تمكن اليمن خلال اربع سنوات من خفض ديونه الخارجية من نحو 9.9 مليار دولار في نهاية العام 1995 الى نحو خمسة مليارات في نهاية العام 1999، وتأمل الحكومة اليمنية ان تنجح في مفاوضاتها المرتقبة مع دول "نادي باريس" للحصول على خصم واعادة جدولة لمبلغ يقدر بنحو 924 مليون دولار. لكن تقريراً رسمياً حذر من ان عدم استكمال عناصر برنامج الاصلاح الاقتصادي، سيحرم اليمن من المصادقة على الشرائح السنوية لخفض اعباء الديون الخارجية، ويؤدي الى توقف الدعم من المنظمات والدول المانحة وتجميد القروض والتسهيلات الميسرة، خصوصاً من هيئة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي. وفي الوقت ذاته جاء في التقرير ان "استمرار الاصلاحات الاقتصادية سيوفر الفرصة لدخول اليمن في شراكة مع صندوق النقد والبنك الدوليين ومعهما الدول المانحة، لتنفيذ استراتيجية للنمو ومكافحة الفقر وتعبئة موارد خارجية تستطيع تطبيقها من خلال المساعدات والتسهيلات الميسرة التي تمنح للدول النامية والمثقلة بالديون". وبلغ عدد سكان اليمن نحو 5.17 مليون نسمة بنهاية العام 1998، وقد ارتفع الى 2.18 مليون شخص في نهاية العام 1999، وينتظر ان يصل الى 9.18 مليون نسمة العام 2001، على اساس معدل للنمو يبلغ 7.3 في المئة، وهو معدل مرتفع يجعل عدد السكان يتضاعف كل 19 سنة. وأشار تقرير اصدرته الاممالمتحدة عن التنمية البشرية الى ان نسبة الفقر ارتفعت في المجتمع اليمني من 1.19 في المئة الى 27 في المئة. وعلى رغم حصول اليمن على مساعدات من البنك الدولي منذ العام 1996 بلغت قيمتها اكثر من 500 مليون دولار لتمويل 13 مشروعاً في مجالات دعم اعادة الهيكلة الاقتصادية والزراعة والتربية والتعليم والتدريب وخلق فرص جديدة وتوفير مياه الشرب ومعالجة اضرار السيول، فإن اليمنيين لم يشعروا بعد بمنافع الاصلاح الاقتصادي التي يلزمها بعض الوقت، إضافة الى مزيد من الدعم المالي، لذلك وافق البنك الدولي على رفع سقف مساعداته وتقديم قروض بقيمة 700 مليون دولار خلال ثلاث سنوات 2000 - 2001 - 2002 وبمعدل 233 مليون دولار سنوياً، مشترطاً ان تواصل الحكومة اليمنية سياستها للاصلاح الاقتصادي والمحافظة على الاداء الجيد في تنفيذ المشاريع، وموضحاً ان "الدعم سيتركز في مجالات تحسين الادارة العامة والخدمة المدنية وخلق بيئة مناسبة للاستثمار الخاص، وتشجيع الاستخدام المستديم للماء والتعليم الاساسي والخدمات الصحية". وفي ظل الاجواء السلبية السائدة، قدرت دوائر رسمية يمنية ارتفاع معدل البطالة سنة 1999 بنحو 30 في المئة، وأفاد تقرير برلماني صدر اخيراً ان تقديرات الحكومة اليمنية لحجم قوة العمل عام 1998 تشير الى ان هناك نحو 4 ملايين شخص يبلغ عدد المشتغلين منهم 2.3 مليون شخص في الفئة العمرية بين 15 و64 سنة. وكانت دراسة اعدها المجلس الوطني للسكان قد اشارت الى ان حجم قوة العمل في اليمن ينمو بمعدل 9.4 في المئة سنوياً ما يعني ان 120 الى 150 ألف شخص يدخلون سوق