يلتئم شمل كرة القدم الأوروبية على مدى 23 يوماً في بلجيكاوهولندا للمنافسة على احراز كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم الحادية عشرة التي تعتبر بحق بطولة مصغرة لكأس العالم بحسب قول النجم الأسطورة البرازيلي بيليه ذلك لأنها تضم نخبة منتخبات القارة العجوز التي تشكل بيضة القبان في المونديال. وتعتبر بطولة أوروبا ثالث حدث رياضي عالمي بعد الألعاب الأولمبية والمونديال وهي ستقام للمرة الأولى في دولتين منذ انطلاقها العام 1960. ويبدو ان ظاهرة التنظيم المشترك فكرة رائجة خصوصاً في الفترة الأخيرة فقد نظمت كل من نيجيريا وغانا كأس الأمم الافريقية في كانون الثاني يناير وشباط فبراير الماضيين، وستحتضن اليابان وكوريا الجنوبية نهائيات مونديال العام 2002. ويشارك في النهائيات 16 منتخباً خاضت تصفيات ماراتونية استمرت زهاء سنتين ووزعت على أربع مجموعات كالتالي: المجموعة الأولى: المانيا وانكلترا ورومانيا والبرتغال المجموعة الثانية: بلجيكا والسويد وايطاليا وتركيا المجموعة الثالثة: اسبانيا ويوغوسلافيا والنروج وسلوفينيا المجموعة الرابعة: هولنداوفرنسا والدنمارك وتشيكيا ويعتبر منتخب كرواتيا ثالث مونديال فرنسا قبل عامين أبرز الغائبين عن العرس الأوروبي الذي يقام مرة كل أربع سنوات على غرار المونديال، بالاضافة الى اوكرانيا التي تضم في صفوفها أحد أفضل اللاعبين في العالم وهو اندريه شفتشنكو. وستقام في النهائيات 31 مباراة على 8 ملاعب، منها أربعة في هولندا وهي ملعب ارينا في امستردام، وجيلريدوم في ارنهم، وفيليبس في ايندهوفن، ودي كويب في روتردام الذي سيكون مسرحاً للمباراة النهائية، وأربعة في بلجيكا وهي ستاد كومونال في شارلروا، ويان بريدل في بروج، وسليسان في لياج، والملك بودوان في بروكسيل الذي يحتضن المباراة الافتتاحية بين الدولة المضيفة والسويد. ويبدو المنتخب الهولندي مرشحاً فوق العادة لاحراز الكأس للمرة الثانية في تاريخه بعد عام 1988 عندما قاده الثلاثي الشهير ماركو فان باستن وفرانك رايكارد ورود خوليت الى اللقب على حساب الاتحاد السوفياتي في المباراة النهائية. ويملك المنتخب الذي يطلق عليه لقب "البرتقالي" نخبة من أفضل اللاعبين في العالم أبرزهم باتريك كلويفرت ودينيس برغكامب وادغار دافيدز وكلارنس سيدورف وهؤلاء يستطيعون تغيير مجرى المباراة في أي وقت. وعلى غرار المنتخبات الهولندية السابقة فإن المنتخب الحالي يعتمد أسلوب الكرة الشاملة أي ان الجميع يهاجمون والجميع يدافعون وهو الأسلوب الذي ميزه في السبعينات عندما بلغ نهائي كأس العالم مرتين عامي 1974 و1978 وخسر أمام الدولتين المضيفتين المانيا 1-2 والارجنتين 1-3 بعد التمديد في كلا المباراتين. وسيحاول المنتخب الفرنسي، الذي كان حامل اللقب عندما استضاف البطولة عام 1984 بقيادة نجمه الفذ ميشال بلاتيني، ان يجمع بين كأس العالم وبطولة أوروبا علماً بأن مهمته لن تكون سهلة لأن القرعة أوقعته في مجموعة الموت وهي تضم منتخبات هولندا بطلة العام 1988 والدنمارك بطلة العام 1992 وتشيكيا وضيفة البطولة الأخيرة. ويملك المنتخب الفرنسي خبرة في جميع خطوطه بدءاً من حارس المرمى فابيان بارتيز المنتقل حديثاً الى مانشستر يونايتد الانكليزي، مروراً بخط الدفاع الذي يقوده لوران بلان ومارسيل دي سايي، الى خط الوسط بقيادة المايسترو زين الدين زيدان وكتلة النشاط ديدييه