كنت أجمع مادة عن الجنس والحب، من وحي مقال سابق لي، وتعليق قارئ عليه، وردي على رسالة القارئ، عندما وجدت من دون طلب عدداً هائلاً من الأخبار والتحقيقات والدراسات عن محاولات علمية لوقف الهرم، وأثر فارق السن في العلاقة بين الرجال والنساء. والموضوع ليس "اكسير الحياة" أو "ينبوع الشباب"، بل أبحاث مختبرية يبدو انها بدأت تحرز تقدماً، وجريدة "وول ستريت جورنال" فاجأتني بموضوع في صفحتها الأولى ليس له علاقة بالمال فقد كان عن استنساخ الخلايا، ومحاولة علماء الاحياء تحويل خلايا معينة توقف الأمراض الى خلايا انسولين لمكافحة السكري. وقرأت ان العالم غوردون ليتفو من جامعة مانشستر نجح في عزل خلايا واختبر اكتشافه في الدود فأطال عمره، وانتقل الآن الى الفئران، قبل أن يصل الى البشر. أما معهد بكس لأبحاث العمر في سان فرانسيسكو فينافس، أو ينافسوا، مختبر سنثيا كولنز في المدينة نفسها، والعلماء في المركزين يدعون تقدماً في فهم خلايا تبطئ تقدم العمر. بصراحة، قرأت بجهد واجتهاد ولم أفهم كثيراً من المادة العلمية، فمعرفتي بعلم الاحياء تقتصر على مادة وحيدة في الجامعة عندما كنت والصديق زاهي المصري نشرّح ضفادع. لذلك أتجاوز المعلومات الطبية المعقدة، لأقدم الى القارئ شرحاً بسيطاً، قرأته وفهمته ما يعني ان أي انسان آخر يستطيع فهمه. يصل جسم الانسان الى ذروته في حوالى الخامسة والعشرين عندما تكون العضلات وحركة الجسم والدماغ والقدرة الجنسية في أعلى درجة. بين الثلاثين والأربعين يبدأ الجسم بخسارة واحد في المئة من عضلاته كل سنة، وتقع الذاكرة تحت ضغط. وتتراجع كثافة العظم والقوة الجسدية بين الأربعين والخمسين. ويستمر هذا التراجع بين الخمسين والستين، ويتقلص حجم البنكرياس والطحال والدماغ، وتظهر بقع العمر على اليدين، وربما تغوص العينان. ويفقد الرجال السمع تدريجاً، ولكن بسرعة تزيد مرتين على النساء. بين الستين والسبعين يبدأ الوزن كله في التراجع وتشتد خسارة كثافة العظم، ويتوقف انتاج خلايا "سي" التي توفر المناعة للجسم. وإذا أصيب انسان بجلطة في الدماغ، فالأرجح أن تقتله خلال ستة أشهر. بين الثمانين والتسعين يزداد تراجع قدرة الانسان على امتصاص الأوكسجين، ويكون الدماغ قد تقلص حوالى 20 في المئة عن أوجه، ويصاب المسن بالخرف، بدرجات تختلف من واحد الى آخر. أتوقف هنا لأقول ان واحداً من التحقيقات نشر مجموعة صور للعارضة الحسناء جداً جيزيل بوندتشن، أظهر كيف ستبدو وهي تتقدم في السن عقداً بعد عقد، بدءاً بالعشرينات التي دخلتها لتوها. جيزيل بوندتشن أبكت رجالاً كثيرين عندما فاز بها ليوناردو دي كابريو، بطل فيلم "تايتانيك"، وكلاهما قريب عمراً من الآخر. غير ان أبحاث ابطاء الهرَمَ، لا وقفه، قد تسهل تضييق الفجوة بين رجال متقدمين في السن يتزوجون شابات في عمر بناتهم أو أصغر. هل من القرّاء من يذكر القضايا التي لا تزال عالقة في المحاكم بعد أن تزوج المليونير هوارد مارشال وعمره 93 سنة آن نيكول سميث التي عرضت مفاتنها في "بلاي بوي" وعليه طبعاً، وكان عمرها 26 سنة؟ هي تقول انها أحبته، إلا أن اسرته تصر على انها أحبت فلوسه. أخطر صحافي في العالم روبرت ميردوخ، وهو في السبعينات، تزوج ويندي ونغ، وهي في أوائل الثلاثينات. وفي حين أن ويندي كانت ناجحة كنائبة مدير شركة كبرى وتتقن لغات عدة، فإن من الواضح ان جمالها وشبابها كانا جاذباً أكبر. أما المغنية ماريا كاري فتزوجت رئيس شركة سوني تومي موتولا سنة 1993. وطلقته سنة 1998، والأرجح أنها لم تكتشف متأخرة انه أكبر منها بعشرين سنة، وإنما اكتشفت ان ثروتها أصبحت تزيد على 200 مليون دولار، ولا تحتاج الى الزواج من ثري، لأنها ثرية. ولا بد أن عارضة الأزياء بادما لاكشمي، وعمرها 29 عاماً، وجدت نفسها منجذبة الى الكاتب سلمان رشدي بسبب شهرته وثروته، لا جماله، خصوصاً أن عمره 53 سنة. ثم هناك الممثل انطوني كوين الذي توفي هذه السنة. وكان رزق بولد سنة 1996، وعمره 81 سنة. ومن يدري فلعل له جاراً في العشرين. النساء اللواتي يتزوجن رجالاً أصغر منهن سناً قليلات، والحالات المعروفة من نوع الشذوذ الذي يثبت القاعدة. وكنت رأيت الممثلة جون كولنز في مطعم في لندن قبل أيام، ووجدت أن رقبتها والغضون حول عينيها تفضح سنواتها الثماني والستين، على رغم كل المساحيق. وأعرف انها كانت عاشرت خبير تحف فنية عمره 43 سنة، ووجدته كبيراً عليها، فتركته لتقيم مع بيرسي غيبسون، وعمره 35 سنة. وقرأت دراسة للبروفسور مايكل كنغ، من جامعة لندنية، تؤكد ان العلاقة بين شاب وامرأة مسنة تصيب الشاب بعقد نفسية تلازمه طوال حياته. النساء لا تؤذيهن العلاقة برجال مسنين، وهن لا ينتظرن أن تطور المختبرات الطبية خلايا لوقف الهرم، وإنما يفضلن شيئاً مضموناً مثل عمليات التجميل. وقرأت ان أول عملية شد وجه عمرها مئة عام كاملة، ففي سنة 1901، في برلين، أجرى الطبيب يوجين هولاند عملية شد وجه لبارونة بولندية. والغريب ان البارونة هي التي اقترحت على الطبيب ما يفعل، فقد قررت انها اذا استطاعت أن تشد جلد وجهها الى ما وراء أذنيها فإن الغضون حول فمها ستختفي. وهكذا كان وأطلقت العملية صناعة ببلايين الدولارات في الولاياتالمتحدة، وبمئات الملايين في أكثر البلدان الأوروبية. وهناك الآن عمليات ما يسمى "ساعة الغداء"، فالراغبة تستطيع في ساعة الغداء أن تترك عملها الى عيادة لتحقن شفتيها أو خديها، وغير ذلك، بمواد طبيعية أو اصطناعية تنفخها وتزيل الغضون. ربما جاء وقت قريب لا يعرف الرجل أو المرأة، ان كان ما يرى طبيعياً أو من صنع مختبر في كاليفورنيا أو مانشستر، وكان "سبع" في مسرحية لبنانية قديمة شكا قائلاً: "لا تقربها صوب الميّه. بتحل البويا". وهو لو عاش فيلمون وهبة لربما نصح اليوم بوخزها للتأكد من أنها لن "تنفس"، وتطير حول الغرفة قبل أن تسقط بين يديه من جديد.