أتاح وزير الداخلية الجزائري يزيد الزرهوني للمنظمات الدولية غير الحكومية فرصة أن تشهد عياناً محاولة منع "حركة الوفاء والعدل" التي يتزعمها وزير الخارجية السابق الدكتور أحمد طالب الابراهيمي من حقها الدستوري في ممارسة النشاط السياسي. إذ أعلن في 10 أيار مايو الماضي أثناء وجود وفد من منظمة العفو الدولية في الجزائر تلبية لدعوة من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة انه لن يوقع على إعادة تأسيس "حزب محظور". وقامت الشرطة بحضور وفد منظمة "هيومان رايتس واتش" الذي زار في الجزائر في 21 أيار بهجوم ليلي مباغت لانتزاع لافتة الحركة من على واجهة مقرها الرئيسي في حي الابيار وفي عدد من المدن الداخلية. وزار الجزائر أخيراً وفد من الاتحاد الدولي لحقوق الانسان، بينما كان وفد منظمة "هيومان رايتس واتش" يتحادث مع الدكتور الابراهيمي حول "استفزازات" وزارة الداخلية، بعد الاستماع الى رأي وزير العدل أحمد أويحيى في هذا الشأن. ولسوء حظ وزير الداخلية أو ربما سوء تقديره، فان تصريحه المقتضب الذي لا يستند الى أي مبرر قانوني، صدر عشية انعقاد مؤتمر "جبهة القوى الاشتراكية"، مما أتاح لزعيمها السيد حسين آيت أحمد أن يندد بمثل هذه "الاستفزازات"، ويحول المؤتمر نفسه الى نقطة انطلاق "للمعارضة الجديدة" المكونة منها "القوى الاشتراكية" وكل من "الوفاء" و"الاصلاح" بزعامة الشيخ عبدالله جاب الله، و"حزب العمل" الذي تتزعمه السيدة الويزة حنون. ويذكر ان "حركة الوفاء والعدل" شرعت في ممارسة نشاطها العادي في 26 شباط فبراير الماضي، طبقاً لقانون الأحزاب الذي ينص على ان الحزب يكون معتمداً إذا استوفى الشروط القانونية والتنظيمية، وان لم يحصل على ترخيص من وزارة الداخلية بعد شهرين من ايداع ملف الاعتماد. وهذه هي تماماً حال حركة الابراهيمي ورفاقه. وقد وقفت الطبقة السياسية من تصريح وزير الداخلية مواقف متباينة بين مهلل وصامت راض ورافض مندد. وضمن الأحزاب المهللة، نجد "التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية" و"التحالف الوطني الجمهوري"، وكلاهما عضو في الائتلاف الحاكم الذي يضم سبعة أحزاب. ومن الأحزاب الراضية بصمتها "التجمع الوطني الديموقراطي" حزب الغالبية الحالية، ومعه من أحزاب الائتلاف الأخرى "جبهة التحرير الوطني" و"النهضة" و"التجديد". وانفردت "حركة مجتمع السلم" برفض تصريح وزير الداخلية، على رغم مشاركتها في الائتلاف الحاكم، مما جعلها تقف موضوعياً في صف "الاصلاح" و"العمال" و"القوى الاشتراكية". ويفسر المراقبون عدم اصدار وزارة الداخلية رفضاً مبرراً في شأن الآجال القانونية خلال شهرين بعد إيداع ملف الاعتماد، بعدم وجود أي مبرر قانوني أصلاً. والواقع ان تصريح أيار يتضمن مبرراً سياسياً واضحاً يفيد "بأن الشروط التي ساعدت على بروز "الجبهة الاسلامية للانقاذ" مطلع التسعينات لا تزال قائمة، وانها قد تساعد حركة الابراهيمي هذه المرة".