يتزايد في العاصمة الأردنية الحديث عن احتمال اجراء انتخابات نيابية مبكرة، خصوصاً في أوساط مجلس النواب الذي لا يستبعد عدد من اعضائه حله واجراء انتخابات نيابية في نهاية العام الحالي. ويأتي ذلك في اعقاب استمرار الخلاف بين رئيس مجلس النواب عبدالهادي المجالي المدعوم من النواب الذين وقعوا "عريضة نيسان" التي شكوا فيها الحكومة ورئيسها الى الملك عبدالله الثاني، والذي بدوره حسم الخلاف بتجديده ثقته بالحكومة وتأكيده على دور مجلس النواب في التشريع والرقابة. ويقابل ذلك صمت مطبق في الديوان الملكي وأوساط الحكومة حيال أية خطط مستقبلية، إذ تشير ظواهر الأمور الى استمرار مجلس النواب الذي بدأ دورة استثنائية هذا الاسبوع، ولا مؤشرات واضحة على امكانية حل مجلس النواب، فليس سهلاً على العاهل الأردني اتخاذ قرار بحل المجلس في بداية عهده، لا سيما ان المجلس النيابي اكتسب سمعة جيدة بعد استضافته نهاية الشهر الماضي الدورة الثالثة بعد المئة لاجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي. ويبدو ان الأحزاب السياسية التي قاطعت الانتخابات النيابية الأخيرة العام 1997 لن تكون آسفة على حل مجلس النواب واجراء الانتخابات النيابية التي قد تقودها من جديد الى قبة البرلمان، لكن التطور الأهم في هذا الجدل السياسي كان التصريحات التي أدلى بها الأمين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين، الدكتور عبداللطيف عربيات والتي ألمح فيها الى تأييد فكرة اجراء انتخابات نيابية مبكرة، شرط ان تبادر الحكومة الى تغيير قانون الانتخاب الساري والقائم على مبدأ صوت لكل ناخب والذي ترفضه المعارضة والنقابات، ويقول عربيات: "لن نكون حريصين على المجلس النيابي الذي جاء في ظل مقاطعة شعبية وحزبية ونقابية واسعة...". وتتراوح مواقف احزاب المعارضة التي ربطت غالبيتها بين موافقتها على حل مجلس النواب وتعديل قانون الانتخاب، بين التلميح بالموافقة على الحل أو رفض المبدأ، فحزب "حشد" أكد ان المهم هو ماهية القانون الذي ستجري عليه الانتخابات أكانت مبكرة أم في موعدها؟ وكذلك حزب اليسار الديموقراطي وحزب "المستقبل"، لكن الحزب الوحيد الذي أعلن رفضه لمبدأ حل مجلس النواب هو حزب البعث العربي الاشتراكي. ولا يستبعد ان يكون هنالك خلاف بين حزب "جبهة العمل الاسلامي" وجماعة "الاخوان المسملين" على فكرة الانتخابات المبكرة، حيث يؤكد عضو المكتب التنفيذي للجماعة سالم الفلاحات ان المشكلة التي دفعت للمقاطعة لا تزال قائمة. ولم يربط مشاركة جماعته بالانتخابات المقبلة إذا جرى تغيير قانون الانتخاب الحالي، بل طالب بعقد مؤتمر وطني لوضع برنامج زمني للاصلاح. ويعتقد مصدر اسلامي في جماعة "الاخوان" ان قيادتي الجماعة وحزب الجبهة تميلان الى المشاركة في الانتخابات المقبلة كونهما دفعتا ثمناً باهظاً لخروجهما من مجلس النواب العام 1997، في حين فشلت القوى المقاطعة لوضع البدائل لخطوتهما خصوصاً عقد المؤتمر الوطني للاصلاح، لكن قواعد التيار الاسلامي ستميل الى فكرة استمرار المقاطعة في ظل الاجراءات الحكومية المتخذة ضد حركة "حماس" واجراءات الجامعة الأردنية ضد اتحاد طلبة الجامعة الذي كان الاسلاميون يسيطرون عليه، لكن رأي القواعد في النهاية غير ملزم لقيادتي الجماعة والجبهة عند اتخاذ قرار المشاركة أو عدمها في الانتخابات المقبلة. ومهما قيل عن موعد الانتخابات النيابية المقبلة يبدو ان مجلس النواب الحالي وأي مجلس آخر لن يوافق على تعديل قانون الانتخاب الذي حمله الى تمثيل الشعب إلا بما يتوافق مع مصالحه أولاً، لذا من الصعوبة بمكان تعديل القانون الحالي بما يرضي المعارضة ومجلس النواب معاً، لأن وجهتي النظر متباعدتان جداً، لكن من الواضح ان تعديل قانون الانتخاب في المجالس النيابية المتعاقبة رافقه حل مجلس النواب واجراء الانتخابات على أساس قانون موقت وهذا ما جرى في المجلس النيابي السابق وما زال مشروع القانون الموقت في ادراج مجلس النواب منذ ثلاث سنوات، ولم يبق من عمر المجلس الحالي سوى دورة برلمانية عادية واحدة تستمر مدة أربعة أشهر تبدأ في نهاية العام المقبل وتمتد الى آذار مارس من العام 2001 .