عندما وقّعت الحكومة الاندونيسية وممثلو اقليم اتشيه، الذي يطالب بالانفصال، اتفاقية وقف النار في ايار مايو الماضي في جنيف، عبّر الطرفان عن ترحيبهما بما حققاه باعتباره خطوة حاسمة باتجاه احلال السلام في منطقة مضطربة منذ عقدين. غير ان الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ اوائل الشهر الماضي، ولدت محفوفة بالمخاطر ومحاطة بالشكوك لجهة امكانية استمرارها وتأسيس ارضية صالحة لإيجاد حل للنزاع المسلح الذي ادى الى مقتل اكثر من خمسة آلاف شخص خلال السنوات العشر الماضية فقط. وما يؤكد هشاشة الهدنة تمسك حركة اتشيه بفكرة اقامة دولة مستقلة في الاقليم ذي الغالبية المسلمة شمال سومطره، واحتمال عودتها الى الكفاح المسلح، واصرار حكومة جاكرتا على رفض هذا المطلب. وقد اعلن الرئيس عبدالرحمن وحيد ذلك بوضوح عندما قال ان "الحكومة لن ترضخ لمطلب الاستقلال". وتطرح حركة اتشيه الحرة هدف الدولة المستقلة منذ اكثر من عشرين عاماً تقريباً، وتدافع عنه بقوة مستندة الى فكرة مقاومة الفترة المظلمة التي عانى منها الاقليم في عهد سوهارتو وما بعده، والى ثرواتها المعدنية، والانجاز الذي حققته تيمور الشرقية بانفصالها عن اندونيسيا. بعد فترة قصيرة من تسلّمه منصبه في تشرين الاول اكتوبر الماضي قام الرئيس المنتخب عبدالرحمن وحيد بزيارة الاقليم وقال يومها ان "شعب اتشيه عومل بقسوة، وسُرقت ثروته" في اشارة الى القمع والتنكيل اللذين تعرض لهما الاقليم على يد القوات الخاصة في عهد سوهارتو. وعندما التقى الرئيس وحيد قادة الاقليم عرض بشكل مفاجئ فكرة اجراء استفتاء حول تقرير المصير خلال سبعة اشهر، الامر الذي أنعش آمال الاستقلاليين ودفعهم الى التمسك بقوة بالاستفتاء شعاراً اساسياً للحركة. لكن جاكرتا سرعان ما تراجعت عن عرضها واخذت تفكّر بمفهوم "ابقوا جزءاً من اندونيسيا بالسلم وبالقوة". وقبل فترة من توقيع اتفاقية الهدنة اعلن الرئىس وحيد ان اقليم اتشيه يمكنه ان يجري استفتاء على البقاء ضمن اندونيسيا او الانفصال، لكن عليه الانتظار ثلاث سنوات على الاقل للشروع في ذلك. فهل تثق حركة اتشيه الحرة بوعود الحكومة الاندونيسية؟ وهل تبقى الهدنة سارية المفعول حتى ذلك الحين؟ ثم من يضمن ان الرئيس وحيد سيكون قادراً على تنفيذ ذلك "الالتزام"؟.