يجري الحديث في الجزائر بين الفينة والأخرى عن عفو شامل من نوع آخر يسمونه "العفو الجبائي". والمقصود به مسح ديون الخزينة العمومية المترتبة على عدد من المتعاملين الاقتصاديين الذين دأبوا على استغلال نفوذهم وعلاقاتهم الخاصة، اما لتأجيل دفع المبالغ المستحقة عليهم، أو لدفع مبالغ متواضعة لا صلة لها بحجم نشاطهم الفعلي وما يدر عليهم من أرباح. وتقدر المبالغ الضائعة أو المجمدة بسبب التهرب من دفع الضرائب بملايين الدنانير، علماً أن الموازنة العامة ما تزال تعتمد على الجباية النفطية التي تشكل حوالي 50 في المئة من الايرادات. ويكفي للدلالة على أهمية المبالغ المهربة بهذه الطريقة أن أحد أرباب الأعمال قايض ديناً ضرائبياً بقيمة 70 مليون دينار مليون دولار بدور سياسي لفائدة النظام. وأن مراجعة ضرائبية لحسابات مقاول مشهور كشفت عن تهرب بمبلغ 250 مليون دينار ثلاثة ملايين دولار! وتعود ظاهرة التهرب من دفع الضرائب الى الوقائع الآتية: - الفساد المستشري في الجهاز الاداري عموماً، ومن الطبيعي ألا تكون ادارة الضرائب على وجه الخصوص بمنأى عن هذا الفساد. - مساهمة الدولة في صنع عدد مهم من أرباب الأعمال بمنح قروض من المال العام لضباط أو موظفين سابقين. ومن النوادر المتداولة في هذا السياق ان وزير مال سابق اجتمع ببعض هؤلاء ليطلب منهم تسديد هذه القروض بالتقسيط. فكان جوابهم الرفض بحجة أن القروض هي هبات لهم مقابل الخدمات التي قدموها للبلاد. - ظهور نوع من "العصيان المدني الجبائي"، لا سيما بعدما أصبح لكثير من أرباب الأعمال أعوان مسلحون لحمايتهم وحماية ممتلكاتهم في الوقت نفسه. ومن أخطر مضاعفات "العصيان الضرائبي"، ان محللين أصبحوا لا يتحرجون من الربط بينه وبين بقايا "العنف المشبوه" المتمثل في اغتيال رعاة الماشية أو رجال الجمارك.