متاعب رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان التي انطلقت من بيرزيت على أثر تصريحاته الشهيرة التي وصف فيها أعمال المقاومة اللبنانية ب"الارهاب"، استمرت داخل فرنسا ووصلت أخيراً إلى جزيرة كورسيكا التي رمت قفاز التحدي في وجه الوزير الأول الفرنسي عندما طالبت جمعيتها الوطنية المحلية باصلاحات عدة رفضها الوزير اميل زوكاريللي المتحالف مع جان بيار شوفنمان وزير الداخلية، وهذا الرفض يتقاطع مع مواقف مشابهة تبناها الحزب الشيوعي والتيار الديغولي، ويهدد بارتفاع أسهم الانفصاليين الذين يطالبون بالاستقلال التام للجزيرة عن فرنسا. ومتاعب جوسبان لا تقتصر على جزيرة كورسيكا، على رغم أهميتها، وإنما تمتد إلى التململ داخل النقابات، فرئيس الحكومة نجح في تطبيق اصلاح ساعات العمل وخفضها من 39 ساعة إلى 35 ساعة. وفرض هذا الاصلاح على القطاع الخاص، فيما القطاع العام يتطلع إلى المعاملة بالمثل، وهو ما يرفضه رئيس الحكومة، الأمر الذي انعكس اضرابات في المترو والقطارات والبريد وقطاع الضرائب والتربية وغيرها، ومن المنتظر ان تنتقل هذه الاضرابات إلى الشوارع العامة. وهناك نوع آخر من المتاعب التي تواجه جوسبان، فالوزراء يرفضون تحمل مسؤولية مشاريع الاصلاح الحكومية خشية أن تؤدي إلى تدني شعبيتهم وتؤثر بالتالي على طموحاتهم المستقبلية السياسية. ويرى محللون ان هامش المناورة أمام جوسبان على الصعيد الحكومي بات محدوداً، فهو لا يستطيع العمل ضد الائتلاف الحكومي اليساري ولا يستطيع التزام الصمت تجاه جمود الحكومة، وفي الحالتين لن يجني إلا النتائج السلبية. وإذا أراد جوسبان "التعدي" على صلاحيات رئاسة الجمهورية، كما فعل في إسرائيل، فإنه سيغامر بانحسار الرأي العام من حوله، خصوصاً ان امتناعه عن الاستجابة لدعوة شيراك للقاء به بعد عودته من الشرق الأوسط، لقي ردود فعل سلبية لدى العديد من الفرنسيين الذين يحترمون مؤسساتهم وصلاحيات ممثليهم في التراتبية الجمهورية.