ديشان، وصولا الى الهجوم بقيادة الثنائي تييري هنري ونيكولا انيلكا. ويعتبر كثير من النقاد انه حان الوقت لمنتخب اسبانيا الذي أحرز لقبه الدولي الوحيد العام 1964 في هذه البطولة بالذات ان يقول كلمته ويرفع الكأس على ايقاع الفلامنكو. لقر ما كانت سمعة المنتخب الاسباني تسبقه في كل بطولة دولية ويرشحه كثيرون للمنافسة على اللقب، لكنه كان دائماً يخيب الآمال المعقودة عليه، وخير دليل على ذلك خروجه خالي الوفاض من الدور الأول لمونديال فرنسا قبل سنتين بخسارته أمام نيجيريا 2-3، وتعادله سلباً مع الباراغواي، وفوزه غير الكافي على بلغاريا 6-1. وستكون مهمة المانيا صعبة في الدفاع عن لقبها، ذلك لأن منتخبها لم يقدم عروضاً جيدة في السنوات الأخيرة لا بل تعرض لهزائم منكرة أبرزها أمام الولاياتالمتحدة صفر-3 ودياً، وصفر-2 في كأس القارات العام الماضي. ومشكلة الكرة الألمانية انها لم تنجب أي لاعب جيد في السنوات الخمس الأخيرة، وهي ستعتمد على خبرة بعض لاعبيها أمثال لوثار ماتيوس 39 عاماً حامل الرقم القياسي في عدد المباريات الدولية 146، وتوماس هاسلر الذي استدعاه المدرب اريك ريبيك في اللحظة الأخيرة الى تشكيلته الرسمية وذلك للمرة الأولى منذ نهائيات مونديال فرنسا. ولا يمكن استبعاد منتخب انكلترا الذي يضم قوة ضاربة في خط الهجوم مؤلفة من ألن شيرر هداف البطولة السابقة برصيد 5 أهداف ونجم ليفربول المتألق مايكل أوين، اضافة الى ديفيد بيكهام وبول اينس. والأمر نفسه ينطبق على منتخب ايطاليا العريق الذي يريد تعويض خيبة الأمل التي تعرض لها في البطولة الأخيرة عند خروجه من الدور الأول. أما أبرز المنتخبات التي قد تلعب دور الحصان الأسود فهي النروج والبرتغال ويوغوسلافيا. على صعيد آخر أعلنت بلجيكاوهولندا حالة التعبئة العامة لضمان الأمن في الملاعب وحولها خلال فترة اقامة البطولة. وقد اعطيت الأوامر لرجال حفظ النظام بالتدخل السريع في أي مكان لضبط مجموعات المشاغبين في الملاعب ومنع تطور أي حركة خطرة يقومون بها حتى في وسط المدن حيث يستطيع مرتكبو أعمال الشغب زرع الخوف في النفوس بشكل أكبر وأسهل مما لو كانوا بجوار الملاعب أو داخلها حيث تكون المراقبة على أشدها. ومن هذا المنظور، طورت بلجيكاوهولندا الحد الأقصى من وسائل ضمان الأمن، وسيكون رجال الشرطة والدرك على أهبة الاستعداد وكأنهم في حالة حرب خلال ثلاثة أسابيع. وسينتشر 6500 من رجال حفظ النظام في بلجيكا و4000 في هولندا، ويمكن دعم هؤلاء بأعداد كبيرة في الحالات الطارئة لتصل الى 20 ألفاً في هولندا وحدها، وستكلف مهمة حفظ الأمن بلجيكا نحو 25 مليون يورو 22.5 مليون دولار وهولندا نحو 13.6 مليون يورو 12.25 مليون دولار. وأعطى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تعليمات مشددة للحكام ال13 الذين سيديرون المباريات ال31 وبينهم المصري جمال الغندور وهذه التعليمات ستؤدي إلى ارتفاع نسبة البطاقات الصفراء والحمراء، لكنها في المقابل ستساهم في الحد من الخشونة وتحمي اللاعبين المبدعين ذوي الفنيات العالية وتسمح للجمهور بالاستمتاع بالعروض من دون أن تتوقف المباريات مراراً وتكراراً. وطلب من الحكام الا يتسامحوا مع مرتكبي الخشونة كالعرقلة من الخلف أو الاعتداءات المتعمدة التي ستكون عقوبتها الطرد، اضافة الى العقوبة التي ستفرضها لجنة الانضباط التابعة للاتحاد الأوروبي والتي لن تكون أقل قسوة