت من جامعة شيكاغو، وأسست شركة تبيع منتجات تحمل اسمها، وتدرّ عشرة ملايين دولار في السنة. اما لورا بيلي فتركت جامعة اكسفورد لتمتهن عرض الازياء، وفي حين يقول ابوها البروفسور بيتر بيركس ان تركها الجامعة "أسوأ يوم في حياته"، فإن الواقع انها تجني من عرض الازياء أضعاف أضعاف ما كانت ستحصل عليه في اي عمل آخر تؤهلها له اكسفورد. ليس عدلاً ان تكون المرأة الحسناء ذكية جداً لأن هذا لا يترك لنا فرصة امامها. ويكفي الشابة الحسناء ان تكون في ثوب ضيّق الى درجة ان يقطع نفس من يشاهدها… وقدرته على التفكير، لتستطيع بعد ذلك ان تلفّه على اصبعها، كما يقولون. وبما ان اكثر اصحاب الملايين والبلايين ليسوا عباقرة بالضرورة، وانما جمعوا مالهم بمزيج من الحظ والمهارة العملية، فإن الحسناء الذكية لن تجد صعوبة في اصطياد واحد من هؤلاء، ثم معاملته حسب الاغنية "ده جوزي وانا حرّة فيه، أطبخه، أشويه، واعمله "بيغوديه"". وهنا مكمن الخطأ في مقال افترض ان كل بليونير عبقري زمانه، ويريد عبقرية مثله. الواقع ان العبقري يعرف كل شيء سوى ان يعيل نفسه، وهو عادة لا يعرف ان يركب "بسكليت" واذا عرف فهو لا يعرف ان "يركنه" في الشارع، لذلك كان ضرورياً في كل اسرة تضم طفلاً عبقرياً ان يكون عنده اخوان يعيلانه عندما يكبر. وأترك العبقري يحل مشاكل العالم كله، باستثناء ربط "كرافات" حول عنقه، واعود الى الزوجة "الجائزة" فأقول بثقة انني لا اعرف انساناً واحداً يمكن ان توصف زوجته بأنها "جائزة" او حتى "جائزة ترضية"، فأكثرهن من نوع العقاب، والزوج يستحق ما يصيبه. اليوم تطلب الشابة زوجاً في ذكاء اينشتاين وجمال ليوناردو دي كابريو، وخفّة دم عادل امام، وتجد انها تزوجت رجلاً في خفّة دم اينشتاين، وجمال عادل امام، وذكاء دي كابريو. وهي اذا فعلت فيجب ألا تلوم احداً سوى نفسها. انا والقارئ لا نلوم احداً، فقد خيّرنا واخترنا، مع انني لا ازال أذكر زميلة دراسة ايام الجامعة كانت تصرّ على الحديث عن الحرب العالمية الحادية عشرة، لانها لم تسمع ان هناك ارقاماً رومانية. وهي الآن زوجة سعيدة بعد ان اتفقت مع زوجها على ان ينام في غرفة وحده لأنه اقنعها بأن ليس من اللائق ان ينام في سريرها لأنها امرأة متزوجة. مشكلة هذه الزميلة انها لم تكن ذكية او حسناء، لذلك افضّل في حياة اخرى وعمر آخر عارضة الازياء السمراء نعومي كامبل، فهي لا تترك سريرها مقابل اقل من 15 ألف دولار اجراً عن عملها يوماً واحداً. الا انها في دنيا المال ورجال الاعمال من مستوى لا يترك الواحد منا مصاباً بعقدة نفسية، فهي جرّبت اشياء كثيرة خارج عرض الازياء، وكان الألبوم الاول لها "المرأة الطفلة" الألبوم الاخير، وفشلت في التمثيل امام سبايك لي في "الفتاة السادسة"، وانتجت عطراً باسمها باع اقل من الألبوم، وكان هذا ايضاً مصير رواية كتبتها، او كُتبت باسمها. هذا الفشل من حجم عربي، ما يجعلنا احق بها، وجمال نعومي كامبل يشفع لها، كما لا تشفع البشاعة للعباقرة الذين ذهبوا الى اكسفورد وكامبردج. والجميلة من نوع نعومي كامبل ستظل تجد من يطلبها، فهي جائزة حقيقية، بل كأس العالم. والبليونير العجوز يتزوج مثل هذه الجائزة ليُفاخر بها، وليضمها الى الكؤوس الاخرى التي فاز بها طيلة حياته ووضعها في خزانة "انتيكا" في مكتبه. ولا مشكلة اذا كان تقدم في السن ولم يعد قادراً على الانجاب، فلا بد ان عندهما جاراً شاباً. غير ان الذي يتزوج عشيقته يخلق فراغاً في وظيفتها، كما قال البليونير البريطاني الفرنسي السير جيمس غولدسميث يوماً، وهو رجل يعرف الموضوع لأن زوجاته السابقات وعشيقاته سرن في جنازته. والمشكلة الاكيدة مع العشيقة التي اصبحت زوجة انها لا تصدّق زوجها، فهي تعلم انها ستكذب لو كانت مكانه