العمل كل سنة، ويقدر عدد الداخلين الجدد بين 1996 و2000 بنحو 991 ألف شخص اضافة الى 325 ألف عاطل عن العمل الامر الذي يفرض تحديات على الحكومة لتوفير مليون فرصة عمل خلال الخطة الخمسية 1996 - 2000. وأوضحت الدراسة وعنوانها "السكان وتنمية الموارد البشرية" ان سوق العمل اليمنية تتميز بخصائص منها التراجع في نسبة المشتغلين في الانشطة الزراعية من 60 في المئة الى 54 في المئة وانخفاض معدل المشاركة في قوة العمل وتدني مستوى مساهمة المرأة، وارتفاع مستوى البطالة. ويعتبر اليمن بلداً مصدراً ومستورداً للعمالة في آن واحد، اذ يصل عدد المهاجرين اليمنيين الى 700 ألف شخص فيما قدرت العمالة الوافدة اليه بحوالي 330 ألف شخص. وأشارت الدراسة الى ان حجم قوة العمل سيرتفع الى 8.4 مليون شخص سنة 2000 بينما سيصل عدد المشتغلين الى 8.3 مليون شخص والعاطلين الى نحو المليون شخص. لمواجهة كل هذه التطورات، وفي اطار تعزيز الاصلاح الاداري والاقتصادي، اصدر الرئيس علي عبدالله صالح قراراً بتشكيل اللجنة العليا للخطة الخمسية الثانية للسنوات المقبلة، برئاسة رئيس الوزراء عبدالكريم الارياني وعضوية 23 وزيراً، وتضمن القرار اضافة من 6 الى 10 من ابرز رجال الاعمال الى عضوية اللجنة يسميهم مجلس الوزراء، وهي المرة الاولى التي تسند الى القطاع الخاص اليمني مهمة تقع ضمن صميم اعمال الحكومة. وحدد القرار مهمة اللجنة بأن تتولى وضع الاستراتيجيات وأهداف الخطة الكلية والقطاعية والاقليمية ونسب الاعتماد على مصادر تمويل التنمية الداخلي والخارجي واقرار قوائم البرامج والمشاريع الاستراتيجية ذات الاولوية المطلقة. وتقول مصادر وزارة التخطيط ان الخطة الخمسية الثانية تستهدف تحقيق درجات نمو اقتصادي مقبول لا يقل عن 5 في المئة سنوياً، وترسيخ استقرار اقتصادي ومالي واجتماعي يمكن البلاد ضمن استراتيجية بعيدة الامد، من التغلب على الفقر والبطالة. وكانت الخطة الخمسية الاولى 1996 - 2000 قدرت معدل النمو في الناتج المحلي بنحو 2.7 في المئة سنوياً فيما كان متوسطه بين عامي 1990 و1995 نحو 71.3 في المئة. ولكن يبدو ان النتائج الحقيقية كانت خلاف ذلك، حيث وصل معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة الى 2.4 في المئة عام 1999 مقارنة مع 2.3 في المئة العام 1998، وقد ساهم في ارتفاع معدل النمو في العام الماضي عاملان رئيسيان: الاول، زيادة انتاج النفط بنسبة 5 في المئة، والثاني ارتفاع الاسعار بنسبة وصلت الى 35 في المئة كمعدل وسطي للبرميل، وبالتالي ارتفاع الايرادات النفطية، ما ادى الى زيادة الانفاق العام وتسريع نمو كل القطاعات الاقتصادية. ولذلك يبقى الامل في استمرار تحسن اسعار النفط التي تساهم في زيادة العائدات وخفض العجز المالي في موازنة الدولة، مع العلم ان اليمن ليس من دول "أوبك" المنتجة، لكن النفط يشكل 65 في المئة من ايراداته الذاتية في الموازنة، كما تشكل عائداتها اكثر من 95 في المئة من قيمة صادراته الاجمالية